متابعة/ المدى
أصبحت الحوادث المرورية ماكينة جديدة تُضاف إلى مكائن سلب وقطف أرواح العراقيين بعد أن كانت الصدارة لماكينات العمليات الإرهابية التي طالتهم خلال العقدين الأخيرين، إذ تجاوزت أعداد ضحاياها 3 أضعاف أعداد ضحايا أعمال العنف والإرهاب خلال العامين الماضيين.
وتقتل حوادث الطرق ما يقرب من 1.3 مليون شخص كل عام، أي بمعدل أكثر من وفاتين كل دقيقة، مع حدوث أكثر من 9 من بين كل 10 وفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وأعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، اليوم السبت، عن إحصائية صادمة بنسبة تسجيل الحوادث المرورية في العرق، مشيرا إلى أن العراق حل في المرتبة 37 عالمياً بتسجيله 15 ألف حادث.
وقال رئيس المركز، فاضل الغراوي، في بيان تلقته (المدى)، إنه "تم تسجيل 15 ألف حادث مروري خلال عامي 2023 – 2024"، لافتا إلى أن "حوادث الاصطدام سجلت أعلى نسبة (56.3%) من مجموع الحوادث تليها حوادث الدهس بنسبة (32.3%)، ثم حوادث الانقلاب بنسبة (9.5%)، أما الحوادث الأخرى بنسبة (1.8%)".
وأضاف الغراوي أن "عام 2023 شهد تسجيل 12 ألف حادث مروري في حين شهد منتصف عام 2024 تسجيل 3 آلاف حادث مروري".
وتابع: "وفقا لإحصائيات مديرية المرور العامة ومديرية الطب العدلي ووزارة التخطيط فإن الحوادث المسجلة في عام 2023 تسببت بوفاة (3019) ضحية منهم (2472) من الذكور بنسبة (81.9%)، و(547) من الإناث بنسبة (18.1%) من المجموع الكلي للوفيات".
وزاد أن "الحوادث المرورية سجلت نسبة انخفاض مقدارها (0.1%) مقارنة بالسنة 2022، إذ كان عدد ضحايا حوادث المرور لسنة 2022(الوفيات) (3021)، وعدد الجرحى بحوادث المرور لسنة 2023 بلغ (12314) مصابا مسجلا نسبة انخفاض مقدارها (2.9%) عن سنة 2022، إذ كان العدد (12677) جريحا".
وتابع: "في حين بلغ عدد المتوفين بسبب حوادث الطرق لمنتصف عام 2024، ألف متوفي وإصابة 4360".
وبين أن "السائق كان سبباً في تسجيل أعلى نسبة من الحوادث المرورية، وبنسبة مقدارها (79.2%)، أما الحوادث بسبب السيارة فكانت نسبتها (8.1%)، وبسبب الطريق بنسبة (6.2%)، أما بقية الأسباب فقد بلغت نسبتها (6.5%) من المجموع الكلي للحوادث".
وأوضح، أن "أسباب ارتفاع الحوادث المرورية يعزى إلى قدم الطرق وعدم تأهيلها وعدم وجود العلامات والدلالات فيها وعدم وجود متطلبات السلامة والسياج الأمني والكاميرات، فضلا عن عدم التزام السائق بالنظام المروري وقواعد السير، والسرعة المُفرطة والاجتياز الخاطئ من جهة اليمين".
وأردف أن "أسباب ارتفاع الحوادث المرورية يعزى أيضا إلى استخدام الهاتف النقال، وعدم وضع حزام الأمان، وعدم الامتثال للإشارات المرورية، كما أن العديد من السيارات لا تتوفر فيها متطلبات السلامة والأمان، فضلا عن سياقة السيارات من قبل احداث وبسرعة مفرطة".
وأكد أن "الحل الأمثل لتقليل حوادث الطرق هو نصب الكاميرات في كافة الطرق الدولية والداخلية ووضع غرامات كبيرة لتجاوز السرعة فضلا عن إنشاء طريق سريعة بمواصفات عالمية، فضلا عن استيراد سيارات من مناشئ عالمية رصينة ، ومطالبة مديرية المرور بإجراء الفحص الدوري للسيارات للتأكد من توفر متطلبات الأمان فيها ومراقبة عدم قيادة المركبات من أحداث أو بدون رخصة قيادة".
