أربيل / سوزان طاهر
بعد انتهاء انتخابات برلمان كردستان وإعلان النتائج الأولية، تتجه الأنظار نحو البرلمان في دورته المقبلة والمهام الملقاة على عاتقه. وسط كم كبير من المشاكل التي يعاني منها الإقليم في المرحلة الحالية، تتزايد المطالبات بضرورة تفعيل دور البرلمان وإعطائه المساحة الكافية للقيام بمهامه التشريعية والرقابية. لم تتمكن النتائج من منح أي حزب الأغلبية داخل برلمان كردستان، والبالغة 51 مقعدًا، والتي تمكنه من تشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات داخل الإقليم. وقد تأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية، إذ كان من المزمع إجراؤها في عام 2022.
يعاني إقليم كردستان من أزمات ومشاكل معقدة، لعل أهمها الأزمة الاقتصادية، وعدم حل مشكلة الرواتب مع بغداد، فضلًا عن الخلافات الداخلية، وأوضاع المنطقة، والوضع الأمني، والتدخلات التركية.
برلمان مختلف
أكد الكاتب والمحلل السياسي ميرزا لطيف أن مشهد البرلمان في إقليم كردستان، في موازاة نتائج الانتخابات التي جرت يوم 20/10/2024، سيكون مختلفًا تمامًا عما سبقه من جمود شاب حراكه ولجم تشريعاته طوال السنوات الماضية.
وبين في حديثه لـ(المدى) أن «البرلمان السابق تأثر بخلفيات قرار المحكمة الاتحادية بعدم توافقه مع مدده القانونية والدستورية والعرف البرلماني، ولهذا فإن الدورة السابقة لم تكن بالمستوى المطلوب، ولم يشرع القوانين المطلوبة».
وأضاف أن «التوجه العام وفق برامج الأحزاب المشاركة، الكبيرة منها والأقل حجمًا، سيكون ملتهبًا بالقوانين والتعاطي الحكومي القادم مع الملفات الصعبة، بالمادة 140 ذات الإطار المختلف بشأنه بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، فضلًا عن الموازنة وحصة كردستان فيها والقضايا السيادية العراقية في قلب الإقليم وآليات تطبيقها».
وأشار إلى أن «التشكيلة البرلمانية في مقاعد المجلس التشريعي الكردستاني لا شك أنها سوف تشهد جولات من التصارع، لكن الحصة الأكبر والقرار البات سيكون بيد الأحزاب ذات النفوذ التاريخي في حكومة الإقليم المقبلة والمجلس التشريعي».
حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني حسب النتائج الأولية لانتخابات برلمان كردستان على 39 مقعدًا، فيما حصل الاتحاد الوطني على 23 مقعدًا، وجاء الجيل الجديد ثالثًا بـ15 مقعدًا.
تشريعات جديدة
يقول عضو برلمان إقليم كردستان السابق صباح حسن إن برلمان الإقليم في الدورة القادمة مطالب بتشريع عدد من القوانين المهمة. ولفت في حديثه لـ(المدى) إلى أن «البرلمان المقبل مطالب بتشريع دستور الإقليم، ليكون وثيقة تنظم عمل السلطات داخل كردستان، ومحاولة إيجاد الحلول للأزمات التي يعاني منها المواطن الكردي».وأردف أن «الخطوة الأهم أن يكون البرلمان متجانسًا، وخاصة داخل هيئة الرئاسة، وأن تبتعد الأحزاب عن محاولة تعطيل إقرار القوانين والتشريعات المهمة».
العمل الرقابي
من جهة أخرى، يؤكد الكاتب والباحث السياسي لقمان حسين أن برلمان كردستان يجب تفعيل دوره في المرحلة المقبلة، كونه في الدورات الماضية لم يقم بدوره، وكان برلمانًا معطلًا، وغاب عن أبرز الأحداث.
وأشار حسين في حديثه لـ(المدى) إلى أن «هيئة رئاسة البرلمان في الدورة السابقة لم تكن منسجمة، والعلاقة لم تكن صحية بين رئيس البرلمان ونائبه، لأن كلاً منهما يمثل مصالح الحزب الذي رشحه، لذلك رأينا علاقة متوترة، ولم يطرح البرلمان قوانين مهمة، وإنما مواضيع ثانوية، وركز على الامتيازات الشخصية».
وأضاف أن «البرلمان لم يقم بدوره الرقابي على أداء الحكومة، ولم نلاحظ أن لجنة برلمانية كشفت ملف فساد في وزارة أو مؤسسة معينة، وهذا يؤكد حالة الضعف التي مر بها البرلمان السابق».
وتابع أن «البرلمان الحالي مطالب بوضع حد للأزمات التي يعاني منها الإقليم، وأبرزها الأزمة المالية، حيث يجب أن يأخذ البرلمان دوره في القرارات المصيرية، وأن لا تترك الأمور للحكومة وحدها، في قضايا مهمة مثل العلاقة مع بغداد، وتوطين الرواتب، وتوحيد قوات البيشمركة، ومحاربة الفساد، وتحسين العلاقة مع دول الجوار».
في المقابل، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي أن البرلمان المقبل عليه مسؤوليات كبيرة في الدورة القادمة.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) أن «أهم خطوة للبرلمان هي التصويت على تشكيل الحكومة الجديدة، واحترام التوقيتات القانونية، وعدم تجاوز تلك المدة».
وذكر أن «الخطوات الأخرى تتمثل في إعداد دستور خاص بإقليم كردستان، لغرض تحديد مهام السلطات، وكذلك تشريع القوانين المهمة، مثل قانون الموازنة الخاصة بالإقليم، وإعداد قانون مشترك للنفط والغاز مع بغداد، فضلًا عن إيجاد حل سريع للأزمة الاقتصادية».
وأردف أن «البرلمانات السابقة لم تكن بالمستوى المطلوب، وكان أداؤها ضعيفًا، لأن الخلافات الحزبية انعكست على وضع البرلمان، كما أن الحكومات السابقة في كردستان تجاوزت حدود سلطاتها، بالتالي يجب على البرلمان القادم أخذ دوره، والقيام بالعمل الرقابي، وتشريع القوانين التي تسند عمل الحكومة».
وفقًا للقانون، فإن رئيس إقليم كردستان يجب عليه توجيه الدعوة لبرلمان كردستان لغرض عقد جلسته الأولى بعد 10 أيام من المصادقة على نتائج الانتخابات، لغرض انتخاب هيئة رئاسة جديدة للبرلمان، وتكون الجلسة الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سنًا.
وبعد انتخاب هيئة رئاسة جديدة، يتم فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الإقليم خلال مدة أقصاها 30 يومًا، ليقوم الرئيس الجديد للإقليم بتكليف مرشح الكتلة الأكبر لغرض تسمية الكابينة الحكومية الجديدة.