المدى / محمد العبيدي
تفاعلت قضية الإعدامات التي وقّعها رئيس الجمهورية العراقي، عبد اللطيف رشيد، وسط قلق الأوساط الحقوقية التي طالبت على مدار الأشهر الماضية بالتأني في توقيع الأحكام، وفسح المجال أمام التحركات السياسية لتعديل قانون العفو العام، على أمل شمول فئات جديدة وإعطاء الضوء الأخضر لإعادة بعض المحاكمات.
وقال نشطاء ومنظمات حقوقية، إن السلطات العراقية أعدمت خلال الأسابيع الستة الأخيرة نحو 100 شخص في مختلف سجون البلاد، بتهم شتى، وسط مطالبات بضرورة توقف تلك الحملة، إذ يرى مختصون أن هناك تخوفًا من أن الإجراءات المتعلقة بتنفيذ أحكام الإعدام قد جاءت نتيجة ضغوط سياسية، أو استباقًا لتشريع قانون العفو العام.
وردت رئاسة الجمهورية على تلك النداءات، حيث قالت إنها «لن تتوانى عن القيام بواجباتها في المصادقة على أحكام الإعدام على الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بدماء العراقيين الأبرياء بعد أن يستوفي الحكم الإجراءات القانونية كافة من تمييز وإعادة محاكمة وعرض على لجنة العفو الخاص، ورئيس الجمهورية بصفته حاميًا للدستور حريص على استكمال الإجراءات القانونية بحق المحكومين وهو مسؤول عن حماية دماء العراقيين الأبرياء والقصاص من قتلتهم».
الرئاسة: أعدمنا تجار المخدرات فقط
أما المستشار في رئاسة الجمهورية، عبد الله الزيدي، فقد قال في مقابلة تلفزيونية، إن «من يروج للاتهامات، لو كلف نفسه قليلًا، لاكتشف أن رئاسة الجمهورية تصادق خلال هذه الفترة على قرارات الإعدام الصادرة بحق المحكومين بقضايا المخدرات حصرًا، لأن هذه الظاهرة باتت تهدد الشباب والكيان المجتمعي ككل والسمعة الأخلاقية للبلد».
وأضاف أن «هناك حالات تبرئة لبعض المتهمين، إلى جانب الحالات التي أنهت محكوميتها، ورغم ذلك يبقى الكثير منهم لفترات إضافية بسبب بعض الإجراءات، لكن، وعبر المناشدات التي تصلنا، تمكنت رئاسة الجمهورية من التحرك والتنسيق مع الجهات المعنية لإطلاق سراحهم، وتمكنا من إطلاق سراح أكثر من 14 ألف سجين خلال فترة مسؤولية السيد عبد اللطيف رشيد».
بدوره، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان، وسام العبد الله، إن «فسح المجال أمام القوى السياسية لتعديل قانون العفو العام سيعزز من موقف العراق في مجال حقوق الإنسان، باعتبار أن الكثير من هذه الأحكام صدرت في أوضاع ملتبسة». وأشار لـ(المدى) أن «تأخير المصادقة على تلك الأحكام سيمثل رسالة طمأنة اجتماعية، خاصة وأن القضاء متعاون في هذا المجال ومنفتح على جميع الحلول».
وبين أنه «لا مساومة فيما يتعلق بدماء الأبرياء، إذ أن المتورطين بالقتل يجب أن ينالوا جزاءهم العادل، لكن تعديل قانون العفو العام يمكن أن يوسع شمول آخرين بفقراته، وهذا شيء مهم».
دعوات للتريث
بدورها، دعت اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي إلى التريث في إمضاء أحكام الإعدام، في ظل التقارير الحقوقية المتوالية عن الأمر، حيث أكد النائب عبد الكريم عبطان أن «العديد من المناشدات وصلت من ذوي المعتقلين المحكومين بالإعدام تناشد بعدم تنفيذ أحكام الإعدام والشروع بإعادة المحاكمات لهم، على اعتبار أن العديد منهم لم يتورطوا بارتكاب أيّ جرائم إرهابية»، داعيًا إلى «بحث إمكانية مساعدة هذه العائلات، عبر تعديل قانون العفو العام».
وتؤكد منظمة العفو الدولية أن نحو ثمانية آلاف سجين عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، ودعت السلطات العراقية إلى الوقف الفوري لعمليات الإعدام التي تصدر عقب محاكمات بالغة الجور وبعد انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه والتعذيب.
ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» استئناف الإعدامات الجماعية في العراق بالتطور المريع، وشددت على أنه «ينبغي للحكومة العراقية أن تعلن فورًا عن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام»، مشيرة إلى أن «الظلم الهائل خلال تنفيذ أحكام الإعدام تفاقمه الشوائب القضائية الموثقة التي تحرم المتهمين من المحاكمات العادلة».
وتشير أرقام حقوقية، إلى أن نحو ثمانية آلاف سجين عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، جاء الكثير منها بعد انتزاع الاعترافات من المتهمين تحت الإكراه وفق تقارير دولية.