المدى/ محمد العبيدي
أثارت مساعي بعض الكتل السياسية، لتمرير حزمة قوانين في "سلة واحدة" انتقادات واسعة، ومطالبات بتشريع كل قانون على حدة، خاصة وأن أغلب القوانين المطروحة جدلية، وتحتاج إلى قراءة متأنية.
ولجأ السياسيون إلى ربط أربعة قوانين جدلية هي "العفو العام" و"تقاعد الحشد الشعبي" و"تعديل قانون الأحوال الشخصية" و"إعادة العقارات المصادرة من النظام السابق لأهلها" بصفقة واحدة، لضمان مضيّها وعدم عرقلة تشريعها بكونها تمثّل مطالب القوى الشيعية والسنية والكردية مجتمعة.
المشهداني يتحرك
وقال رئيس البرلمان محمود المشهداني إنه سيوقف طريقة "السلة الواحدة" في تمرير القوانين، وعوضاً عن ذلك سيدعم مناقشة كل قانون على حدة قبل تمريره، معرباً عن تفاؤله بتمرير قانون العفو العام، مع تحفظه على تعديل قانون الأحوال الشخصية.
وأضاف المشهداني في تصريحات تلفزيونية: "لن أمرر القوانين المطروحة بسلة واحدة، فعلتها سابقاً عام 2008 ولم نكن راضين على هذا الأسلوب رغم ثقافتنا السياسية البسيطة حينها، فكيف نمررها اليوم، بل يجب أن يتم تمريرها عبر الطرق الصحيحة، عبر إشباعها نقاشاً لحين توافر الأغلبية حولها". وتواجه تعديلات قانون الأحوال الشخصية الذي يعد أبرز القوانين الجدلية في هذه السلة، اعتراضات دولية وأممية، فضلاً عن منظمات حقوقية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، غير أن بعض القوى السياسية تتجاهلها وتحثّ خطاها لتمريرها برلمانياً. وبحسب قانونيين فإن إقرار القوانين في سلة واحدة أمر غير دستوري وقد اعترضت عليه المحكمة الاتحادية سابقا، كما أن ظاهرة "التخادم والتنازل" بتشريع قوانين كثيرة في البرلمان من سمات النظام السياسي بعد 2003، إذ أن أغلب الأوقات تكون هذه القوانين بخدمة الجهات السياسية الداعمة لها، وليس الشارع العراقي، بحسب مختصين.
وجه للتوافقية
وقال المحلل السياسي مجاشع التميمي، إن "اعتماد مبدأ السلة الواحدة في تمرير القوانين، وجه آخر للتوافقية السياسية في العراق، وهو مفهوم غير قانوني، باعتبار أننا نقوم بتحويل التشريع إلى عملية ترضية أو صفقة سياسية".
وأضاف التميمي لـ(المدى) أن "أغلب القوانين التي يدخل فيها مبدأ التوافقية دائماً ما تكون فيها إشكاليات، وربما يتم تعديلها بعد فترة قليلة، ولكن خلال فترة التشريع تكون هناك كوارث".
وتابع أن "السلة المطروحة حالياً للقوانين الأربعة، بحاجة إلى الكثير من التأني والمراجعة والتريث لحين التوصل إلى بنود وصيغ قانونية مناسبة، تخدم الشعب والبلد". مشيراً إلى أن "اعتماد مبدأ السلة الواحدة يمثل خيانة كبيرة للشعب".
ويحمل تمرير القوانين في سلة واحدة مخاطر كبيرة على استقرار التشريعات، ففي ظل الضغوط السياسية والمصالح المتضاربة، تبرز احتمالية تعديل أو إلغاء هذه القوانين بسرعة كبيرة، ما ينعكس سلبًا على مصداقية عمل مجلس النواب بشكل عام.
قوانين جدلية
بدوره، يرى الباحث في الشأن السياسي، عماد محمد، أن "اللجوء إلى تمرير القوانين في سلة واحدة يعد تجاوزاً على إرادة الشعب وتجاهلاً لمصالح المواطنين".
وأوضح لـ(المدى) أن "هذا المفهوم يخدم مصالح القوى السياسية أكثر من خدمة الشارع العراقي، ويجب التراجع عنه، باعتباره يشوّه العملية التشريعية، ويجعل القوانين عرضة للمساومات".
ويواجه تعديل قانون الأحوال الشخصية، رفضاَ شعبياً واسعاً، بسبب بنوده التي اعتُبرت ضربة لحقوق المرأة والأسرة، خاصة فيما يتعلق بزواج القاصرات، ومسائل الميراث وغيرها، كما أن التعديلات تضع سلطة المذاهب ورجال الدين في مكانة أعلى من سلطة القضاء والقانون.
كما يواجه تعديل قانون العفو العام، اعتراضات ومخاوف من شموله المدانين بتهم الإرهاب والانتماء إلى تنظيم "داعش"، أما قانونا العقارات، وكذلك تقاعد الحشد الشعبي، فهما يواجهان نقاشات محتدمة تحت قبة المجلس، حيث كان المجلس قريبا من تمريرهما، لكن مفهوم السلة الواحدة عرقل ذلك.