ديالى / محمود الجبوري
أكد مسؤولون ومختصون في ديالى أن المحافظة تحتل المرتبة الثانية في إيواء واستقبال النازحين اللبنانيين الذين نزحوا بسبب الهجمات الإسرائيلية التي دمرت البنى التحتية وأسفرت عن آلاف الضحايا والمصابين.
وأوضحوا أن ديالى، وبتوجيه حكومي واستجابة لدعوة المرجع الشيعي السيد علي السيستاني، نفذت برامج إنسانية متكاملة لاستقبال النازحين اللبنانيين، وتوفير المأوى والخدمات وفرص العمل في مجالات متعددة.
تحظى قضية النازحين اللبنانيين في العراق باهتمام رسمي من قبل الحكومة، التي أصدرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي توصيف «ضيوف العراق» لهؤلاء النازحين. كما تحظى القضية باهتمام خاص من قبل المسؤولين في العتبات الدينية في كربلاء والنجف.
تضاربت إحصائيات النازحين اللبنانيين في العراق؛ حيث أعلنت وزارة الهجرة والمهجّرين عن وصول نحو 12 ألف نازح لبناني، بينما أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية مقداد ميري أن عدد الوافدين إلى العراق وصل إلى 36,867 وافداً، غادر منهم 11,444 الأراضي العراقية. في المقابل، أوضح المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء القيسي أن العدد الإجمالي يزيد قليلاً عن 18 ألف نازح. عباس مكي الأرناؤوطي، صاحب مضيف الإمام الحسين في ناحية جديدة الشط، على بُعد 30 كم شمال غرب بعقوبة، يعمل ضمن فريق إغاثي متكامل لمساعدة الأسر اللبنانية. وذكر أن ديالى استقبلت أكثر من 400 عائلة لبنانية وزعت في مختلف مناطق المحافظة، حيث تكفل الأهالي بإيواء وإسكان الأسر وتقديم الخدمات المعيشية المتكاملة، تلبية لفتوى المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف والمراجع الدينية كافة.
كما استعرض الأرناؤوطي في حديثه لـ(المدى) البرنامج الإغاثي والإنساني المتكامل الذي نُفّذ بدءًا من ناحية جديدة الشط، حيث قام فريقه بإرسال حافلات مجانية إلى سوريا لنقل النازحين اللبنانيين إلى ديالى وإلى مضيف الإمام الحسين، الذي يعد المحطة الأولى لاستقبالهم، قبل توزيعهم على مختلف مناطق المحافظة ضمن خطة متكاملة وبتعاون كبير من أبناء ديالى.
أعلن الأرناؤوطي تشكيل لجان متعددة لإغاثة الأسر اللبنانية، منها لجنة الصحة التي تنسق مع المستشفيات والمؤسسات الصحية لتقديم الخدمات بشكل مجاني. وأشار إلى أن أكثر من 60 طبيباً وصيدلية ومختبراً طبياً تبنوا تقديم الخدمات الصحية والعلاجية والعمليات مجاناً.
تتولى لجنة المتابعة إحصاء الأسر اللبنانية أسبوعياً وتفقد أوضاعهم المعيشية والخدمية، بينما تنسق لجنة التربية انخراط الطلاب اللبنانيين في المدارس. كما تتولى اللجنة الأمنية التحري عن جميع العوائل اللبنانية لضمان الأمن والانضباط في المناطق التي يقيمون بها.
وأكد الأرناؤوطي تقديم خدمات النقل المجاني للنازحين اللبنانيين إلى الدوائر الحكومية وتنظيم زيارات مجانية للعتبات المقدسة، بجهود تطوعية من الأهالي وتبرعات مستمرة، مشيراً إلى أن فتوى المرجعية دفعت أبناء ديالى للتسابق لخدمة الأسر اللبنانية كواجب إنساني وديني.
اختتم الأرناؤوطي حديثه قائلاً: «عقدنا اجتماعاً موسعاً فور صدور فتوى المرجعية، لوضع خطط لمساعدة الضيوف اللبنانيين الوافدين، إلى جانب تشكيل مواكب خدمية لخدمة اللبنانيين في سوريا». وأشاد بـ«فزعة» أبناء ديالى لمساندة إخوانهم اللبنانيين.
مقداد هاني التميمي، أحد العاملين في فرق إغاثة الأسر اللبنانية في أطراف قضاء الخالص شمال شرق بعقوبة، أكد أن أبناء ديالى أبدوا استجابة كبيرة لمساعدة إخوانهم اللبنانيين، بتوفير السكن المجاني والتبرع بمنازل مجهزة بكافة المستلزمات.
أضاف التميمي في حديثه لـ(المدى) أن الفرق الإغاثية أسست مخزناً للمواد الغذائية للأسر اللبنانية ونسقت فرص عمل للشباب اللبنانيين الذين انخرط العديد منهم في أعمال ومهن تناسبهم، بإشراف فرق الإغاثة التي تعمل بفتوى المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف. وأشاد التميمي بدور الكوادر الطبية والمؤسسات في تقديم الخدمات الطبية المجانية لبعض المواطنين، داعياً الفئات الاجتماعية إلى المشاركة الفاعلة في إغاثة الأسر اللبنانية كموقف شرعي وإنساني سيذكره التاريخ.
عمار فاضل، أحد المتطوعين الشباب في إغاثة الأسر اللبنانية، أكد أن الشباب اللبناني تمكنوا من الاندماج بسرعة مع المجتمع العراقي، وذكر أن سبب الاندماج يعود إلى الكرم العراقي اللا محدود، ما جعلهم يشعرون كأنهم في وطنهم.
في حديثه لـ(المدى)، أشار فاضل إلى أن الشباب اللبناني أقاموا علاقات وطيدة مع نظرائهم العراقيين واندمجوا في مختلف المجالات.
رئيس لجنة الضيوف اللبنانيين في ديوان محافظة ديالى، خضر مسلم، أوضح أن لجنته نظمت إجراءات تنسيقية مع جميع الدوائر لتسهيل مهام الوافدين اللبنانيين وتلبية كافة احتياجاتهم.
وأضاف مسلم لـ(المدى) أن الضيوف اللبنانيين يتلقون مساعدات عينية من دائرة الهجرة والمهجّرين وفق بيانات رسمية، إلى جانب المساعدات المستمرة من أهالي ديالى. أحصى مسلم أعداد الأسر اللبنانية في ديالى بـ277 أسرة تضم نحو 700 شخص، مشيراً إلى أن الأعداد غير ثابتة وتتغير بحسب تنقلات الضيوف اللبنانيين.
محمد أبو عباس (41 عاماً)، أحد النازحين اللبنانيين في محافظة ديالى - أطراف قضاء الخالص، أعرب عن امتنانه الكبير للكرم العراقي الذي وصفه بـ«كرم النبي محمد وآل البيت»، مؤكداً: «وجدنا في ديالى، وخاصة منطقة جيزاني الجول التابعة لقضاء الخالص، كرم أهل البيت بأبهى صوره كما قرأناه في التاريخ الإسلامي».
يواصل أبو عباس حديثه لـ(المدى) قائلاً: «وجدنا شعباً يحمل الكرم والنخوة بأعلى معانيها، ولم نشعر بالغربة لأننا وجدنا أناساً كرمهم يفوق كرم وطننا ذاته». وأكد أن موقف العراقيين تجاههم يُعد دَيناً كبيراً لا يمكن رد الجميل عليه.