ذي قار/ حسين العامل
بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، أدان ناشطون وأسر الضحايا التسويف الحكومي في الكشف عن المتورطين بقتل 800 شهيد والمتسببين بقمع 30 ألف جريح من ضحايا قمع التظاهرات، مطالبين بفتح تحقيق دولي في هذا المجال.
وشهدت التظاهرات العراقية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول 2019 وتواصلت على مدى عام ونصف، استشهاد 800 متظاهر وإصابة نحو 30 ألف آخرين جراء استخدام العنف المفرط والقنابل الدخانية والرصاص الحي، ناهيك عن الهجمات المسلحة التي تقوم بها الميليشيات والفصائل المسلحة التي تستهدف تجمعات وميادين اعتصام المتظاهرين.
وعن أثر الإفلات من العقاب على أسر الضحايا، يقول عباس ستار، شقيق الناشط المغيب سجاد العراقي: «ما يفاقم معاناة أسر الضحايا ليس فَقْد أبنائهم فحسب، وإنما التواطؤ مع القتلة والتسويف وعدم الجدية في ملاحقتهم».
وأوضح ستار في حديث لـ(المدى) أن «أحد المدانين باختطاف وتغييب شقيقي سجاد العراقي ظهر مؤخراً بصورة علنية وهو يحتفل بتخرجه من إحدى جامعات إيران وينشر صور الاحتفال على حسابه الشخصي في مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن «المدان محكوم بالإعدام غيابياً ومطلوب من الشرطة العراقية والإنتربول».
وعدّ ستار هذا السلوك تحدياً واضحاً للحكومة والقضاء وأسرة الضحية، وأضاف أن «هؤلاء المجرمين لا يخافون ولا يخشون العقاب بسبب وقوف جهات سياسية وميليشياتية متنفذة معهم»، منوهاً إلى أن «أحكام القانون يجري تطبيقها على الفقراء والمتظاهرين فقط ولا تشمل أتباع الأحزاب والمجاميع المسلحة».
ويرى ناشط آخر في تظاهرات ذي قار أن «هناك تسويفاً في محاسبة المتورطين بقمع تظاهرات تشرين على مستوى العراق»، منوهاً إلى أن «الجهات والأفراد المتورطين بقمع تظاهرات تشرين لا يزالون أحراراً رغم إزهاق أرواح 800 متظاهر وإصابة أكثر من 30 ألف آخر بجروح خطيرة ناجمة عن إطلاق الرصاص الحي على صدور متظاهرين سلميين كل جريمتهم أنهم تظاهروا للمطالبة بوطن حر وفرصة عمل».
ويرى الناشط أن «قضية محاسبة قتلة المتظاهرين تخضع لتدخل جهات سياسية وميليشياتية لغرض إفلات المجرمين من العقاب»، داعياً إلى تشكيل محكمة جنائية دولية خاصة للنظر في جرائم قمع المتظاهرين.
وبدوره، تحدث الناشط هشام السومري عن التسويف في محاسبة المتورطين بقمع المتظاهرين وما أفضت إليه نتائج التحقيق قائلاً إن «ما تعرض له المتظاهرون من جرائم قمع وما جرى عقب ذلك من تشكيل لجان تحقيقية حكومية وقضائية لم يكشف عن المتورطين بقتل واستهداف المتظاهرين»، مبيناً أن «أكثر من 27 لجنة سابقة شكلتها الحكومات المحلية والمركزية المتعاقبة للتحقيق في مقتل نحو 140 متظاهراً في الناصرية إلا أنها حتى الآن لم تسفر عن نتيجة واضحة تفضي لمحاسبة المتورطين بجرائم القتل والقمع»، منوهاً إلى أن «نتائج التحقيق لو كانت حاسمة لما تكررت حوادث قتل وقمع المتظاهرين».
واستدرك السومري: «فحتى الأحكام القضائية التي صدرت بحق بعض المدانين بقمع التظاهرات تم نقضها فيما بعد أو جرى تهريب المدانين من السجن لإنقاذهم من العقاب».
وأفاد السومري بأن «أسر شهداء التظاهرات والجرحى والمصابين من ضحايا قمع التظاهرات رفعوا أكثر من 900 دعوى قضائية أمام محاكم ذي قار ضد عناصر وضباط من القوات الأمنية وعناصر ميليشياوية تتبع الأحزاب»، وأردف «إلا أن جُلّ تلك القضايا لم تُحسم رغم مرور أكثر من خمسة أعوام على اندلاع التظاهرات وقمعها».
وتابع السومري أن «معظم القضايا المتعلقة بالعنف ضد المتظاهرين ما زالت مركونة على الرفوف وقد تراكم عليها غبار السنين»، داعياً إلى تدويل ملف قمع المتظاهرين عبر تشكيل محكمة جنائية خاصة تلاحق وتقتص من مرتكبي الانتهاكات بحق المتظاهرين والمتورطين بقتلهم وتغييبهم وإطلاق الرصاص الحي عليهم.
وتطرق السومري إلى ما تعرض له وزملاؤه من قمع خلال التظاهرات السلمية قائلاً إنه «تعرض أثناء التظاهرات إلى الضرب المبرح وتحطيم عدد من أسنانه من قبل مجموعة من المسلحين ترتدي ملابس مدنية وحين قدم الشكوى ضدهم سُجلت الدعوى ضد مجهول».
ويجد السومري أن «ما تعرض له لا يقارن بما تعرض له زملاؤه من المتظاهرين الذين استشهد البعض منهم وتعرض البعض الآخر إلى إعاقة نتيجة قمع التظاهرات ولم تُحسم قضاياهم أو يكشف عمن ارتكب الجرائم ضدهم حتى الآن».
وأثار ناشطون (أواخر تموز 2022) التساؤلات حول مصير التحقيقات السابقة في مقتل 140 متظاهراً في محافظة ذي قار، مؤكدين أن أسر الشهداء وضحايا قمع التظاهرات رفعوا أكثر من 900 دعوى قضائية أمام محاكم ذي قار ضد عناصر من القوات الأمنية وعناصر ميليشياوية إلا أن معظم تلك القضايا ما زالت مركونة على الرفوف في مراكز الشرطة.
وشهدت تظاهرات محافظة ذي قار استشهاد أكثر من 140 متظاهراً وما يزيد على خمسة آلاف مصاب جراء استخدام العنف المفرط والقنابل الدخانية والرصاص الحي، ناهيك عن الهجمات المسلحة التي تقوم بها الميليشيات والفصائل المسلحة التي تستهدف تجمعات وميادين اعتصام المتظاهرين في ساحة الحبوبي وغيرها.
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في قرارها 68/163 الذي حثّ الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمواجهة ثقافة الإفلات من العقاب، وقد اختير التاريخ إثر اغتيال صحفيين فرنسيين في مالي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
أصوات عراقية تعلو للمطالبة بتحقيق دولي في جرائم قمع التظاهرات
في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب
نشر في: 5 نوفمبر, 2024: 12:43 ص