بغداد / نبأ مشرق
في ظل تزايد النزعات الاستهلاكية الرفيعة، يبرز اقتناء أرقام السيارات المميزة كظاهرة تعكس التفاخر الاجتماعي والبحث عن التميز الشخصي. ومع ارتفاع أسعار تلك الأرقام في المزادات العلنية، تتزايد التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا السلوك، وهل هو مجرد تفاخر اجتماعي أم أن هناك اضطرابات نفسية كامنة تدفع البعض نحو هذا الاتجاه.
الأساس القانوني لبيع الأرقام المميزة
وأوضح العقيد حيدر شاكر، مدير شعبة الإعلام في مديرية المرور العامة، في تصريح لـ(المدى)، أن «دائرة المرور العامة تعد دائرة خدمية تهدف إلى تقديم الخدمات لجميع المواطنين بشكل متساوٍ، دون تمييز بين فئات المجتمع العراقي».
وأضاف أن «موضوع الأرقام المميزة التي تعلن عنها المديرية بين الحين والآخر يتم طرحها عبر الموقع الرسمي للمرور». وأشار شاكر إلى أن «كل من يرغب في شراء رقم مميز يمكنه التوجه إلى قسم الحسابات لدفع مبلغ التأمين المطلوب، ومن ثم يدخل الرقم في مزايدة علنية تُجرى بحضور لجنة مختصة من وزارة المالية، وبإشراف مباشر من مدير المرور العامة». وأوضح أن «المزايدة تهدف إلى تحديد الشخص الذي يقدم أعلى سعر لشراء الرقم المميز».
المخاوف من الفساد المالي
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي عبد السلام حسين، في حديث لـ(المدى)، إن «بيع الأرقام المميزة للسيارات يدخل ضمن دائرة الفساد، حيث يتم بيع هذه الأرقام دون وضوح في مصير الأموال التي يتم جمعها».
وأوضح حسين أنه «ليس من المعقول بيع الأرقام المميزة دون معرفة أين تذهب الأموال المتحصلة منها. وعندما استفسرنا من مدير المرور السابق، أبلغنا بعدم وجود أي معلومات بشأن تسليم تلك الأموال إلى الجهات المختصة». وأضاف حسين أن «أغلب من يقتنون هذه الأرقام الباهظة هم أشخاص مرتبطون بجهات نافذة، وهم ليسوا ممن تعبوا في جمع أموالهم. ولا أعتقد أن هناك نية استثمارية حقيقية وراء شراء هذه الأرقام، بل هي مجرد وسيلة للتفاخر».
اضطراب نفسي أم سعي وراء التميز؟
من جانبه، قال الباحث الاجتماعي أحمد الذهبي لـ(المدى)، إن «انتشار ظاهرة البحث عن المجد والتباهي بين أفراد المجتمع أصبح أمرًا شائعًا، حيث يسعى البعض إلى بناء أمجاد وهمية عبر اقتناء أرقام مميزة بأسعار خيالية تصل أحيانًا إلى مليون دولار». وأشار الذهبي إلى أن «هذه الشخصيات، في الغالب، لم تحقق إنجازات أكاديمية أو علمية، لكنها تسعى لتعويض نقص داخلي من خلال شراء هذه الأرقام الفاخرة».
وأضاف الذهبي أن «من الناحية النفسية، هؤلاء الأفراد يعانون من فراغ واضطراب نفسي، ويشعرون بالنشوة والانتصار عند اقتناء رقم مميز، رغم أن ذلك لا يضيف شيئًا حقيقيًا لشخصيتهم أو مكانتهم». وأكد أن «معظم من يعانون من هذا الهوس هم ضحايا لاضطرابات نفسية تؤثر على تصرفاتهم وسلوكياتهم».
وفي تصريح لـ«(المدى)»، قال صاحب سيارة تحمل رقمًا مميزًا، الذي فضل استخدام الاسم المستعار مروان أحمد: «اشتريت الرقم المميز كنوع من التفاخر، وفي الوقت نفسه كاستثمار. اقتنيت الرقم قبل حوالي ثلاث سنوات بمبلغ 1500 دولار، والآن تقدر قيمته بحوالي 10 آلاف دولار».