الأنبار / محمد علي
في محافظة الأنبار، يشهد قطاع التعليم العالي تحولاً واضحًا، حيث تزايد الإقبال على الجامعات والكليات الأهلية في ظل تراجع أعداد المسجلين في الجامعات الحكومية. هذه الظاهرة تثير تساؤلات حول أسباب هذا التحول، الذي تتداخل فيه كل من العوامل الأكاديمية، الاقتصادية، والأمنية.
ويقول الأكاديمي أحمد الراشد، خلال حديث لـ(المدى)، «لا يوجد عزوف من قبل الطلبة عن الجامعات الحكومية، حيث يوجد قبول مركزي من الوزارة لا يمكن لأحد التلاعب به، ومن خلاله يتم تحديد أعداد الطلبة». ويضيف أن «أعداد الطلبة تزداد في جامعة الأنبار وخاصة في الدوام الصباحي، حيث وصلت الآن إلى 31 ألف طالب وطالبة موزعين على 18 كلية». مشيرًا إلى أن «هذا العام تمت إضافة كلية جديدة وهي كلية العلوم السياسية».
ويُوضح الراشد أن «العديد من الطلبة معدلاتهم لا تؤهلهم للقبول في الجامعات الحكومية، لذا يتوجه عدد كبير منهم إلى الكليات الأهلية التي تقبلهم». ويشير إلى أن «من مميزات الجامعات الحكومية أنها أكثر التزامًا حتى في الدوام المسائي، بالإضافة إلى تطبيق الزي الموحد، في المقابل تكون أقساط الكليات الأهلية مرتفعة، على عكس الأقساط في الكليات المسائية بجامعة الأنبار التي تكون أقل بكثير». ويكمل الأكاديمي أن «الجامعة وضعت الكثير من الخطط لجذب الطلبة، من توفير المختبرات والأماكن والنوادي الطلابية، وغيرها من الأمور الأخرى التي تهم الطالب».
من جهته، يبين الناشط المدني عمر الهاشمي، خلال حديثه لـ(المدى)، أن «في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها محافظة الأنبار، شهدت الكليات الأهلية زيادة ملحوظة في عدد الطلاب المتقدمين لها، بينما لوحظ عزوف متزايد عن الجامعات الحكومية».
ويضيف أن «نقص المقاعد في الجامعات الحكومية يُعزى جزء كبير من هذا الإقبال إلى النقص في عدد المقاعد المتاحة في الجامعات الحكومية، ومع تزايد عدد خريجي المرحلة الثانوية، أصبح من الصعب على الطلاب الحصول على فرصة للدراسة في هذه الجامعات. وبحسب إحصائيات رسمية، تظل الجامعات الحكومية غير قادرة على استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة، مما يدفع الكثيرين للبحث عن بدائل في الكليات الأهلية».
ويوضح أن «بيروقراطية وإجراءات قبول طويلة من الأسباب الأخرى التي تؤثر على هذا الاتجاه هي الإجراءات الإدارية المعقدة والطويلة في الجامعات الحكومية، حيث يُشكو العديد من الطلاب من صعوبة الالتحاق بالجامعات الحكومية بسبب البيروقراطية، مما يجعل الكليات الأهلية تبدو كخيار أكثر سهولة ومرونة». ويبين أن «مرونة الأكاديميات في الكليات الأهلية تُقدم خيارات أكاديمية متعددة وبرامج دراسية محدثة تتماشى مع احتياجات سوق العمل».
وأشار بعض الطلاب إلى أنهم يجدون في هذه الكليات فرصة لتحقيق تطلعاتهم الأكاديمية بشكل أسرع وأفضل مقارنة بالجامعات الحكومية. ويشرح الناشط المدني أن «بعض الكليات الأهلية تستقطب الطلاب من خلال توفير مرافق حديثة وتكنولوجيا متقدمة، مما يمنحهم تجربة تعليمية متميزة، ويُلاحظ أن سمعة بعض الكليات الأهلية بدأت تتفوق على الجامعات الحكومية في مجالات معينة، مما يزيد من الإقبال عليها».
ويتابع أن «العوامل الأمنية والاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في هذا الاتجاه، حيث يُعتبر الوضع الأمني في بعض المناطق تحديًا، مما يجعل الطلاب وأسرهم يفضلون اختيار الكليات الأهلية التي توفر بيئة تعليمية أكثر أمانًا». ويؤكد الهاشمي أن «مستقبل التعليم في الأنبار يظل مرتبطًا بقدرة المؤسسات التعليمية على التكيف مع الاحتياجات المتغيرة للطلاب والمجتمع».
وفي 15 آذار/ الماضي، أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن تسجيل أكثر من 6700 طالب أجنبي في الجامعات العراقية ضمن مبادرة "أدرس في العراق" ومن 91 دولة عربية.
ويبلغ عدد الجامعات والكليات الأهلية في العراق أكثر من 66 جامعة، معترف بها رسميًا من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، منها 8 في إقليم كردستان، وتضم هذه الجامعات أكثر من 570 قسمًا في اختصاصات الطب والهندسة والعلوم الإنسانية. أما عدد الجامعات الحكومية فهو 35.
وتضم محافظة الأنبار عددًا من المؤسسات التعليمية التي تقدم خدمات التعليم العالي، بما في ذلك كليتان أهليتان خاصتان، حيث تلبيان احتياجات الطلاب الباحثين عن التعليم في القطاع الخاص. إضافة إلى ذلك، يوجد في المحافظة جامعتان حكوميتان رئيسيتان: جامعة الأنبار، التي تعتبر من أكبر وأهم الجامعات الحكومية في المنطقة، وجامعة الفلوجة، التي تقدم مجموعة واسعة من التخصصات الأكاديمية وتساهم بشكل كبير في تطوير الموارد البشرية في المحافظة. وتتيح هذه المؤسسات للطلاب فرصًا متنوعة للحصول على تعليم عالٍ متقدم في مختلف التخصصات.