TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: فضفضةٌ لا غير

قناطر: فضفضةٌ لا غير

نشر في: 13 أكتوبر, 2024: 12:03 ص

"أنْ تكتب عملاً كبيراً ومهماً أفضل من أنْ تكون بصحة جيدة"
سارتر

طالب عبد العزيز

هذا الخريف الذي مازال نصفه في الصيف يجعلني أكثر حنقاً، أما الشتاء فيشيخ وحيداً في قرية بعيدة، وآراء أولادي في الدين والسياسة والطوائف تثير رغبتي في الصمت، وشوارع المدينة التي تمشي بي في النهار فهي قلما تنتهي بالمكان الذي اريد. المقهى، حيث يجلس الأصدقاء مأوىً ما عدتُ انتظر بلوغه بشوق، أحبُّ المدينة هذه، لكنني أتطلع الى العيش في أخرى، دائماً ثمةَ مكان أجمل، أقلَّ صخباً، وأليق بالإنسان.
أعرفُ أنَّ الشعرَ، الخلاص الاخير لن يعثر في قلبي على ضالته، وأنا في سوْرة الضجر هذه، هو في مكان بعيدٍ أيضاً، مثل الشتاء، الذي تأبّى السنةَ هذه، لكنني سأحاوله، كأسُ النبيذ حمراء وزجاجيّة أحياناً، فهي تمتلئ وتفرغ، بحسب ما أسمعُ، وأقرأ، وأعاين. الصفحاتُ الزرقُ أكثر من سخيفة، والأصدقاء المكررون في الهاتف يبعثون برسائل مقززة، “صباحات الخير” قاتلة أيضاً، وأشد قتلا منها “المساءات” أما “الجُمعات المباركة” فلفرط كراهتي لها كثيرا ما أذهب الى الفراش، أعيدُ حسابي مع الأيام، أحصي أصابعي، علني أجدُ فيها ما يجعلُ الأسابيع بلا جمعات. كان أبو حيّان التوحيدي يسمي افلاطون وارسطو وسقراط رهطاء الكفر.
في مثل حالات كهذه يتوجب على المرء أنْ يفضفضْ، يفضفضُ فضفضةً، وسحابةٌ فضفاضةٌ كثيرةُ الماء، وامرأةٌ فضفاضةٌ كثيرةُ اللحم، والفضفضةُ تعني أيضاً أنها طاقةٌ زائدة داخل الانسان.. يالها من مفردة عظيمةٍ، إذن فلأفضفض، فوالله، لا أجدني غير ذلك. في مصنفه الأعظم (أدبُ الكاتب) الذي احتفظ بنسختي منه قبل نصف قرن ويزيد، يكتب ابن قتيبة الدَّينوَري:” رأسُ الخطِّ النقطة، والنقطة لا تنقسم، والكلام أربعة: أمرٌ وخبرٌ واستخبارٌ ورغبةٌ. ثلاثة لا يدخلها الصدقُ والكذبُ، هي الامرُ والاستخبارُ والرغبةُ، وواحدٌ يدخله الصدقُ والكذبُ وهو الخبر” . لكنهُ، وبما انطوت عليه نفسه كان يقول:” صارَ العلمُ عاراً على صاحِبه، والفضلُ نقصاً، وأموالُ الملوك وقفاً على شهوات النف
حين تعصف بروحك الرغبات القِ بنفسك من النافذة، وعندما يتحول لون الغيم الى الأسود دع الستارة على اليمين، المصادفة حسب هي جعلتك آمناً، الى غرفةٍ في الطابق الثاني أخذتُ ديوان المعرّي، كان النحيبُ كافياً لتحترق غابة النخل. ظلّت الريحُ تُعْولُ ولم تتغير الطريق الى منزلها. يا نيكول كيدمان، الأزرق لا يعني علبة الدواء التي في حقيبتك. ليس السكرُ تطفلاً على الواقع، وما هو محاولة في نسيانه، إنهُ إرادةٌ في نبذه، وتجاوزه، ما تفعله الخمرة في نفوس البعض هو محاولة في تجاوز الزمن. هناك أمكنة تضيق بساكنيها، الدين والسياسة والطوائف والقبائل أسلاك شائكة تسوّر حياة البعض، تطرد البلابل والزهور والألوان ومناديل الحرير عنها، وحيث هي كذلك، لا سبيل لاستردادها إلّا بما تجود به ابنةُ الكرم.
لقد شحُبتَ كثيراً، مَنْ الذي قذف بكلِّ هذا الليمون عليك! أجلسُ مثلَ أصيص وحيد، استلقي مثل سلة قرنابيط، ذلك ما تفعله القصائد التي لا تجيء، ما ينتجه الجسد الغريب، ما اتنفسه وأنا ميت. أنْ ترصفَ المكعبات فوق بعضها بيسر ذلك ما تريد. الطفولة مكعبٌ لا يسقطُ حين تضعه على آخر يترنح. هو سارتر الذي يقول:” على الكاتب أن يتحدث عن نفسه كلها حين يتحدث عن العالم».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المرور تصدر تنويهاً بشأن قطع جسر في بغداد

نتنياهو: قتلنا السنوار لكن الحرب لم تنته

الحكومة تعتزم المضي بجولة تراخيص جديدة للغاز العراقي.. ماذا ستضيف؟

لوك أويل" تقدم إيجازاً للسوداني عن عملها في حقلي غرب القرنة وأريدو

الطلاق يشتت الأسر العراقية: 9 حالات كل ساعة!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: مطاردة الرأي الآخر!!

العمودالثامن: أين اختفى نور زهير؟

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

العمودالثامن: الكاتب الحقيقي

 علي حسين ذات ليلة من ليالي الشتاء دوّت رصاصة من بندقية عتيقة لتنهي حياة أشهر كتـاب القرن العشرين "ارنست همنغواي"، وكان قبل ذلك بساعات يجلس ليكتب، يدون تأملاته: "يوما واحدا من دون ان...
علي حسين

كلاكيت: فرهادي يكتب عن الصورة

 علاء المفرجي من الصورة الى الصورة. كيف يكتب السيناريو، كتاب للمخرج الإيراني الحائز على الأوسكار مرتين، أصغر فرهادي، والكتاب يمثل مساقا تثقيفيا شاملا ومتكاملا عن السينما كما رآها فرهادي، وخبرها.. وأعيد هنا ما...
علاء المفرجي

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

محمد الربيعي* التجربة الهولندية(لماذا يعتبر النظام التعليمي في هولندا من افضل الانظمة التربوية في العالم؟) (الحلقة 8)من منا كان يتصور ان دولة صغيرة مثل هولندا ستصبح مصدر الهام للعالم اجمع في مجال التعليم؟ فبفضل...
د. محمد الربيعي

ضجيج الدجاجة:عندما يتحول الصخب إلى أداة لتسويق الوهم

د. طلال ناظم الزهيري عالم اليوم يزخر بالضوضاء والضجيج التي يفتعلها أشخاصًا يسعون جاهدين لتسويق أعمالهم البسيطة على أنها إنجازات عظيمة وذلك من خلال إثارة الضجيج حول ما يقومون به في محاولة منهم لتضخيم...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram