واسط / جبار بچاي
إصراره الشديد وتحديه للظروف التي مر بها خلال رحلته التي بدأت منذ سبعة شهور، بدأها من بلده الصين، لا ينسجم مع بنيته الجسمانية وعمره البالغ 18 ربيعاً، ذلك هو الرحال الصيني الشاب «تشانغ»، الذي وصل العراق مؤخراً فأعجب بكرم العراقيين وثقافتهم بعد أن حل ضيفاً في الكثير من البيوتات، كان آخرها في قضاء النعمانية بمحافظة واسط.
قضى «تشانغ» نهاراً كاملاً وليلة في هذه المدينة الجميلة التي تغفو على أكتاف دجلة، حيث التقى شبابها وتبادل الحوارات معهم، زار ضريح المتنبي وبساتين النعمانية والسوق الكبير فيها، وتطلع إلى جمال دجلة واستمتع كثيراً ببراءة أطفال المدينة، حيث دون عنهم الكثير من الملاحظات في دفتر مذكراته الصغير.
كيف وصل الشاب الصيني إلى هذه المدينة وما هي رسالته التي أراد إيصالها إلى أقرانه الشباب في البلدان التي مر بها، خاصة العراقيين؟ عن ذلك يقول المصور الشاب حيدر عمران من قضاء النعمانية: «مجيء تشانغ كان صدفة ولم يكن مخططاً له، حيث دخل العراق منذ عدة أيام في طريقه إلى الأردن لإكمال رحلته. وقد وردني أن شاباً أجنبياً يقود دراجة هوائية عند الحدود الفاصلة بين محافظتي واسط وبابل، فسارعت بالذهاب إليه وأقنعته بالمجيء معي بعد ساعة من محاولات الاقتناع لصعوبة فهم اللغة بيننا، وقد اعتمدنا على برامج الترجمة التي سهلت علينا الكثير». وأضاف: «حين وصل المدينة ليلاً أبهره جمالها وحركة الناس فيها فاطمأن كثيراً، بل إنه انبهر بالحفاوة والكرم وواجب الضيافة، حيث تسابق الناس كباراً وشباباً في تقديم الخدمة له، فزادت لديه الرغبة في التعرف على المدينة وشواهدها الحضارية والتراثية. زار قبر الشاعر المتنبي ونهر دجلة والبساتين التي تناول تمرها وكرومها، وتجول في أسواق المدينة واطلع على حياة الناس فيها، ومزح كثيراً مع الأطفال ولعب الكرة معهم».
يقول «تشانغ»: «منذ أن فكرت بالقيام بهذه الرحلة، واجهت الكثير من الصعوبات، وأولها موافقة عائلتي على هذه المغامرة، لقد كانوا رافضين للفكرة أصلاً لصغر سني أولاً، ولحتمية مواجهة الصعوبات، سيما أن البلدان التي لابد من المرور بها تشهد صراعات داخلية ومواجهات واختلافات عرقية واجتماعية وسياسية كثيرة ومعقدة».
وأضاف: «كنت حريصاً على خوض المغامرة، فهي مفيدة لي شخصياً، وتحقق ذلك، حيث اطمأن أهلي وأقاربي وأصدقائي هناك حين زودتهم بالكثير من الصور والمعلومات، والأمان في المناطق التي مررت بها، بعد أن شملت جولتي عدداً من البلدان منها أذربيجان وأرمينيا وإيران وتركيا والعراق. وسأواصل المسير نحو الأردن ثم مصر وغيرها من البلدان، حاملاً معي رسالة محبة وسلام ووئام، خاصة للشباب، ومنهم الشباب في العراق وفي مدينة النعمانية الذين وجدتهم يحملون أفكاراً جميلة، وكل منهم عبارة عن موسوعة ثقافية وتاريخية عن بلده ومدينته، وهذا أعجبني كثيراً». وأكد أن جولته مضى على انطلاقها نحو سبعة أشهر لكنها «كانت ممتعة جداً ومفيدة رغم الصعوبات أحياناً فيما يتعلق بطرق المواصلات والظروف الجوية المختلفة بين بلد وآخر. وتبقى رسالتي التي أريد إيصالها إلى أقراني الشباب هي الدعوة إلى المحبة والسلام والوئام ونبذ التطرف والخلافات، والحرص على التعلم، ومن المهم جداً أن يغامروا ولا يترددوا، فبعض المغامرات تقود إلى الاكتشافات المبهرة وتصنع نجاحات مميزة».