الكوت/ جبار بچاي
حذر خبير في شؤون الموارد المائية من خطر يهدد سدة الكوت، أهم منشآت الري على نهر دجلة، بسبب التجاوزات الكثيرة التي أدت إلى فقدان حوضي التخزين والتهدئة عند مقدم ومؤخر السدة. وأكد أن هذا الخطر سيظهر بشكل جلي عند ورود موجات فيضانية عالية، مما يعرض مدينة الكوت لمخاطر كبيرة.
وكشف الخبير في شؤون الموارد المائية، علي حسين حاجم، أن «سدة الكوت التي أُنشئت في ثلاثينيات القرن الماضي تعد المنشأ الأهم على نهر دجلة، وخصائصها معروفة في تنظيم مياه الري وتوزيع المياه بين المحافظات ومعالجة الذروات الفيضانية في نهر دجلة وتوزيعها بين مؤخر النهر صوب العمارة والغراف صوب الناصرية، وكذلك الاستفادة من حوض المقدم الذي يمتد مسافة 19 كيلومتراً عمودياً للخزن المؤقت ومعالجة الحالات الطارئة».
وأضاف: «ما يؤسف له هو صمت الموارد المائية في واسط عن التجاوزات الكبيرة التي حصلت على نهر دجلة، خاصة تلك التي تقع عند مقدم السدة، حيث أُنشئت العديد من المشاريع المختلفة منها قاعات ومراسٍ ودور سكنية وشاليهات، جميعها تقع ضمن محرمات النهر، ما يعد مخالفات واضحة يحاسب عليها القانون».
واشار إلى أن «تلك التجاوزات المحمية بموافقات غير أصولية من دوائر المياه، خاصة الواقعة ضمن حوض التخزين، استحوذت على الجزء الأكبر من النهر، وأغلبها مغطاة بتكسية حجرية، مما يعرض مدينة الكوت للخطر في موسم الفيضان».
ويُعرَف حوض التخزين بأنه جزء النهر الذي يقع عند مقدم السدة ويمتد شمالاً بحدود 19 كيلومتراً، ويُستفاد منه حسب دراسات سدة الكوت في استيعاب الذروات الفيضانية وله قدرة على خزن بحدود 390 مليون م³، بينما يقع حوض التهدئة عند مؤخر السدة وبمقطع أوسع من جسمها، وتكمن أهميته في تهدئة الجريان بعد منطقة القفزة الهيدروليكية عند مؤخر السدة، ويمتد إلى مسافة 1 كيلومتر، ويحمي مقتربات السدة وقاع النهر من النحر والتآكل.
وذكر أن «التجاوزات استحوذت على جزء كبير من حوض التهدئة وحرفت مجرى النهر بعد غلق أحد أذرعه وتحويله إلى مكب نفايات، وظهور تأثير بيئي سلبي على مدينة الكوت يهدد الصحة العامة. لكن الأخطر في ذلك هو زيادة النحر العمودي في لب الذراع الثاني من النهر وقريب من جسم السدة، وأن استمرار هذه التجاوزات يعرض منشأ السدة للخطر ويعرض مدينة الكوت لمخاطر الفيضان».
ودعا الدوائر المعنية إلى «أخذ دورها جدياً في رفع تلك التجاوزات وعدم السماح بتكرارها في أي مقطع من مقاطع النهر الذي يمر بمدينة الكوت من جنوب المدائن إلى شمال علي الغربي بمحافظة ميسان».
تُمرر سدة الكوت، التي كان الهدف الأساس من وجودها معالجة الذروات الفيضانية وتوزيع الحصص المائية بين محافظات واسط وذي قار وميسان والبصرة، 6000 م³ في حالات الذروة الفيضانية. وكان أقصى تصريف تم تمريره منها في فيضان عام 1954 هو 4500 م³/ثا. كما تعمل على معالجة فرق جهد الضغط السالب الذي يحصل في موسم الصيهود ويتسبب في إيقاف المضخات في منطقة السن الصخري بمنطقة الكارضية التي تبعد نحو 17 كيلومتراً نهرياً عن السدة، التي كان من المقرر تنفيذها في هذا المكان لكن بطلب من الحكومة العراقية آنذاك تم تغيير موقعها إلى الموقع الحالي بوسط مدينة الكوت ليستفيد منها في ربط جانبي المدينة وتسهيل حركة العبور بين الجانبين مع إمكانية تمرير السفن التي كانت تنقل الحمولات عبر المناطق التي يمر فيها النهر.
كذلك تعمل على رفع منسوب المياه في المقدم لتأمين تجهيز المياه سيحاً لمشاريع الدلمج والدجيلة والغراف والبتار والسوادة عند أطراف مدينة الكوت الشمالية، لتحقق إرواء سيحياً لمليون دونم من الأراضي الزراعية.
وسبق أن حذرت عدة جهات حكومية ومدنية في محافظة واسط من تفاقم ظاهرة رمي النفايات ومخلفات المشاريع الصناعية والمستشفيات إلى مصادر المياه وبالأخص نهر دجلة، كونها تشكل خطراً على صحة وحياة المواطنين.
يقول حاجم: «من التجاوزات الأخرى الحاصلة على نهر دجلة قيام عدد كبير من المواطنين عند انخفاض منسوب المياه فيه بزرع الشاطئ والجُزُر التي تظهر في وسطه بمختلف المحاصيل الزراعية والخضر، مما أدى إلى تغيير معالمه وترك تأثيرات بيئية وصحية نتيجة لاستخدام الأسمدة الكيماوية، حتى الأسماك اختفت بعد أن كان سمك السدة هوية الكوت المعروفة».
يُذكر أن سدة الكوت الإروائية تتكون من 56 فتحة «بوابة»، عرض كلٍّ منها ستة أمتار، وعرض كل دعامة بين فتحتين متجاورتين متران و25 سنتيمتراً، وارتفاعها ثمانية أمتار، ويبلغ طول السدة 500 متر، فيما يبلغ عرض ممر السفن «هويس الملاحة» 16 متراً ونصف المتر وطوله 80 متراً.
ويرتبط مع مقدم السدة ناظما الغراف والدجيلة لإرواء الأراضي الواقعة إلى الجنوب من الكوت وصولاً إلى قضاء الشطرة بمحافظة ذي قار والمعروفة بأراضي حوض الغراف.