ديالى / محمود الجبوري
انتقدت أوساط شعبية ورسمية في ديالى الصمت الحكومي حيال مشاريع الطرق في المحافظة التي تنفذ بعيداً عن المواصفات الفنية والميدانية اللازمة، مؤكدين أن 70% من المشاريع «كارتونية» بسبب الفساد وغياب الرقابة وانعدام خبرة الشركات المحلية.
وأشارت مصادر من محافظة ديالى إلى أن 60% من مشاريع الطرق تخالف المواصفات الفنية وتُنفذ بتكاليف مبالغ فيها، مع الإشارة إلى وجود خطط لفرض رسوم على الشاحنات والمركبات لإعادة إعمار الطرق المتضررة.
الناشط المدني مراد السعيدي صرح لـ(المدى) بأن مشاريع الطرق «كارتونية» تتحول إلى ركام وحفر مميتة بعد أشهر قليلة من إنجازها، مع تكاليف مالية تفوق بكثير الكلف المقررة. ووصف أعمال إعادة الإكساء في طرق المحافظة بأنها «ترقيعية» ومحاولة لإخفاء عيوب الفساد والهدر.
السعيدي حمل الجهات المعنية مسؤولية تدهور طرق ديالى الرئيسية والمحلية بسبب غياب الإجراءات العقابية الفعالة وسوء أداء لجان الرقابة. وأكد أن غياب الرصانة في بناء الطرق يعود لعدم استخدام مواد أولية تلبي احتياجات المحافظة، التي تعتبر ممراً تجارياً استراتيجياً بين الوسط والجنوب من جهة، والمحافظات الشمالية من جهة أخرى.
الفساد وغياب الخبرات:
الخبير الاقتصادي ومستشار محافظ ديالى لشؤون الإعمار والاستثمار سابقاً، راسم إسماعيل العكيدي، أوضح أن سوء تنفيذ مشاريع الطرق يعود إلى الفساد وغياب الرقابة المالية والإدارية، حيث أشار إلى أن جميع مراحل تنفيذ هذه المشاريع تخضع لممارسات مشبوهة تبدأ من الكشف الفني في الدوائر المعنية مروراً بالمهندس المقيم وانتهاءً بالشركات المنفذة.
العكيدي أضاف لـ(المدى) أن الكشوفات الفنية للمشاريع تفتقر إلى الدقة وتحتوي على الكثير من الثغرات، وهي بعيدة كل البعد عن المواصفات المطلوبة والتكاليف الحقيقية. وأشار إلى أن الشركات المحلية تفتقر إلى الخبرة اللازمة في تنفيذ مشاريع الطرق، وأن الأولوية تعطى لتحقيق الأرباح على حساب الجودة.
وأضاف العكيدي أن مشاريع الطرق «تباع» بشكل غير مباشر وتحت أغطية قانونية، مما يؤدي إلى ضعف في بنية المشاريع وسرعة تدهورها. وأشار إلى أن الكشوفات وأعمال التسليم غالباً ما تتم داخل المكاتب، بعيداً عن المعايير الميدانية والرقابية.
الدعوة إلى تعزيز الرقابة
وفي ختام حديثه، شدد العكيدي على ضرورة إخضاع المهندسين المقيمين ولجان الإحالة والتسليم إلى الرقابة المستمرة لضمان تنفيذ مشاريع مقبولة ومعايير جودة أعلى، بدلاً من مشاريع هدر تفقد جميع المواصفات المطلوبة وتكبد المواطن خسائر فادحة.
في حديثه لـ(المدى)، أكد مدير طرق وجسور ديالى السابق، هاني غازي العزاوي، أن مشاريع الطرق تنفذ حالياً بمواصفات عالية بعد معالجة 90% من المشكلات السابقة. وأرجع العزاوي مشاكل الطرق في الفترات السابقة إلى تأخر تشغيل محطات أوزان المركبات وسوء استخدام الطرق من قبل الشاحنات ذات الأحمال الثقيلة.
غازي كشف أن محافظة ديالى كانت الأولى في تشغيل أربع محطات لأوزان المركبات على الطرق الرئيسية، وهو ما ساهم في معالجة نسبة كبيرة من مشاكل الطرق. كما أكد على ضرورة فرض رقابة صارمة على المركبات والالتزام بالأوزان المقررة للحفاظ على البنية التحتية.
وفقاً لإحصائيات شبه رسمية، فإن خسائر ديالى نتيجة المشاريع غير المطابقة للمواصفات خلال السنوات الماضية تجاوزت 20 مليار دينار سنوياً.