TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمودالثامن: كيف تتخلص من مسؤول مشعوذ؟

العمودالثامن: كيف تتخلص من مسؤول مشعوذ؟

نشر في: 9 أكتوبر, 2024: 12:05 ص

 علي حسين

تزدهر على ارض الرافدين هذه الأيام، صناعة الشعوذة، وتنتشر برامج ممارسة فنون الدجل والانتهازية على شاشات التلفزيون وفي الصحف ووكالات الأنباء.. ويظهر على الملأ مقاومو الأمريكان، ومحررو الأرض العراقية شبراً شبراً، يختلفون في الأسلوب ويلتقون في رفع عدد الكوارث التي تعرض لها الشعب العراقي بسببهم.
بطولات من نوع مضحك أو من نوع أكثر إضحاكاً.. فهناك السياسي الذي افلس في تقديم خدمة لناخبيه فراح يهاجم الإمبريالية العالمية التي تآمرت عليه وجندت مخابراتها لإسقاط مشروعه النهضوي.. وهناك من يخبرنا بأن هناك محاولة لاغتياله لأنه رفض ان يساوم على إرث العراق وتاريخه، مجموعة احاديث وقفشات يمضي معها العراقيون لياليهم ويحصون كل يوم، ما تحقق من وعود السياسيين، وما لم يتحقق، وكانت النتيجة بحدود صفر على صفر.. مَن مِن الناس سوف يتذكر ان احد النواب او المسؤولين قدم مشروعاً وطنياً خالصاً.. لكنهم يتذكرون حتما ان مسؤولينا يتقاتلون من اجل مصالحهم بدليل ان العديد منهم يسعى اليوم الى تحويل الانتخابات البرلمانية الى دكاكين عائلية، فوجدنا النائب الذي يضع صورة ابنه او زوجته او شقيقه إلى جانبه ويطالب الناس ان تنتخبهم عملا بالمثل الشعبي القائل "الشين اللي تعرفه احسن من الزين اللي متعرفه" وبما أننا نعرف نوابنا الأفاضل جيدا وجربنا "مرّهم" وتجرعنا "علقمهم"، فما الذي يدفعنا أن نجرب "علقما" جديدا ممن لم تختبره حناجرنا؟
لا يعترف المسؤول “الفاشل" بالخطأ ويعتقد ان "الخطأ والصواب" لا علاقة لهما بالفشل، فالأمور لا تتعدى "تجارب تخطئ وتصيب" وحين يتقدم بلد مثل العراق سُلّم البلدان الأكثر فساداً ونهباً للمال العام.. فان الأمر يدخل أيضا في قائمة "تجارب الهواة"، فلا مشكلة ان يتدرب " الأميون " لإدارة مؤسسات الدولة؟ وأين المشكلة حين يدير أمور العباد، أناس لم يدخلوا يوما مكتبة عامة، ولا يفرقون بين كتاب الطبخ، وكتاب الاقتصاد، ويعتبرون التمثيل حراماً والغناء رجساً من عمل الشيطان، والفارابي مارقاً لأنه كرَّس حياته لكتابة موسوعة عن "الموسيقى " بدلا من ان يكرسها لشرح أحكام لبس النقاب، والبحث عن الأسانيد التي تجيز تزويج الفتاة بعمر تسع سنوات.
يكتب ستيفان زفايج في كتابة "عنف الدكتاتورية" ان الاعتبارات السياسية تنتصر دائماً على الأخلاق، ويروي لنا، كيف ان مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب زفايج عام 1936 في قمة صعود النازية، خشي من بطش هتلر فكتب حكاية دارت أحداثها قبل نصف قرن عن المستبد الجاهلي الذي يريد ان يؤسس لدولة "الهواة"، فنجد كيف ان المؤسسة السياسية ومن خلال شعاراتها المتخلفة تريد ان تتحكم بعقول الناس، وتسعى لأن تجعل من الجماهير وقوداً في حروب السلطة، ألم يخبرنا المالكي ان الساحات يمكن ان تمتلئ بشيوخ العشائر الذين سيعيدون حتماً هتاف: " نموت، ونموت ليحيا المختار"، فيما الشباب بلا عمل، والناس لا تجد سوى المفخخات ترافقها صباح مساء، لتجبرها على ان تحمل أكفانها أينما ذهبت؟!
ولأننا أيها السادة المشعوذون لا نملك غير أصواتنا، وانتم تملكون الحظوة والمال، فإننا نرفض هذه المرة ان نساق الى مهرجان أبطاله مزيفو الوطنية، ولهذا فالحل الوحيد للوقوف أمام هذه النماذج هو ان نفرض كلمة “لا” وان نبدأ بحملة مقاطعة لمهرجاناتهم، وان نتوقف عن التعامل معهم، وان نجعلهم يدركون جيدا أننا لسنا بحاجة الى بضاعتهم الفاسدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram