السليمانية / سوزان طاهر
رغم مرور أكثر من شهرين على تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، لا تزال المدينة تشهد غيابًا واضحًا لمشاركة طرفين رئيسيين، هما المكون التركماني والحزب الديمقراطي الكردستاني، ما أدى إلى تصاعد الاحتجاجات والتهديد بالطعن في شرعية التشكيل الحكومي الجديد.
ينص الدستور العراقي على مشاركة جميع مكونات كركوك بنسبة تمثيل عادلة في إدارة المدينة، وأن تُدار الحكومة بالشراكة بين هذه المكونات. ومع ذلك، وبعد أكثر من ثمانية أشهر من الصراع، انتخب مجلس كركوك محافظًا ورئيسًا لمجلس المحافظة في التاسع من آب الماضي، وسط اعتراضات من الأحزاب التركمانية والحزب الديمقراطي الكردستاني، التي هددت بالطعن في شرعية الانتخابات.
شهدت مدينة كركوك احتجاجات واسعة من قبل المكون التركماني، الذي رفض اختيار المحافظ ورئيس المجلس الجديدين، مهددًا باللجوء إلى المحكمة الاتحادية، حيث أكدوا أن جلسة انتخاب الحكومة انعقدت دون وجودهم في بغداد.
شروط التركمان
النائب السابق والسياسي التركماني، فوزي أكرم ترزي، أشار إلى أن المكون التركماني، كأحد القوميات الرئيسية في العراق، يتعرض اليوم لتهميش واضح وصريح. وفي حديثه لـ(المدى)، أكد ترزي أن «الدستور العراقي ينص على مشاركة جميع المكونات في إدارة مدينة كركوك، إلا أن ما حدث بعد تشكيل الحكومة المحلية هو تهميش صريح لمكون رئيسي في المدينة».
وأضاف ترزي أن «التركمان لا يرضون بمشاركة ثانوية أو رمزية، بل يطالبون بحقوقهم الكاملة في المشاركة بإدارة المدينة وصناعة القرار الإداري والأمني». كما شدد على ضرورة حصول التركمان على نسبة تمثيل لا تقل عن 32%، مع ضمان استلام منصب المحافظ بالتدوير بعد عام.
وأكد ترزي أن هذا التهميش المستمر سيؤثر سلبًا على الوضع في كركوك والتعايش السلمي بين مكوناتها.
موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني
من جانبه، أوضح عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، دلشاد شعبان، أن الحزب الديمقراطي لا يسعى فقط إلى المناصب في كركوك، بل يهتم أكثر باحترام تمثيل المكونات وتطبيق الدستور. وفي حديثه لـ(المدى)، قال شعبان: «الدستور العراقي نص على تمثيل عادل لجميع المكونات، وما حدث في كركوك هو محاولة لإبعاد الديمقراطي عن المشهد الإداري والسياسي».
وأشار شعبان إلى أن الحزب الديمقراطي قد انسحب من كركوك لأكثر من خمس سنوات، لكنه احتفظ بقوته الشعبية، ما ظهر جليًا في الانتخابات الأخيرة بحصوله على مقعدين. وأضاف أن الحزب لن يقبل بالتخلي عن حقوق الأكراد أو مجاملة الأطراف السياسية على حساب المصالح الوطنية.
وأكد أن خطة الحزب الديمقراطي كانت تنص على ضرورة مشاركة جميع الكتل والمكونات في إدارة المدينة، وأن يكون منصب المحافظ مستقلًا للحفاظ على التعايش والاستقرار في كركوك.
الدعوات لإنهاء المقاطعة
من جانبه، دعا رئيس مجلس محافظة كركوك، محمد إبراهيم حافظ، الجبهة التركمانية والحزب الديمقراطي الكردستاني إلى إنهاء مقاطعتهم لجلسات مجلس المحافظة، وتقديم أسماء مرشحيهم لشغل المناصب الإدارية في الحكومة المحلية. وأكد حافظ أنه سيوجه كتابًا رسميًا للجبهة التركمانية لبدء الحوار.
المحلل السياسي عدنان رشيد يرى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مطالب بإطلاق مبادرة جديدة بخصوص كركوك لإنهاء حالة التهميش التي يتعرض لها التركمان والحزب الديمقراطي الكردستاني. وفي حديثه لـ(المدى)، أشار رشيد إلى أن «مشاركة الأطراف الرئيسية في إدارة المدينة أمر ضروري لنجاح الحكومة المحلية في تحقيق التزاماتها».
وأضاف رشيد أن استبعاد أي مكون أو جهة سياسية من المشهد الإداري في كركوك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على التعايش السلمي في المدينة، داعيًا إلى التعلم من تجارب الماضي وتفادي أي تهميش، مشددًا على أن التشاركية هي السبيل الأمثل لتحقيق النجاح في إدارة المحافظة.