الأنبار / خاص
في محافظة الأنبار، يُنفَّذ مشروع لتبطين نهر الفرات بهدف تحسين كفاءة استخدام المياه وتقليل فاقد التسرب، في خطوة تهدف إلى مواجهة التحديات المائية المتزايدة في المنطقة. إلا أن هذا المشروع يثير جدلاً بين الخبراء البيئيين والمسؤولين، حيث يحذر البعض من التأثيرات السلبية المحتملة على البيئة والتنوع الحيوي، في حين يرى آخرون أنه ضرورة لتعزيز الأمن المائي.
يقول المختص البيئي، علي الساطوري، خلال حديثه لـ(المدى)، إن «المشروع يحمل عدة مخاطر بيئية، تبدأ بتدمير المناطق الرطبة على ضفاف النهر، وهي بيئات طبيعية حيوية لكثير من الكائنات الحية مثل الطيور المهاجرة، الأسماك، والنباتات النهرية».
ويرى أن «تراجع هذه البيئات قد يدفع بالكثير من الكائنات إلى مغادرة المنطقة، ما يهدد توازن النظام البيئي المحلي».
ويضيف أن «تبطين النهر يمنع أيضاً تغذية المياه الجوفية بشكل طبيعي، مما ينعكس سلباً على المزارعين الذين يعتمدون على هذه المياه لري محاصيلهم»، لافتاً إلى أن «هذه الخطوة قد تؤدي على المدى البعيد إلى انخفاض في الإنتاج الزراعي بسبب نقص المياه».
إلى جانب ذلك، أشار الساطوري إلى أن «المواد الإسمنتية المستخدمة في التبطين قد تؤدي إلى تغير درجات حرارة المياه في النهر، ما يؤثر على أنواع محددة من الأسماك والنباتات المائية التي تتطلب ظروفاً حرارية معينة». كما أن «التبطين يسرّع من تدفق المياه، مما يؤثر سلباً على توزيع الرواسب الطبيعية التي تحتاجها النباتات النهرية والمخلوقات التي تعتمد على توازن النظام الطبيعي للنهر».
أمام هذه التحذيرات، دعا المختص البيئي إلى «إعادة النظر في المشروع»، مشدداً على «ضرورة إجراء دراسات بيئية متعمقة لتحديد الأضرار المحتملة ووضع بدائل مناسبة».
وأكد على «أهمية تبني تقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه في الزراعة وتحسين إدارة الموارد المائية بدلاً من اللجوء إلى حلول قد تضر بالتوازن البيئي على المدى الطويل».
في المقابل، يعتبر المسؤولون عن المشروع أن التبطين خطوة ضرورية لتحسين استخدام المياه وتعزيز الأمن المائي في محافظة الأنبار. ويبقى الجدل قائماً حول تأثيرات هذا المشروع على البيئة، إذ يرى الخبراء أنه من الضروري تحقيق توازن بين التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، خاصة في منطقة تعتمد بشكل كبير على النظم البيئية الطبيعية لدعم الحياة والزراعة.
وتشهد محافظة الأنبار تنفيذ مشروع واسع لتبطين نهر الفرات، في إطار خطة تهدف إلى تحسين كفاءة المياه وتقليل فاقد التسرب وتوفير موارد مائية إضافية لمواجهة التحديات المائية في المنطقة.
المشروع، الذي يهدف إلى تغليف قنوات النهر بمادة إسمنتية غير نفاذة، يعكس التزام الحكومة بتطوير البنية التحتية المائية وضمان استدامة الموارد. إلا أنه يواجه انتقادات حادة من خبراء البيئة الذين يحذرون من تأثيراته السلبية على التنوع الحيوي والبيئة المحيطة.
تبطين نهر الفرات في الأنبار: مشروع حيوي أم تهديد للتوازن البيئي؟
نشر في: 4 نوفمبر, 2024: 12:09 ص