صلاح الدين / محمود الجبوري
في محافظة صلاح الدين، تواجه النساء الريفيات تحديات معقدة تتراوح بين الحرمان من التعليم والعيش تحت وطأة العبودية العشائرية. تشير الإحصاءات إلى أن نحو ثلث النساء في المناطق الريفية محرومات من حقوقهن الأساسية، مما دفع مسؤولين ومختصين لإطلاق نداءات استغاثة من أجل تحسين واقعهن وتمكينهن من الحصول على حقوقهن الدستورية والشرعية.
وتُعد سطوة التقاليد العشائرية البالية في صلاح الدين، خاصة في المناطق الريفية والنائية، أحد أهم العوائق أمام تمكين المرأة. في هذه المناطق، يتم تجاهل المرأة وتقليص دورها، رغم وجود آلاف الخريجات من الكليات والمعاهد المتنوعة.
وأوضح مدير مكتب حقوق الإنسان في صلاح الدين، إدريس أحمد العيساوي، أن أكثر من 30% من النساء في المناطق الريفية يعشن في ظروف أشبه بالعبودية من خلال عملهن في الزراعة وتربية الحيوانات طوال اليوم، إلى جانب المهام المنزلية. وأكد العيساوي أن هذه الظروف حرمت النساء من حقوقهن المجتمعية والدستورية، بما في ذلك حق التعليم والحريات الشخصية.
وأشار العيساوي في حديثه لـ(المدى) إلى أن النساء الريفيات محرومات من المساواة مع الرجال، ويُحرم الكثير منهن من فرص التعليم بسبب سطوة الجماعات الإرهابية التي منعت العديد من النساء من التوجه للتعليم والثقافة. كما أضاف أن نسبة كبيرة من النساء في صلاح الدين يعانين من أشد أنواع الحرمان والاضطهاد الاجتماعي بسبب التقاليد الاجتماعية البالية وتبعات الحروب.
وفيما يتعلق بالتمثيل السياسي للمرأة، أوضح العيساوي أن نساء صلاح الدين لا يزلن مهمشات سياسيًا وإداريًا على المستوى المحلي، ويرجع ذلك إلى سيطرة الأحزاب السياسية التي أهملت دور المرأة في الدفاع عن حقوقها. وطالب العيساوي بضرورة إقرار قانون العنف الأسري فورًا، وإعادة النظر في رواتب الحماية الاجتماعية التي لا تتناسب مع احتياجات النساء.
من جهتها، أثنت أمين سر مجلس صلاح الدين، سعدية العبيدي، على دور المرأة في المجتمع، معتبرة أن «المرأة هي كل المجتمع، وليست نصفه فقط»، لكنها أشارت إلى أن النساء في المناطق الريفية محرومات من حقوق الميراث وحق اختيار الزوج، بالإضافة إلى سطوة ظاهرة «النهوة» العشائرية، التي حرمت العديد من النساء من حق التعليم والدستور.
وفي حديثها لـ(المدى)، لفتت العبيدي إلى أن مراكز محو الأمية في المحافظة تعج بالنساء، حيث انخرطت 360 امرأة من قرية واحدة فقط في مدارس محو الأمية، بسبب حرمانهن من التعليم في مرحلة الطفولة. ورغم ذلك، لا تزال المرأة الريفية تُظهر فطنة وشجاعة في مواجهة التحديات.
بدورها، دعت الناشطة المدنية سمر الشيخ علي إلى تمكين النساء في صلاح الدين وإعطائهن دورًا فاعلًا في مراكز صنع القرار، نظرًا لما تزخر به المحافظة من كفاءات علمية ومهنية. وشددت الشيخ علي على أهمية دعم مراكز تمكين المرأة وتعزيز وجودها في المجتمع المدني، معتبرة أن النساء هن الركيزة الأساسية في بناء الأوطان والمجتمعات.
من جانبه، انتقد رجل الدين عمار السلامي النظرة البالية للمرأة في صلاح الدين، التي تُختزل دورها في الزراعة وتربية الحيوانات. وأشار السلامي إلى أن القرآن الكريم يحث المرأة على التعليم والعمل في مجالات تحفظ كرامتها، مستشهدًا بالسيدة خديجة، التي كانت تمارس التجارة قبل وبعد زواجها من الرسول محمد (ص).
وفي هذا السياق، دعا قائممقام سامراء السابق، بكر محمد شريف، إلى دعم النساء النازحات اللواتي تعرضت أسرهن للنزوح جراء الأعمال الإرهابية. وأشار شريف إلى أن الاهتمام بالنساء النازحات دون المستوى المطلوب، مطالبًا بوضع برامج جادة لدعمهن.
ثلث نساء الريف في صلاح الدين محرومات من التعليم وحبيسات القيود العشائرية
نشر في: 14 أكتوبر, 2024: 12:04 ص