TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: أجهزة الأمن بين مكافحة (الشغب) ومكافحة المخدرات! !

قناطر: أجهزة الأمن بين مكافحة (الشغب) ومكافحة المخدرات! !

نشر في: 16 أكتوبر, 2024: 12:04 ص

طالب عبد العزيز

لا يكاد يمرُّ يوم واحد دونما نزاع عشائري في إحدى مدن الوسط والجنوب، فأخبارها منقولة في الصحف، ومواقع التواصل، وعلى الشاشات، وكثيرا ما تتحدث الأجهزة الأمنية عن تدخلها الخجول، والمخزي، غير مبالية بعدد المقتولين والجرحى والمروعين جراء ذلك، حتى لكأن الامر أصبح من مسلمات الحياة العراقية. ويمكننا القول بأنَّ جلّ أسباب النزاعات هذه إنما تكمن في تعاطي أبناء العشائر للمواد المخدرة، بمختلف أنواعها، والتي باتت تفتك بالأسرة العراقية، وبما يهدد الامن المجتمعي، ويأتي بنذره على مستقبل الأجيال الجديدة.
وكما في مرة، ظلَّ الرصاص ليلة البارحة يلعلع في إحدى قرى ابي الخصيب، وخيوط النار الحُمر تمرُّ على البيوت، والعوائل لا تملك إلا أن تُدخلَ أبنائها في البيوت، لئلا يصاب أحد منهم، ومثل أيِّ لعبة قذرة تنتهي بجلوس طرفي النزاع، وبعد أخذ وردٍّ يمسكون بخيزران أحد كبارهم ثم يشدون عليها خرقةً بيضاء أو خضراء أو سوداء، يسمونها زوراً (راية العباس) ويدفع هذا لذاك مبلغاً من المال، ثم يتم تسقيط الدعوى المرفوعة من الطرف المجني عليه، في مسرحية ظلت تعاد فصولها دونما حسم لها من قبل الحكومة، التي أثبتت عجزها في معالجة قضايا هي الأشد فتكاً في البلاد.
هناك مفصل غائب عن أعين الأجهزة الأمنية إذْ أنَّ كل ما يتعاطاه الشباب من الحبوب المخدرة مصدره الصيدليات، وهناك تواطؤ واضح من قبل العاملين في بعض الصيدليات مع مجاميع تتاجر بهذه الحبوب، ويتفننون في الحصول عليها، دونما رقيب صحي أو أمني، نحن لا نتحدث عن الحدود المفتوحة مع ايران التي تعتبر المصدر الرئيس للكريستال والحشيش، فهذا شأن آخر، والعاملون عليه هم طبقة الكبار الكبار، الذين لا سلطة للدولة عليهم، فهم محميون بموجب قانون كتبوه لأنفسهم، وإن سمعنا هنا وهناك عن القاء القبض على العصابة هذه أو تلك، ولا يخفى على عراقي بأنَّ السجون ومراكز التوقيف باتت مصادر أخرى للتعاطي، فالشرطي يبيع المسجون والضابط يقبض الدفاتر مقابل صمته وتغاضيه، والبلاد الى هاويتها تمضي.
في العادة يكون الجندي مسؤولاً عن حماية الحدود والشرطي عن أمن الداخل من الجريمة، بعامة تفاصيلها، وفي العراق، حيث يجري مثل هذا، أو نحوه، وربما وضعنا شيئاً من ثقتنا بالسلطات الخاصة بمكافحة المخدرات، وقد تكون الأخيرة قائمة بواجبها كما ينبغي مع تحفظنا على (كما ينبغي) إلا أنَّ رجلاً ابتلي بتعاطي ابنه بالحبوب المخدرة نصحوه بأن يبلغ عنه مركز الشرطة القريب من بيتهم، وهمَّ بذلك، لولا أنَّ أحد الحكماء نصحه بأن لا يفعل، لأنَّ مراكز الشرطة في كثير من مدن الجنوب والوسط بؤراً أخرى للتعاطي، والامر موكول بمن يدفع أكثر من المال، وما عليه إلا أن يجد صيغة ثانية لمعالجة ادمان ابنه.
تتفنن شرطة مكافحة الشغب في تفريق المتظاهرين المطالبين بحقوقهم، ولديها من العصي المكهربة والبنادق التي تعمل برصاص المطاط ما لديها وكذلك من خراطيم الماء الحار، وهناك جهاز أمن الحشد والامن الوطني والاستخبارات والمخابرات وقوات swat والداخلية بأفواجها المتعددة وكلها ستكون مستنفرة وجاهزة للانقضاض على أكبر تظاهرة في التحرير أو في أي ساحة من الساحات، وتستطيع إخراج أيِّ متظاهر من بيته أو أي جحر يختبئ فيه لكنَّ الأجهزة هذه كلها لم تستطع حماية شبابنا من عصابات بيع الحبوب المخدرة والكريستال والحشيش التي باتت تحت وسائدهم، في عجز واضح من اسرهم، التي تخشى العار ولا تخشى عواقبه. مالم يتم اصلاح السلطات الأمنية، وسحب أسلحة العشائر، ومعاقبة الصيادلة الذين يبيعون الحبوب هذه لن نتمكن من إصلاح شأن أبنائنا. كانت عقوبة الإعدام في حكومة النظام السابق أكثر من رادعة، وكانت اسرنا محمية بالقانون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بغداد تسير على "خيط رفيع".. وارتياح من "رسائل عراقجي" رغم التصعيد

