بغداد/ تميم الحسن
يتوقّع في العراق أن يستبدل دونالد ترامب، الذي أعلن فوزه بالانتخابات الأمريكية، التفاهمات مع الفصائل المقربة من إيران بـ"القوة".
وحاولت، على ما يبدو، أطراف عراقية دعم المنافس الديمقراطي في بعض الولايات الأمريكية، خوفاً من سيناريو عودة "ترامب".
ويتداول في الأوساط، بمناسبة فوز ترامب، مذكرة الاعتقال التي أصدرها القضاء العراقي قبل ثلاث سنوات ضد الرئيس الجديد.
ولم تعلّق الحكومة حتى لحظة كتابة التقرير على انتخابات الرئاسة الأمريكية، فيما هنأت رئاستي الجمهورية وإقليم كردستان ترامب، ودعت الى تعزيز الشراكة.
وأمس، أعلن الجمهوري دونالد ترامب فوزه بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال ترامب في كلمة من مقر حملته الانتخابية بولاية فلوريدا: "سأجعل أمريكا عظيمة مجدداً، نريد جيشاً قوياً، لن أبدأ الحروب بل سأنهيها، سأوفر فرص العمل، سنخفض الضرائب ونغلق الحدود أمام المجرمين".
الملف العراقي على طاولة ترامب
في الأثناء، يقول مثال الآلوسي، السياسي والنائب السابق، إن حملة انتخابات ترامب كانت تدور حول "استعادة أمريكا لسمعتها وقوتها، وإجراء تغييرات جذرية في الاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية".
وأضاف في اتصال مع (المدى) أن "هذا التغيير لن تسلم منه مواقع كثيرة في العالم التي انتعشت بسبب تصرفات الديمقراطيين"، مشيراً إلى أن "الديمقراطية في العراق في زمن أوباما (الرئيس الأمريكي الأسبق) انحرفت، وهيمنت الفصائل على القرار السياسي والاقتصاد والدستور".
وقال النائب السابق إن "الملف العراقي سيكون على طاولة الرئيس الأمريكي الجديد ومستشاريه، لكن السؤال من أين سيبدأ، وكيف سيتصرف؟".
وكانت القوى السياسية الشيعية، خصوصاً، قد اتهمت ترامب في الولاية الأولى بأنه ينوي حل الحشد الشعبي، ومرة أخرى بأنه يدعم "عودة البعثيين".
وتوقّع الآلوسي أن واشنطن ستتعامل بشكل جدي مع الفوضى التي أحدثتها الفصائل، واستنزاف الأموال العراقية والثروات بالصراع في المنطقة.
ونصح النائب الحكومة العراقية بأن "تحاول إيجاد جسر ولغة عملية وبراغماتية مع الرئيس الأمريكي الجديد، وإلا سيكون الثمن باهظاً".
وكانت كتل سياسية شيعية قد انتقدت زيارة ترامب للقوات الأمريكية في العراق، بقاعدة عين الأسد الجوية في صحراء الأنبار، في عام 2018، لتهنئة القوات بأعياد الميلاد.
وفي أثناء الزيارة، قال ترامب إن "الجيش الأمريكي قد يتخذ العراق قاعدة لشن عمليات داخل الأراضي السورية"، وهو ما اعتبرته تلك الكتل "انتهاكاً للسيادة العراقية، وتدخلاً في شؤون البلاد الداخلية".
ودعت عدد من الكتل إلى "إنهاء الوجود الأمريكي في العراق".
دعم هاريس.. ومذكرة اعتقال
من جانب آخر يتحدث مثال الآلوسي عن أخبار غير مؤكدة تفيد بأن هناك أطرافاً قريبة من "الإطار التنسيقي"، حاولت دعم المرشحة الأمريكية المنافسة بالمال.
وقال إن "التدخلات العراقية جاءت في ولاية ميشيغان لدعم كامالا هاريس، المرشحة المنافسة"، متوقعاً أن "واشنطن ستأخذ إجراءات شديدة في حال ثبت التدخل؛ لأنها جريمة بالقانون الأمريكي".
وأعاد العراقيون على "إكس" بمناسبة فوز ترامب، نشر صورة مذكرة الاعتقال التي أصدرها القضاء العراقي بعد أن غادر الرئيس السابق البيت الأبيض، وربما كان الجميع لا يتوقع عودته مرة أخرى للرئاسة.
وتعليقاً على أمر الاعتقال، يقول محمد نعناع، الأكاديمي والباحث في الشأن السياسي، لـ(المدى) إن مذكرة الاعتقال "غير مهمة ولا يمكن تنفيذها بأي حال من الأحوال".
وأضاف نعناع أنها "لن تمنع الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين".
وكان القضاء العراقي قد أعلن في السابع من كانون الثاني 2021، صدور مذكرة اعتقال من محكمة تحقيق الرصافة في بغداد، بحق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في إطار التحقيق الخاص باغتيال رئيس أركان الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، بضربة أمريكية استهدفته في العاصمة بغداد، برفقة قائد الحرس الثوري الإيراني حينها قاسم سليماني.
وأوضح بيان رسمي صدر حينها أن "القرار يستند لأحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ"، مؤكداً أن "إجراءات التحقيق لمعرفة المشاركين الآخرين في تنفيذ هذه الجريمة سوف تستمر، سواء كانوا من العراقيين أو الأجانب".
وصرّح رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، في وقت سابق، بأنه "أصدرنا مذكرة قبض بحق ترامب ولن نتردد باتخاذ الإجراءات القانونية".
هل تتغير سياسة واشنطن تجاه العراق؟
وتثير عودة ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض شكوكاً حول التراجع عن اتفاق سحب القوات الأمريكية من العراق.
وفي أيلول الماضي، أعلنت الحكومة العراقية سحب قوات التحالف في غضون العامين المقبلين.
ويعتقد مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، في تغريدة على "إكس"، أن الانتخابات الأمريكية لن تغيّر في سياسة واشنطن.
وأضاف الصدر أن "سيناريو الدراما الأمريكية لا يختلف بين انتخابات وأخرى سوى ببعض التفاصيل الجزئية التافهة".
وكان الصدر قد علّق على محاولة اغتيال ترامب في تموز الماضي، خلال تجمع انتخابي.
وقال على "إكس" إن "بغض النظر عن أنها حقيقية (حادث الاغتيال) أو أنها مقطع من فيلم أعدّ سابقاً"، فإنه يظهر الديمقراطية في أمريكا "أمراً زائفاً" وكاذباً و"مجرد ادعاءات".
بالمقابل، يجد غازي فيصل، الدبلوماسي السابق، في اتصال مع (المدى) أن ستراتيجية ترامب والحزب الجمهوري تاريخياً تعتمد على "منهج القوة في العلاقات الدولية" على عكس منهج الديمقراطيين.