متابعة/ المدى
تتوقع وزارة التخطيط تراجع البطالة في البلاد، مقارنة بالأعوام الثلاثة السابقة، بفضل إجراءات التشغيل واستيعاب أعداد كبيرة من الخريجين ضمن الدوائر الحكومية، وتحديداً أصحاب الشهادات العليا (ماجستير، دكتوراه)، وإطلاق منصات حكومية للتوظيف، لكن كل الوظائف التي أطلقتها الحكومة تعتمد على الميزانية المالية للدولة، وهذا ما ينتقده مراقبون وخبراء في الاقتصاد، من دون فتح المعامل والمصانع المعطلة منذ أكثر من عقدين.
وأعلنت وزارة التخطيط، عن إجراء مسح اقتصادي واجتماعي جديد للأسر العراقية، وأن التوقعات تظهر وجود تراجع بمعدلات البطالة مقارنة بعام 2021، لافتةً إلى أن المشاريع التنموية والنهضة الاقتصادية التي يشهدها العراق بعهد الحكومة الحالية ساهمت بتراجع نسب البطالة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، إن "نسبة البطالة في آخر مسح أجرته هيئة الإحصاء في عام 2021 بلغت 16.5%، حيث كانت البطالة مرتفعة بين النساء بنسبة حوالي 28%، بينما كانت لدى الرجال 14%".
وأوضح الهنداوي، أن "مسح عام 2021 تم تنفيذه في ظل ظروف استثنائية بسبب جائحة كورونا، حيث تسببت الجائحة في توقف العديد من الأنشطة والمشاريع، مما أدى إلى رفع مستويات البطالة في البلاد. وتم تنفيذ مسح جديد، وهو المسح الاقتصادي والاجتماعي للأسرة، وستظهر نتائجه قريباً لتقديم صورة دقيقة عن الوضع الراهن".
ومضى يقول إن "التوقعات تدل على إمكانية انخفاض نسب البطالة في العراق، خاصة في ظل المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها حالياً"، لافتاً إلى أن "التعداد العام للسكان الذي سينفذ في شهر تشرين الثاني المقبل سيساهم أيضاً في تحديد معدل البطالة بدقة أكبر".
وأكد أن "العراق شهد في السنتين الماضيتين بداية تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية، سواء كانت جديدة مثل مشاريع فك الاختناقات المرورية والمجمعات السكنية، أو استئناف العمل في المشاريع المتوقفة، وهذه المشاريع أسهمت بشكل كبير في توفير فرص عمل جديدة، وهو ما يساهم في خفض معدل البطالة".
وتعد مشكلة البطالة في العراق، من أبرز التحديات التي واجهت الحكومات العراقية عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، وتؤكد جميع الأرقام أنها آخذة بالاتساع، ومعها يرتفع مؤشر الفقر في دولة غنية بالنفط.
كما يتزايد أعداد خريجي الجامعات الذين لم يتمكّنوا من الحصول على وظائف، بسبب عدم وجود رؤية حقيقية لدى الدولة العراقية، فضلاً عن عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي.
وشهدت البلاد موجات احتجاجات كبيرة من الشباب المعطّلين عن العمل في محافظات عراقية عديدة، لتصل إلى إغلاق مؤسسات الدولة، ومقار الشركات النفطية في جنوبي العراق، ولا تتراجع هذه الاحتجاجات بالرغم من الوعود التي تطلقها الحكومات بالعمل على الحد من البطالة والفقر في البلاد.
وكانت وزارة التخطيط قد أشارت إلى أن نسبة البطالة في العراق بلغت 16.5%، بموجب المسح الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، من مجموع السكان النشطين اقتصادياً. وذكرت الوزارة في بيان، أن "هذه النسبة ترتفع لدى النساء بأكثر من 25% مقارنة مع الذكور إذ إنها تتراوح بين 11 و12%".
في السياق، قال رئيس حراك "البيت العراقي" محي الأنصاري، إن "النظام الحاكم في العراق بعد عام 2003 عمد إلى مسك السلطة من خلال الاقتصاد الريعي ورشوة المجتمع عبر التوظيف العشوائي غير المنتج في القطاع العام والذي يعد الأسوأ والأكثر ترهلاً عالمياً".
وأضاف، أن "الحكومات المتعاقبة لا تكف عن تضليل الرأي العام العراقي وربط العمل بالتوظيف في المؤسسات الحكومية، حتى أصبح العراق ينفق نحو 80% من ميزانياته على رواتب الموظفين، وهي بالأساس تزداد مع كل أزمة يعانيها النظام السياسي في مشروعيته الداخلية والتي لا يجد سبيلاً لمعالجتها سوى رشوة المجتمع بالوظائف".
وأكمل الأنصاري أن "التصريحات التي تطلق بين الحين والآخر لتفعيل القطاع الخاص والاستثمار لا تتعدى كونها فقاعات للاستهلاك الإعلامي المحلي كون النظام العام عاجزاً عن مواجهة الفساد المستشري في جميع قطاعات المؤسسات الحكومية ويرتد بشكل مباشر على أي خطوة تذهب لمأسسة الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص الذي يصطدم ببيروقراطية الإجراءات وسيطرة اقتصاديات الأحزاب المسلحة وباقي مافيات الفساد على جميع مفاصل الاقتصاد العام والخاص في البلاد".
من جانبه، بيَّن الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، أن "البطالة في العراق تتعاظم ولا تتراجع، بسبب النمو السكاني المتزايد سنوياً بمعدل مليون نسمة، ما يعني أن نحو نصف مليون فرد يدخلون إلى سوق العمل، ما يعني أن هناك حاجة لخلق مساحات عمل غير القطاع الحكومي".
وذكر، أن "ارتفاع معدلات البطالة تحتاج إلى جهد وطني كبير، حيث وصل معدل البطالة إلى أكثر من 35% من نسبة الشباب في العراق".
ولفت المرسومي إلى أن "العراق يحتاج إلى تنويع الاقتصاد العراقي، وتحديد الأنشطة الإنتاجية السلعية والخدمية، من خلال استحداث أنشطة جديدة تخلق فرص عمل وتشغيل الشباب، ناهيك بإعادة تفعيل المعامل والمصانع التي تعطلت بعد الاحتلال الأميركي".
ولا يوجد إحصاء دقيق حول أعداد العاطلين عن العمل في البلاد، لكن العدد يقترب من 5 ملايين عاطل عن العمل في بلد يعوم على النفط. الأسباب متعددة، منها عدم وجود مصانع ومؤسسات ودوائر تستوعب هذه الأعداد الآخذة في التزايد سنويا، مع تخرّج مئات الآلاف من الشباب من الكليات والمعاهد، فضلاً عن غير المتعلمين.
المصدر: وكالات