الزواج خارج المحاكم.. وسيلة لإخفاء الزيجات المتعددة!

غبار المشاريع المتعثرة يغطي آمال التنمية في صلاح الدين!

فنلندا تعلن إنهاء مهمتها العسكرية في العراق نهاية العام

أزمة الجفاف في ميسان تهدد بيئة المدارس وصحة التلاميذ

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: الرياض تقرأ

العمودالثامن: اغلقوا النوافذ

العمودالثامن: أين اختفى نور زهير؟

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة: ايران 1953

الجهلاء لا يدركون جهلهم

العمودالثامن: جمهورية قص اللسان

 علي حسين أشاهد جزءا من الحوار الذي شارك فيه الشيخ مجيد العقابي ، واستمع اليه يقول بكل اريحية لتلك النساء اللواتي يقفن ضد تعديل قانون الاحوال الشخصية : لا بد من قص ألسنتهن...
علي حسين

قناطر: أجهزة الأمن بين مكافحة (الشغب) ومكافحة المخدرات! !

طالب عبد العزيز لا يكاد يمرُّ يوم واحد دونما نزاع عشائري في إحدى مدن الوسط والجنوب، فأخبارها منقولة في الصحف، ومواقع التواصل، وعلى الشاشات، وكثيرا ما تتحدث الأجهزة الأمنية عن تدخلها الخجول، والمخزي، غير...
طالب عبد العزيز

واشنطن ودعم الانقلابات القاتلة:من غواتيمالا إلى الكونغو

د. حسين الهنداوي (2)الجيش هو مؤسسة وطنية أساسية من مؤسسات الدولة في الجوهر، بيد ان هذه المؤسسة يمكن استخدامها من قبل قيادته السياسية لأغراض ضد الدولة وبالتالي غير وطنية ما يجعله مصدرا لويلات كبرى...
د. حسين الهنداوي

شخصيات ثقافية لافتة

عبد الكريم البليخ أصبحت الساحة الثقافية تتيح لنا ظهور شخصيات لافتة تبحث عن مكان آمن لها في عالم الأدب والثقافة والاجتماع والفلسفة والعلوم، وغيرها من الثقافات والاجتهادات المختلفة، وهذا من حقها الطبيعي ولكن؟ ومن...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram