بغداد / خاص
لا يكاد يمر يوم في العراق دون حدوث جريمة، لكن المفاجئ هو التزايد الملحوظ في دخول النساء إلى عالم الإجرام وتوسعه بينهن. دوافع اقتصادية وعاطفية وأسباب عدة مختلفة دفعت «الجنس اللطيف» إلى التوغل في عمق العالم الإجرامي، إذ تضم السجون العراقية حوالي ثلاثة آلاف مسجونة ومحتجزة من النساء على خلفية جرائم متنوعة.
وشهد العراق في السنوات الأخيرة تصاعدًا في جرائم العنف، بما في ذلك جرائم القتل والسطو المسلح والخطف، والتي تورطت فيها النساء بشكل متزايد ولافت، مما أدى إلى تنامي ظاهرة الجرائم النسائية في البلاد.
الفقر أبرز الأسباب
تؤكد أستاذة الإجرام الجنائي بشرى العبيدي أن أبرز أسباب دخول النساء إلى عالم الإجرام، رغم ما فيه من خطورة، هو الفقر وغياب القوانين التي تحمي النساء، مما يضطرهن إلى معاملة الرجال بالمثل في بعض الحالات.
وتقول العبيدي لـ(المدى): «إن دخول النساء إلى عالم الجريمة موجود في كل العالم»، مبينة أن «نسبة ارتكاب النساء للجرائم ما تزال أقل بكثير من نسبة ارتكاب الرجال لتلك الجرائم».
البنية الشخصية والتركيبة التي خُلقت عليها المرأة وطبيعتها، جعلتها لا تُقارن بالرجال، لكن هناك حالات استثنائية دفعت إلى مشاركتهن في الجريمة، وفق أستاذة الإجرام الجنائي.
وتلفت العبيدي إلى أن «التركيبة البيئية من ضمن الأسباب التي تدفع النساء إلى الجريمة، فضلًا عن الحالات العاطفية التي تدفع إلى الانتقام ممن ظلمها».
وبحسب العبيدي، فإن «الجريمة تظافر أسباب عدة تؤدي إلى أن يسلك الإنسان سلوك الجريمة، وللحد من الجريمة يجب القضاء على أسباب السلوك الإجرامي»، مبينة أن «الأسباب تُشخَّص من خلال دراسة شخص المجرم، ومعرفة البيئة التي يعيش فيها والدوافع التي دفعته إلى ارتكاب الجريمة».
«العقوبة وحدها لا تكفي لمعاقبة المجرمة»، توضح العبيدي وتشدد على «ضرورة الوقوف على أسباب ودوافع الجريمة».
انخفاض الجريمة
بدوره، يؤكد مدير الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية، العميد علي عجمي، انخفاض نسبة الجريمة إلى 40% مقارنة بالعام الماضي.
ويقول لـ(المدى): «إن الشرطة المجتمعية تعمل على تمكين المجتمع من منع وقوع الجريمة»، مبينًا أن عملهم ينصب على «تقليل العبء على القضاء العراقي ومنع الجريمة قبل وقوعها».
ويلفت عجمي إلى أن «الجريمة انخفضت بنسبة 40% مقارنة بالعام الماضي، وهذا الانخفاض لم يأتِ من فراغ»، موضحًا أن «الجهود الأمنية والاستخباراتية وكشف مرتكبي الجرائم والقبض عليهم ساهمت بتراجع نسبة الجرائم».
ارتباطات دولية
من جانبه، يعزو الباحث في الشأن الأمني علي البيدر سبب دخول النساء لعالم الإجرام، إلى ما عاشته البلاد من فقر وحروب وفوضى.
ويقول البيدر لـ(المدى): «إن هناك احترافية في ممارسة الجريمة المنظمة من قبل النساء، قد تكون نتيجة ارتباطات دولية بمافيات وعصابات لها صلة بالاتجار بالبشر والمخدرات والدعارة».
«تردي الوضع المعيشي والاقتصادي لبعض العوائل، دفع النساء إلى أن يكن جزءًا من عصابات الجريمة»، بحسب الباحث في الشأن الأمني.
ويرى البيدر أن «التوعية وفرض سلطة القانون هما السبيل الوحيد للحد من توسع تلك الظاهرة الإجرامية والقضاء عليها».
3 آلاف سجينة في العراق
من جهته، يشير رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي إلى تواجد 3000 مسجونة ومحتجزة من النساء من العراقيات والعرب والأجانب داخل السجون العراقية.
ويقول الغراوي لـ(المدى): «إن أغلب القضايا المتهمة والمحكومة عليها النساء هي القضايا الجنائية والإرهابية».
وعن الأسباب التي تدفع النساء إلى سلوك السلوك الإجرامي، يلفت الغراوي إلى «التفكك الأسري، المتمثل بوجود انحراف داخل الأسرة لا سيما الذين يمثلون القدوة بالنسبة للإناث، فضلًا عن انخفاض المستوى الاقتصادي، ورفقاء السوء، وضعف المستوى التعليمي، والفراغ، وضعف الوازع الديني، إضافة إلى الاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي، والتقليد، ومحاولة الحصول على الأموال بسهولة».
وطالب رئيس المركز الستراتيجي لحقوق الإنسان، الحكومة والفعاليات المجتمعية بـ«إطلاق حملة وطنية لوقاية النساء من الانحراف نحو الجريمة، ومعالجة الأسباب التي تؤدي إلى جنوحهن».
ويشدد الغراوي على «ضرورة استبدال العقوبات الموجهة ضد النساء، وخصوصًا في القضايا الجنائية، بعقوبات بديلة كخدمة مجتمعية وغرامات مالية بدلًا من العقوبات السالبة للحرية».
النساء في عالم الجريمة: تزايد خطير ودوافع متعددة
نشر في: 23 أكتوبر, 2024: 12:59 ص