علي حسين
لعلها من المرات النادرة التى يبدو فيها نائب رئيس الجمهورية السابق خضير الخزاعي صادقا وهو يتحدث عن ما جرى في العراق من انتهاك لسيادته .. حدث ذلك في اخر ظهور للسيد الخزاعي على الفضائية العراقية حيث اخبرنا بكل اريحية انه اخذ موافقة من رئيس السلطة القضائية في إيران من اجل تنفيذ حكم قضائي اصدرته محكمة عراقية .. لا اريد ان ادخل في التفاصيل ، فالبعض ربما يتوهم انني ادافع عن الشخص الذي صدر ضده حكم الاعدام ، او لا سامح الله يتهمني بالاساءة للقضاء العراقي ، لكن السيد خضير الخزاعي هو من اخبر العراقيين انه ذهب إلى طهران برفقة وفد حكومي كبير من أجل الحصول على إذن بصحة صدور حكم إعدام ضد احد رجال النظام السابق .
لم يكن حديث الخزاعي زلة لسان كما سيتوهم البعض ، فالرجل كان يتحدث بكل ثقة وهو يرد على أسئلة مقدم البرنامج ، وقد اكتشفنا انه استطاع ان يهدي مجاميع كبيرة من العراقيين ، فالرجل يخبر مقدم البرنامح ان معظم الذين كان يلتقي معهم يؤمنون بافكاره ، والسبب لانه " خوش ادمي " ، لكنه بالمقابل رفض ان يعمل طالب ماركس معه ، لان الماركسي لا يعجبه .
كنت ضمن الذين كتبوا عن خضير الخزاعي " الخوش ادمي " ، داخر الحركة اليسارية ، ايام كان وزيرا للتربية وبعدها نائبا لرئيس الجمهورية ، فالرجل خطط لفصل البنين عن البنات في المدارس الابتدائية، ، وكان أول مسؤول عراقي يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، حين يرى معلمة غير محجبة.. واتذكر كيف خرج علينا ذات مساء ليقول : "انه لا يسعى للمنصب لكنه تكليف شرعي وعليه تنفيذه" ، وفي ذلك الوقت حين واجه ترشيحه لمنصب نائب رئيس الجمهورية، اعتراضا من بعض الكتل السياسية رفع إصبعه محذرا الجميع من أن عدم وجوده في المنصب سيجر البلاد إلى مزالق الخطر ويطيح بالعملية السياسية، كان الخزاعي حريصا ان يهدي العراقيين الى طريق الفضيلة اوكيف يمكن اخراجهم من عصور الجاهلية ، وقدم لهذا الشعب ذات يوم نصيحة ذهبية عندما قال ان الاحتجاجات والتظاهرات مضرة ولا تجدي نفعا، لان العراق بلد فقير وان الحكومة لا تملك الأموال اللازمة لتحقيق كل ما يصبو إليه المواطنون الذين لو خرجوا كلهم، حسب قوله، فان أي شيء لن يتغير.
حتما لم يتغير شيء نحو الأحسن، لكن احوال خضير الخزاعي تغيرت كثيرا، فالرجل عاد الى بلده كندا وهو يحمل في جيبه راتبا مليونيا، وامتيازات واموال المدارس الحديدية، ومشاريع وزارة التربية الوهمية ، وقد اخبرتنا لجنة النزاهة البرلمانية فيما بعد ان مشاريع المدارس الحديدية نهب منها ما يقارب الربع مليار دولار عدا ونقدا. وعاش "الخوش اوادم".