عبد الحليم الرهيمي
لعل التقدير والتحليل الاكثر واقعية وصحة هو تصريح وزير الخارجية العراقية الدكتور فؤاد حسين في لقاء تلفزيوني مع فضائية الشرقية يوم الاربعاء الماضي والذي قال فيه (بأن العراق قلق من وقوع حرب شاملة في المنطقة التي تعيش اجواء حرب وعلينا ان لا نشعل النار في الداخل).
هذا التصريح – الموقف الصادر عن مسؤول كبير في الدولة والمتابع لاجواء ومسارات الاحداث بالمنطقة وانعكاساتها المحتملة على العراق، يمثل نداء وصرخة عالية، لكن بصوت هادئ، لشاعلي النار في الداخل العراقي من بعض الفصائل المسلحة، والى الحكومة العراقية كذلك لتقوم باقصى الجهود لتبديد هذا القلق واسبابه، وهي صرخة ايضاً الى المجتمع العراقي ليمارس اقصى درجات الحضور السياسي وممارسة الضغوط لرفض وتعطيل اي محاولة تؤدي الى جر العراق وشعبه وزجهما بحرب عبثه لا يريدانها بسبب (اشعال النار في الداخل تجاه الخارج).
ولتوضيح ذلك اكد الوزير حسين (ان القصف من المسلحين في داخل العراق على الخارج -اي اسرائيل- يعني تعريض العراق لخطر الرد الذي قد لا يكون ضربات مماثلة فقط انما اكبر من ذلك بكثير وقد يتوسع لحرب شاملة).
وبالطبع فان هذه الخشية والقلق في العراق وبعض دول المنطقة كايران التي حذر احد مستشاري المرشد " لاريجاني" (من الوقوع في الفخ الاسرائيلي لجر ايران للحرب) يقابلها سعي بعض الجهات المسلحة في العراق لما يجر او يستدرج اسرائيل لشن حرب على العراق وادخاله في اتون حرب اقليمية شاملة ومدمره لا يريدها العراق وشعبه.
وفي محاولته لتبديد القلق العراقي عمد الوزير حسين الى تذكير من يشعل النار بالداخل تجاه الخارج (انما يفعل ذلك بالضد من السياقات الدستورية وكذلك بالضد من قرارات ومواقف الحكومة التي تقول بان من صلاحيتها حصراً استخدام السلاح واطلاق النار وباي اتجاه) وبان مصادرة هذه الصلاحيات من اي جهة كانت هو مخالف بشكل صارخ للدستور والقانون.
ومن هنا تتبدى بشكل واضح وجلي للجميع اسباب ودوافع القلق العراقي والخشية لدى الجميع، الشعب العراقي والدولة ومؤسساتها، من زج العراق بحرب ليست حربه وحرب لا يريدها الشعب العراقي بأسره، اي بكل تياراته وانتماءاته السياسية والقومية والدينية والمذهبية.
وبالطبع فان مرد هذا القلق والخشية والخوف من زج العراق حرب لايريدها وغير مستعد لها وربما غير متكافئة بينه وبين اسرائيل وحلفائها الاقوياء لاعتقاده بانها ستكون حرب من يغامر بجر العراق لمثل هذه الحرب تخونه الذاكرة لما حل بالعراق خلال الحروب التي زج بها خلال العقود الاربعة الماضية وما اسفر عنها من نتائج كارثية وقرارات دولية مجحفة، فان العظة الاكبر الراهنه يجب، ويجب، ان تأخذ لما ادت اليه حرب اسرائيل ضد غزة ولبنان والمستمره بضراوة حتى هذه اللحظة والتي اسفرت حتى الان من دمار وكوارث وخسائر واسعة في الارواح ومن تدمير هائل للبنى التحتية في كل من غزة ولبنان والتي تتطلب اعادة اعمارها وترميمها عشرات السنوات ومليارات الدولارات.. اذا توفرت.
ان ما عرضته وسائل الاعلام من صور للدمار والخراب في غزة ولبنان، انما يمثل جزءاً فقط من الواقع على الارض وان ما خفي هو اعظم دون شك وستكون الايام والشهور القادمة كفيلة بكشفه بعد توقف الحرب.
ذلك هو الحصاد المروع والخطير والكارثي للحرب على غزة ولبنان، وهو الحصاد المر الذي ينبغي على الجميع ان يعمل لتجنبه وابعاده عن العراق، وليتحمل مشعلي النار في الداخل تجاه الخراج مسؤوليتهم بعدم جر العراق الى حرب عبثة مدمرة وكارثية والتمتع بالحس الوطني العالي بابعاد العراق وشعبه عن احتمالات مثل هذه الحرب التي تقلق الجميع والتي عبر عنها بوضوح وبكلام عربي فصيح – رغم كرديته – الاخ وزير الخارجية الدكتور فؤاد حسين!