ترجمة عدنان علي
تحاول بكين من خلال سياسة تتبعها اضفاء الطابع الصيني على البوذية في التبت من اجل اخضاعها لسيطرة الحزب الشيوعي الصيني، وتتضمن هذه العملية دمج العناصر الثقافية والايديولوجيات السياسية الصينية في البوذية التبتية، ويكون ذلك غالبا على حساب الممارسات والمعتقدات التبتية التقليدية. ويسلط التقرير السنوي للجنة الولايات المتحدة للحريات الدينية في العالم لعام 2024 الضوء على تدهور الحريات الدينية في التبت بسبب هذا القمع المكثف.
وتتضمن هذه السياسة زيادة تدابير المراقبة والامن على البوذيين التبتيين، ما يؤدي الى فرض قيود على انشطتهم الدينية. وقد تم فصل أكثر من مليون طفل تبتي عن عائلاتهم ووضعهم في مدارس داخلية تديرها الدولة لدمجهم في الثقافة الصينية. وسيسيطر الحزب الشيوعي الصيني على رسامة الرهبان التبتيين وزاد من جلسات التدريب الإلزامية على التلقين في الاديرة والراهبات. وقد أعربت الحكومة الصينية عن نيتها التدخل في عملية تناسخ الدلاي لاما وتعيين خليفته.
تشين وينكينغ، عضو المكتب السياسي لحزب الشيوعي الصيني وأمين اللجنة المركزية لشؤون السياسية والقانونية، زار مقاطعة التبت ذاتية الحكم والمحافظات التي يسكنها التبتيون في مقاطعة سيتشوان خلال الفترة من 10 الى 13 أيلول 2024. وكان الغرض من الزيارة ابلاغ قوات الامن بضرورة التعامل بحزم مع الأنشطة الانفصالية وإدارة الشؤون الدينية وفقا للقانون. والى جانب الممارسات القمعية المذكورة آنفا، يتعرض الرهبان البوذيون أيضا لعقوبات قاسية وقيود متزايدة على الممارسات الدينية. وواجه دير تيندرو قيودا شديدة وحكم على رهبانه بعقوبات قاسية.
وتنظر السلطات الصينية الى الرهبان التبتيين باعتبارهم مثيري شغب، ونفذت استراتيجيات لتعزيز السيطرة على التبت من خلال إضفاء الطابع الصيني على البوذية التبتية.وفي حزيران زارت مستشارة الدولة، تشين يي تشين، لاسا ونيينغتشي حيث أكدت على خلق شعور قوي بالانتماء الى مجتمع الامة الصينية. وفي تموز زار، وانغ هونينغ، رئيس اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، مقاطعة سيتشوان. وخلال الزيارة أكد على الحاجة الى تعزيز هوية الناس بالأمة الصينية والثقافة الصينية والحزب وتكييف البوذية التبتية مع المجتمع الاشتراكي. وقد نفذت الحكومة الصينية لوائح تتطلب موافقة الحزب الشيوعي الصيني للاعتراف ببوذا بما في ذلك بانشين لاما والدالاي لاما.
وتلعب جمعية البوذية الصينية دورا مهما في هذه العملية، حيث تعمل على التحكم في البوذية التبتية وإعادة تشكيلها لتتماشى مع اهداف الحزب الشيوعي الصيني. وهي جزء من ستراتيجية أوسع لإضفاء الطابع الصيني على البوذية التبتية وتأكيد سلطة الحزب على الممارسات الدينية في المنطقة. في 3 أيلول عقدت جمعية البوذي الصينية ندوة لمناقشة العادات التاريخية والسياسات واللوائح المحيطة بتناسخ بوذا الحي في البوذية التبتية. وتماشيا مع ذلك أمرت السلطات الصينية في 12 تموز 2024 باغلاق مدرسة جيغمي جيالستين المهنية للقوميات في غولوغ تشينغهاي. كانت الحكومة الصينية تنفذ سياسات تتطلب من الشباب التبتيين تعلم لغة الماندرين تحت راية اللغة الوطنية المشتركة.
وتشير التقارير إلى ان نحو مليون طفل تبتي قد تم فصلهم عن اسرهم ووضعهم في مدارس داخلية تديرها الحكومة، حيث يتم تعليمهم في المقام الأول باللغة الصينية. وقد عملت الصين على توسيع بنيتها التحتية العسكرية في منطقة التبت ذاتية الحكم بما في ذلك بناء مطارات طائرات الهليكوبتر على ارتفاعات عالية، وهي خطوة استراتيجية لتعزيز سيطرة الصين على المنطقة ويشكل تهديدا محتملا للدول المجاورة مثل الهند.
وفي خطوة لبسط سيطرتها على الحوار العالمي بسردها الدعائي، تم إطلاق مركز الاتصالات الدولي في التبت في لاسا بتاريخ 2 أيلول 2024. ومع انعقاد المنتدى البوذي العالمي السادس في الفترة من 15 الى 17 تشرين الأول 2024، ستبذل الصين المزيد من الجهود الدعائية بشأن إضفاء الطابع الصيني على التبت في الأيام المقبلة. ستستخدم الصين المنتدى لنشر سياستها ومحاولة كسب المشاركين البوذيين من البلدان المجاورة وحثهم على نشر السياسات الصينية بين المجتمع البوذي في بلدانهم. وتهدف الصين من ذلك ضمان ان أي دالاي لاما في المستقبل يتماشى مع أجندتها السياسية ولا يصبح رمزا للمقاومة ونقطة تجمع استقلال التبت.
بكين تشدد إجراءاتها القمعية ضد التبت البوذية
نشر في: 13 أكتوبر, 2024: 12:47 ص