ثائر صالح
زيارة جديدة ومتحف جديد، هذه المرة في لندن الحافلة بكل أنواع النشاطات. توجهت إلى لندن للإستماع إلى سيمفونية مالر الثانية في حفل مثير سأتكلم عنه بالتفصيل في حلقة قادمة. وقمت خلال زيارتي القصيرة تلك بالبحث عن الأماكن المرتبطة بالموسيقى والموسيقيين، كالعادة في سفراتي التي كثيراً ما تكون قصيرة، لبضعة أيام على الأغلب.
يقع متحف الكلية الملكية للموسيقى في مبنى الكلية المقابل لقاعة ألبرت الملكية الشهيرة التي يقام فيها أكبر مهرجان موسيقي كل صيف، هو مهرجان بي بي سي برومز الذي تنظمه هيئة الإذاعة البريطانية. وقد صادفت زيارتي المتحف الليلة الأخيرة للبرومز هذا العام يوم 14 أيلول، فكانت التحضيرات للحفل قائمة منذ الصباح، وكانت قناة هيئة الإذاعة البريطانية الثالثة تبث من القاعة بثاً حياً طوال اليوم.
يبلغ عدد محفوظات المتحف حوالي 15 ألف قطعة يُعرض منها 60 قطعة فقط اختيرت بعناية لتغطي نحو 500 سنة من تاريخ الموسيقى في أوروبا، كل الأدوات المعروضة في حالة ممتازة ومهيأة للاستعمال، حيث يستعملها طلبة المعهد في تقديم حفلات تنظم داخل المعرض. نجد بين المعروضات أقدم غيتار وأقدم أداة موسيقية وترية، وأغلبها مصنوع بحرفية عالية ومزين بطريقة فنية وببذخ خاصة الهاربسيكورد المصنوع في فينيسا سنة 1531 والفيرجينال المصنوع في فينسيا كذلك سنة 1593.
أهم المعروضات على الإطلاق في نظري هو بورتريه يوزف هايدن الذي رسمه توماس هاردي سنة 1791 أثناء الزيارة الأولى التي قام بها هايدن إلى بريطانيا. والبورتريه يستحق أن يوضع في مكان مركزي يجلب الانتباه فور دخول الزائر لهذا المتحف الصغير في مساحته المهم والغني في معروضاته. البورتريه الثاني الذي يحمل قيمة تاريخية عالية هو بورتريه المغني كارلو بروسكي المعروف بٱسمه الفني فارينَلّي (1705 - 1782) رسمه بارتولوميو نازاري سنة 1734 قبل مجيئه إلى بريطانيا حيث تحول إلى نجم من نجوم الأوبرا، وكان أحد الأسباب التي جعلت هندل يتجه صوب شكل الأوراتوريو من جديد لكن باللغة الانكليزية ليتخلص من منافسيه مؤلفي الأوبرا الإيطالية الذين استعادوا مواقعهم في مسارح لندن على حساب الأوبرات التي كتبها هندل. وهناك بورتريه ثالث هو للمؤلف التيشخي يان لاديسلاف دوسك (1760 - 1812) رسمه الفنان هنري - بيير دانلو (1753 - 1809).
نطّم المتحف معرضاً مؤقتاً خاصاً بعنوان "الموسيقى الصوفية والمرأة في جنوب آسيا، وهو يدور حول ما يعرف بموسيقى القوّالين، في شبه القارة الهندية، يتطرق كذلك إلى التواصل في الدياسبورا والوطن الجديد، بريطانيا.
تأسست الكلية الملكية للموسيقى سنة 1883 في عهد الملكة فيكتوريا وقد افتتحها أمير ويلز الذي أصبح الملك إدوارد السابع (حكم بين 1901 - 1910 خلفاً لفيكتوريا). وتخرج من الكلية أشهر الموسيقيين البريطانيين والعالميين منذ افتتاحها، من خريجيها الأوائل غوستاف هولست الذي كتبت عنه الأحد الماضي، وفون ويليامز وبرتن وكولردج - تايلر. يدرس في الكلية اليوم أكثر من 900 طالب من مختلف بقاع العالم، وفيها قاعة مطالعة بديعة المعمار تقابل المتحف في قبو المبنى المنار بطريقة طبيعية.
موسيقى الاحد: متحف الكلية الملكية للموسيقى - لندن
نشر في: 20 أكتوبر, 2024: 12:01 ص