ترجمة عدنان علي
أثارت تقارير مؤخرا عن أنشطة بكين السرية بالتلاعب بانتخابات كندا الفيدرالية عاصفة سياسية التي كشفت عن ثغرات كبيرة في حماية المؤسسات الديمقراطية في كندا. وتذكر تلك التقارير بان تدخل الصين في العمليات الديمقراطية ليس بالأمر الجديد، فمن المعروف ان العمليات المتطورة التي تقوم بها بكين للتأثير على الانتخابات في جميع أنحاء العالم تلقي بظلال خطيرة على شفافية الانتخابات الحرة النزيهة.
وتشير مصادر الى ان نطاق عمليات النفوذ الصينية في كندا كان مثيرا للقلق ومعقدا، حيث ان المسؤولين الصينيين قاموا بتحويل الأموال الى ما لا يقل عن 11 مرشحا خلال الانتخابات الفيدرالية لعام 2019 من خلال وسطاء. كما كشفت مذكرات من وكالات الاستخبارات الكندية ان ستراتيجية بكين تضمنت دعم مرشحين متعاطفين مع المصالح الصينية سرا بهدف التأثير في نهاية المطاف على قرارات السياسة الخارجية الكندية. وتسعى الصين للاستفادة من نفوذ كندا على الساحة العالمية من خلال شبكات تحالفاتها.
على الرغم من هذه الأدلة فقد تعرضت إدارة رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، لانتقادات بسبب استجابتها الفاترة. وعلى الرغم من اقرار ترودو نفسه بتدخل الصين، فقد أشار له بأنه جزء من "العاب عدوانية" تريد ان تمارسها قوى دولية، ولكن أي رد فعل بقي خامدا. وايا كانت الإجراءات المتخذة لحد الان فقد اعتبرت غير كافية ورجعية. ويشير تردد إدارة ترودو في بدء تحقيق عام حتى الان الى تردد غير مباشر في بدء تحقيقات ضد التدخل الصيني. ويزعم منتقدون ان فشل الحكومة في التصرف بحزم سمح للصين باستغلال النظام السياسي الكندي مما قد يؤدي الى تغيير نتائج انتخابات رئيسية تكون أيضا في صالح الإدارة الحالية.
بالإضافة الى ذلك ان فشل الإدارة في الوفاء بواجبها السياسي المتمثل بحماية كندا من التدخل الأجنبي قد أعاق بشكل أكبر مساعيها لاعادة انتخابها. ولم تكشف إجراءات التحقيق بالتدخل في الانتخابات الكندية عن ثغرات خطيرة في الامن القومي فحسب، بل الحقت أيضا اضرارا جسيمة بمصداقية قيادة ترودو سواء على المستوى المحلي او العالمي. وعلى المستوى المحلي أدى الفشل الى إطلاق تحقيق عام او فرض تدابير أكثر صرامة ضد الجهات الفاعلة الأجنبية الى تراجع الثقة العامة في قدرة الإدارة على حماية السيادة الكندية.
ويقع العبء الان على إدارة ترودو في تنفيذ آليات شفافة وقوية يمكنها مواجهة التدخل الصيني بشكل فعال واستعادة الثقة في النظام السياسي للبلاد. ومن الجوانب التي غالبا ما يتم تجاهلها هو حملة النفوذ الصينية بضغوطها على الشتات الصيني في كندا. ووفقا لتقارير فان الصين تستخدم تكتيكات الترهيب ضد أعضاء المجتمع الصيني الكندي لقمع المعارضة، ويشمل ذلك انشاء "مراكز شرطة" سرية على الأراضي الكندية بهدف مراقبة المواطنين الصينيين في الخارج والسيطرة عليهم.
ولمعالجة ذلك يجب على كندا ان تتبنى نهجا أكثر استباقية وشفافية، عبر اجراء تحقيق عام في التدخل الأجنبي، وتقوية القوانين الانتخابية، وتسلط كشوفات التحقيقات بتدخل الصين في الانتخابات الكندية إلى الحاجة الملحة للمساءلة. وان عجز حكومة ترودو في حماية الانتخابات الكندية هو فشل تجب معالجته على وجه السرعة. والفشل بالتصرف بحزم الان قد تكون له آثار بعيدة المدى على مستقبل الديمقراطية الكندية. وبدون وجود إصلاحات لمواجهة هذا التدخل تخاطر كندا بأن تصبح ساحة معركة.
كندا تفشل بحماية انتخاباتها العامة من تدخلات الصين
نشر في: 14 نوفمبر, 2024: 12:29 ص