من جهته، يصف القانوني والباحث الأمني السياسي كاظم الجحيشي، الحوادث المرورية بإحدى ماكينات الموت في العراق. ويُشير بأصابع الاتهام لدول "مُجاورة" وأياد خفية تستخدم هذه الورقة أداة من أدوات تدمير وتخريب البلد، مع فشل كل الحكومات المُتعاقبة في معالجة مشكلة الطرق والجسور الرئيسية.
ويذكر "طرق الموت" بين محافظتي البصرة والعمارة، طريق الناصرية الديوانية، أربيل بغداد، التي باتت تحصد أرواح العشرات من العراقيين.
وأكثر ما يُثير الباحث الأمني هو تعدّد واستمرار مكائن الموت لاسيما بعد عام 2010، إذ يشير إلى الأداة الأولى والأبرز وهي المخدرات التي مازالت تفتك بالشباب، فضلا عن ظاهرة الانتحار التي باتت تزداد هي الأخرى نتيجة الضغوط النفسية والبطالة والظلم الذي يقع على شرائح المجتمع مع انتشار الأمراض والأوبئة وتحديدا المناطق الجنوبية.
من جانبه ينتقد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي البقاء على آليات إدارة المرور التقليدية وعدم تحولها لآليات متطورة تكنولوجيا، واصفا ما يخصّ المركبات والطرق والجسور والإعمار بـ "الفوضى" الذي يعمّ البلد بسبب عدم توفر إجراءات ووسائل الأمن التي تكادُ تكون معدومة.
ويستغرب البياتي من أن أغلب هذه الطرق والجسور تعود لحقبة ما قبل عام 2003، ليُحمل بذلك الحكومات المُتعاقبة تقصيرا واضحا في معالجة أصل المشكلة المتعلقة بتنظيم آلية وجود المركبات ومدى ملاءمتها لواقع أو مساحة أو عدد أو نوعية الطرق والجسور.
ويرى زيادة أعداد ضحايا الحوادث المرورية عن غيرها بـ "جرس إنذار" للدولة ومؤسساتها، بالإضافة إلى ضرورة أن يقوم البرلمان بدوره إن كانت هناك حاجة لتعديل أو تشريع قوانين لإدارة آلية تنظيم دخول المركبات التي يجب أن تكون مناسبة مع طبيعة الطرق.
وفي أيار الماضي، أعلنت وزارة الداخلية العراقية تراجعاً ملحوظاً بنسبة الحوادث المرورية ومخالفات السير في البلاد، بشكل ملحوظ، إثر تطبيق قانون نظام المرور الذكي، الذي تم اعتماده أخيراً، وسط دعوات لتوسيع دائرة تنصيب رادارات السرعة والكاميرات لمنع المخالفات.
وبدأت مديرية المرور العامة في العراق، الشهر الجاري، تفعيل نظام "المرور الذكي" بالاعتماد على الكاميرات الذكية والرادارات برصد الحوادث المرورية ومخالفات السير، في عدد من شوارع وتقاطعات البلاد.
وقبيل تطبيق نظام المرور الذكي، كانت المخالفات اليومية مشهداً مألوفاً في شوارع البلاد، تتمثل في قيادة السيارات من دون رخص السوق، ومن قبل شبان بأعمار صغيرة، وعدم الالتزام بقواعد السير والمرور، فضلا عن عدم معرفة وإلمام بأصول قيادة السيارات وإرشادات المرور في الشوارع، وغير ذلك.
ووفقا لبيان للمتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد مقداد ميري، فإنه "بعد تفعيل نظام المرور الذكي سجلنا انخفاضاً في نسبة المخالفات والحوادث المرورية في الطرق السريعة وداخل المدن في بغداد والمحافظات"، مبيناً أنه "كانت أعلى المخالفات المسجلة هي بسبب السرعة العالية، يليها عدم ارتداء حزام الأمان، ومن ثم استخدام الهاتف النقال".
الحوادث المرورية تفتك بأرواح العراقيين.. 4 آلاف وفاة منذ 2023 لغاية الآن
نشر في: 2 نوفمبر, 2024: 04:59 م