ديالى / محمود الجبوري
تسعى محمية الغزلان البرية في قضاء مندلي (93 كم شرق بعقوبة) إلى التعافي من جديد، بعد تعرضها لأزمة أدت إلى هلاك أكثر من 80% من قطيعها خلال السنوات الأخيرة، نتيجة غياب الدعم الحكومي، وانعدام التخصيصات المالية، وعدم توفير الأعلاف من قبل وزارة الزراعة.
تاريخ وأهمية المحمية
تأسست محمية الغزلان في مندلي عام 2000، وتعدّ من أهم المحميات في محافظة ديالى. تبلغ مساحة المحمية نحو 400 دونم، وتبعد عن ناحية مندلي 30 كم، وتحتوي على غزلان الريم العراقي النادرة.
أدى غياب الدعم الحكومي ومستلزمات ديمومة المحمية إلى انخفاض عدد الغزلان من نحو 400 غزال إلى حوالي 40 فقط. ومع ذلك، شهد العام الحالي بعض بشائر التعافي مع تسجيل ولادتين خلال أشهر أيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر.
نداءات الاستغاثة من القائمين على المحمية، بالإضافة إلى الضغط الإعلامي والشعبي، دفعت وزارة الزراعة إلى توفير الأعلاف منذ نحو عام، ما ساهم في تحسين نسبي في ظروف الغزلان.
تحديات الإدارة ونقل الغزلان
أوضح رئيس مهندسين زراعيين أحمد إبراهيم منصور، المسؤول السابق عن المحمية، أن نقل إدارتها من مديرية زراعة ديالى إلى دائرة التصحر والغابات بين عامي 2019-2023 أثر سلبًا على المحمية. وأشار إلى أن الجفاف وشح المياه وانعدام الأعلاف حوّل المحمية إلى أرض جرداء، مما دفع إلى نقل أعداد كبيرة من الغزلان إلى محميات أخرى في خانقين والدبس بمحافظة كركوك.
أكد منصور لـ(المدى) أن توفير الأعلاف منذ أواخر العام الماضي ساهم في تحسن أوضاع المحمية تدريجيًا، مع توقعات بزيادة أعداد الغزلان وعودة المحمية إلى نشاطها السابق.
قيس المندلاوي، مسؤول شعبة زراعة مندلي، أشار إلى أن أوضاع المحمية ما زالت غير مستقرة. ولفت إلى غياب الكوادر الفنية والحراس والمربين، مما أثر على إدارتها. وأضاف أن أعداد الغزلان كانت قد وصلت إلى 364 غزالًا خلال إدارة زراعة مندلي، لكنها الآن لا تتجاوز 40 غزالًا.
عزا المندلاوي أسباب تدهور المحمية إلى ضعف الإدارة، وانتشار الأمراض، ونقص الأعلاف. وأشار إلى أن نقل إدارة المحمية من دائرة الزراعة إلى دائرة التصحر والغابات جاء بسبب غياب الدعم المادي واللوجستي، معربًا عن أمله في تحسين أوضاع المحمية بعد قرار نقل صلاحيات مديريات الزراعة إلى المحافظات.
من جهته، أوضح علاء رعد عبد الحسين، المسؤول الحالي عن المحمية، أن التحسن التدريجي لأوضاعها يُعزى إلى ولادتين جديدتين هذا العام، مشيرًا إلى أن المحمية بحاجة إلى التيار الكهربائي والكوادر المتخصصة لضمان ديمومتها.
أسعار الغزلان ومخاطر الصيد الجائر
أشار عبد الحسين إلى أن أسعار غزلان الريم العراقي تتراوح بين 800 دولار للإناث و400 دولار للذكور، وهي أقل من أسعارها السابقة نتيجة ازدياد المحميات الأهلية في ديالى.
كما لفت إلى أن غزلان الريم تنتشر في أطراف قضاء خانقين ونواحي مندلي وقزانية، لكنها تواجه خطر الانقراض بسبب الصيد الجائر وغياب الحماية الحكومية، باستثناء المناطق الواقعة ضمن حدود إقليم كردستان، التي تُحكم السيطرة على عمليات الصيد فيها.
رغم الأزمات المتكررة، يعبر القائمون على المحمية عن تفاؤلهم بعودة الحياة إليها، مشددين على ضرورة توفير الدعم اللازم وضمان استمرار الاهتمام الحكومي لتكون المحمية ملاذًا آمنًا لغزلان الريم العراقي وحماية للتنوع البيئي في المنطقة.