ديالى – محمود الجبوري
شهدت محافظة ديالى، كباقي المحافظات الاخرى، أمطارًا وسيولًا غزيرة خلال الـ48 ساعة الماضية، أسهمت في مضاعفة الخزين المائي في السدود والبحيرات، وسط انتقادات لغياب السدود التخزينية للحفاظ على المياه من الضياع والتبدد. هذه الأمطار الخريفية المبكرة سجلت معدلات عالية في عدة وحدات إدارية، إلى جانب تدفق السيول من الجانب الإيراني ومحافظات أخرى، مما يبعث على التفاؤل بموسم مطري وخزين مائي وفير يلبي احتياجات الخطط الزراعية.
وأكد عضو المجلس المحلي السابق لناحية مندلي (95 كم شرق بعقوبة)، طارق الساعدي، أن «السيول الإيرانية التي تدفقت عبر 7 وديان حدودية (مويلح، حزام، طحلا، ليما، ذراع، وواديي ترساق 1 وترساق 2) عند حدود ناحية قزانية ومندلي مع الجانب الإيراني، تبشر بزوال مخاوف الجفاف ونقص المياه التي تواجه الخطط الزراعية، رغم غياب مشاريع السيطرة والخزن لاحتواء السيول الإيرانية وتحويلها إلى خزين مائي ستراتيجي».
وبيّن الساعدي في حديثه لـ(المدى) أن «السيول سنويًا تملأ الجداول والأنهار وتتدفق إلى الوديان وتهدر دون استغلالها بسبب ضعف الطاقة الاستيعابية لسدي مندلي وقزانية وكثرة الترسبات الطينية فيهما، رغم استمرار خطط الكري والتطهير من قبل وزارة الموارد المائية».
وطالب الساعدي الموارد المائية بـ«الشروع بإنشاء سدي (ترساق) في أطراف قزانية و(وادي النفط) في أطراف مندلي لخزن مياه السيول التي تهدر أغلبها في الوديان والصحاري الممتدة بين ديالى ومحافظة واسط والجانب الإيراني».
وأشار الساعدي إلى أن «الأمطار والسيول ستنعش الزراعة الشتوية لأكثر من 300 ألف دونم في مندلي وقزانية خلال الخطط الشتوية والصيفية، رغم تناقص الإيرادات المائية خلال الصيف والاعتماد بشكل أكبر على مياه الآبار».
وتتعرض المناطق الحدودية في ديالى مع إيران، وخاصة ناحية قزانية (115 كم شرق بعقوبة) وناحية مندلي (90 كم شرق بعقوبة)، سنويًا وخلال موسمي الشتاء والربيع إلى موجات سيول قادمة من إيران.
وفي خانقين، أفاد مدير سد الوند، أحمد وسين، أن «السيول المتدفقة من الحدود الإيرانية زادت المخزون المائي لسد الوند بأكثر من 11 مليون متر مكعب، في حين وصل الخزين المائي في السد قبيل الأمطار إلى 14 مليون متر مكعب، فيما تبلغ الطاقة التخزينية القصوى للسد 38 مليون متر مكعب».
وحدد وسين في حديثه لـ(المدى) تدفق سيول كبيرة من الحدود الإيرانية ومناطق أطراف حدود كردستان خلال اليومين الماضيين، مستدركًا: «زيادة موجات السيول المتدفقة أو نقصانها لا يمكن تحديده خلال الفترة القليلة القادمة وربما تتناقص أو تتزايد».
وعدّ وسين ارتفاع معدل الأمطار في خانقين إلى 63 ملم بداية مبشرة بموسم شتوي وفير بالإيرادات المائية، وتبديدًا لمخاوف نقص المياه أو مشاكل الجفاف، رغم أن الموسم المطري الشتوي لا يمكن تخمينه بشكل دقيق أو تام.
وأُنجزت وزارة الموارد المائية سد الوند عام 2013، ويقع على نهر الوند جنوب شرق خانقين في محافظة ديالى، ويبعد عن الحدود العراقية الإيرانية مسافة 6 كم. وهو سد إملائي ترابي ذو لب طيني بطول 1342 مترًا وارتفاع السد 24 مترًا مع منشأ مسيل خرساني، وكميات الخزن في بحيرة السد 38 مليون متر مكعب، والمساحة السطحية للبحيرة 6,200,000 متر مربع.
انتقلت (المدى) إلى مدير سد العظيم (70 كم شمال بعقوبة)، باسم عبد الحسين، الذي أحصى كميات المياه المتدفقة عبر السيول القادمة من حدود جنوبي كركوك بـ4 ملايين متر مكعب، ما أسهم في ارتفاع منسوب السد بأكثر من 60 سم عن المنسوب السابق، مرجحًا تزايد الإيرادات المائية الواردة إلى سد العظيم نتيجة لاستمرار تدفق السيول الشمالية، منوهًا إلى أن السعة التخزينية للسد تبلغ مليار متر مكعب.
وبدّد عبد الحسين في حديثه لـ(المدى) مخاوف المزارعين من أي أزمة مائية أو نقص في الإيرادات المائية اللازمة للخطط الزراعية في ناحية العظيم (60 كم شمال بعقوبة)، متفائلًا بنجاح الخطة الشتوية وتلبية احتياجاتها المائية بحسب التخمينات الأولية للموسم الشتوي.
آخر محطات (المدى) كانت مع مدير الموارد المائية في ديالى، مهند علي المعموري، الذي أوجز معدلات الأمطار في مناطق المحافظة بين 20-30 ملم، فيما تم توجيه وتصريف الأمطار نحو السدود والأنهار التي تصب في المحافظة وإلى بحيرة حمرين بشكل كبير، والتي تعد أكبر خزين مائي في ديالى.
واعتبر المعموري في حديثه لـ(المدى) أن «الإيرادات المائية في ديالى جيدة بعد ارتفاع مخزون بحيرة حمرين (55 كم شمال شرق بعقوبة) إلى 70% لتلبية احتياجات الخطة الزراعية الشتوية التي بلغت 275 ألف دونم، وهي خطة جيدة جدًا لتعويض المزارعين عن سنوات الجفاف الماضية».
وأكد المعموري أن «الأمطار الحالية قللت استخدام الخزين المائي في السدود والبحيرات التخزينية»، مشيرًا إلى «وجود فراغ تخزيني كافٍ لاستيعاب الأمطار والسيول الحالية والمستقبلية».
وبنفس ما أدلى به المسؤولون والمختصون بملف المياه في ديالى، طمأن المعموري المزارعين والمواطنين بخزين مائي وفير لتلبية احتياجات الخطط الشتوية، وإرواء البساتين، ورفد مشاريع تصفية ماء الشرب بالمياه الخام خلال الموسم الصيفي القادم.