محمد العبيدي/ المدى
أثارت التوترات التي شهدتها مدينة البوكمال السورية، الواقعة على الحدود مع العراق، مخاوف من تداعيات محتملة، قد تنسحب إلى الجانب العراقي، الذي يعاني من مشكلات أمنية، وتحركات للفصائل المسلحة التي تنشط هناك.
وبدأت الأحداث عندما استنفر أبناء قبيلة "العقيدات" الممتدة على الجانبين السوري والعراقي، ضد بعض الفصائل المسلحة التي تسيطر على المنطقة، خصوصاً "الفوج 47"، احتجاجاً على ممارسات الفصيل المستفزة لهم، ضمن أحداث كبيرة شهدتها المدينة، وفق شهادات من أبنائها.
وشاركت عشائر الحسون، والدميم، والبو مريح والشويط والبو رحمة والجغايفة الرحبيين "القلعيين"، والشعيطات والبوجامل من قبيلة العكيدات في الاشتباك والمساندة ضد الفوج 47، حيث أدت التوترات إلى قطع المعبر البري الواصل بين العراق وسوريا (القائم -البوكمال)، وتمركز الفصائل الإيرانية خارج المدينة.
وتصاعد التوترات في جبهة الحدود الشرقية دفع المسؤولين في الحكومة السورية إلى الدخول على الخط، وعقد اجتماع بين وفد يضم مسؤولين في الحكومة السورية، وممثلين عن عشيرة الحسون توصلوا فيه لاتفاق يقضي بـ "تسليم كافة العناصر المتورطين في استهداف منزل أحد الوجهاء، ومنع نصب أي حاجز عسكري من قبل جميع الأطراف باستثناء قوات النظام وأجهزته الأمنية".
تأهب عراقي
بدوره، أكد مصدر أمني مطلع أن الفصائل المسلحة المنتشرة قرب الحدود العراقية – السورية اتخذت إجراءات احترازية مكثفة عقب التطورات الأخيرة في مدينة البوكمال السورية.
وأشار المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ(المدى) إلى أن "هذه الإجراءات تضمنت تقليل الظهور العلني لعناصرها، وتعزيز مواقعها الدفاعية، مع وقف أي أنشطة غير عسكرية لتجنب الاحتكاك مع المدنيين، وسط حالة تأهب عامة خشية امتداد التوترات الإقليمية إلى الداخل العراقي".
وأوضح المصدر أن "هذه التحركات تأتي بالتوازي مع زيارة وزير الدفاع الأخيرة للمنطقة الحدودية، حيث أجرى اجتماعات مع القيادات العسكرية لتنسيق الجهود الأمنية مع الأجهزة الاستخباراتية، حيث شدد التوجيهات الرسمية على زيادة المراقبة الجوية والبرية، وتفعيل خطط الطوارئ لضمان السيطرة على الأوضاع في حال حدوث أي طارئ".
بدوره، أكد الخبير في الشؤون الأمنية، سرمد البياتي، أنّ ما يجري من أحداث في منطقة البوكمال داخل الأراضي السورية يشكل خطورة على العراق.
وقال البياتي في تصريح صحفي، إن "مدينة البوكمال قريبة جداً من الحدود العراقية تربط جانبين بأواصر عشائرية، وهناك خشية من امتداد المشكلة بسبب امتداد الأواصر العشائرية إلى العمق العراقي، وهذا التطور ستكون له تداعيات خطيرة على المستوى الأمني".
هشاشة الوضع الأمني
بدوره، يرى العميد المتقاعد كمال الطائي، أن "هذه الإجراءات الاحترازية من قبل الفصائل المسلحة تعكس قلقا مشروعا من احتمال انتقال التوترات إلى الأراضي العراقية، خاصة في ظل هشاشة الوضع الأمني في المناطق الحدودية".
وأضاف الطائي لـ(المدى) أن "زيارة وزير الدفاع الأخيرة للمنطقة الحدودية تأتي في إطار تعزيز التنسيق بين القوات الموجودة هناك لضمان استقرار المنطقة"، مشيراً إلى أن "الاستقرار في المناطق الحدودية يتطلب جهودا مشتركة وتنسيقًا عالي المستوى بين القوات النظامية والفصائل المسلحة، مع التركيز على حماية المدنيين وتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني".
ومنذ طرد عناصر تنظيم داعش وسيطرة الفصائل المسلحة المقربة من إيران، على ريف دير الزور، والطريق الستراتيجي "طهران-بيروت"، سعت هذه الفصائل إلى استمالة عشائر المنطقة بوسائل متعددة، منها التقرب من شيوخ العشائر وتقديم امتيازات مادية ومعنوية لجذبهم إلى صفوفها.
ومع عودة دونالد ترامب إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، يشير خبراء إلى أن المنطقة قد تشهد تحولات جذرية في التوازنات السياسية والستراتيجية، مستندين إلى السياسة والوعود التي أعلنها ترامب كجزء من نهجه في إدارة الحكم.