TOP

جريدة المدى > محليات > النجف في قلب أزمة تعليمية وخدمية: نقص الأبنية التعليمية وغياب الحلول الجذرية!

النجف في قلب أزمة تعليمية وخدمية: نقص الأبنية التعليمية وغياب الحلول الجذرية!

التدخلات الحزبية تهدد تنفيذ مشاريع هامة

نشر في: 27 نوفمبر, 2024: 12:02 ص

بغداد / تبارك المجيد

تشهد محافظة النجف تحديات كبيرة في قطاع التعليم والخدمات العامة، حيث يعاني القطاع التعليمي من نقص حاد في الأبنية والكوادر، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم. كما أن تأخر تنفيذ مشاريع البناء وتدهور الخدمات الأساسية، مثل الصرف الصحي، يزيد من معاناة المواطنين.
وفقًا لمجلس المحافظة، هناك نحو 70 مشروعًا متلكئًا، تنقسم بين وزارية وأخرى بعهدة المحافظة، حيث لا تزال العديد من المشاريع الأساسية مثل معالجة مياه الصرف الصحي ومحطة تصفية الماء تنتظر التنفيذ.

تزامن ذلك مع الصراعات السياسية والإدارية التي تعيق تنفيذ المشاريع التنموية في المحافظة، ما يفاقم الأوضاع ويهدد بتدهور أكبر في المستقبل.
وتسود أزمة حقيقية في قطاع التعليم، حيث تشكو اشواق سالم وهي مدرسة في ثانوية للبنات من واقع متدهور يفرض تحديات كبيرة على العملية التعليمية. تشير اشواق إلى أن "المدارس في المناطق الشعبية تعاني من نقص شديد في الأبنية المناسبة، ما يؤدي إلى اكتظاظ الصفوف بشكل يفوق طاقة الاستيعاب. وتوضح أن عدد الطلاب في بعض المدارس يتجاوز الألف طالب، فيما يبلغ عدد الطلاب في الصف الواحد نحو 40 إلى 50 طالبًا. هذه الأوضاع تخلق بيئة تعليمية غير ملائمة وصعبة على كل من الطلاب والمعلمين".
تلفت اشواق إلى مشكلة كبرى تتعلق بتأخر تنفيذ مشاريع بناء المدارس الجديدة التي تم الاتفاق عليها بين العراق والصين: "كانت هذه المشاريع تهدف إلى إنهاء اعتماد المدارس الكرفانية المؤقتة، التي تشكل حلولًا غير مستدامة. لكن التلكؤ في تنفيذ هذه الخطط أبقى الوضع على ما هو عليه، ما يفاقم المشكلة ويزيد من معاناة القطاع التعليمي".
وتشير إلى أن "النقص في القطاع لا يقتصر على الأبنية فقط، بل يمتد ليشمل الكوادر التعليمية. هذا النقص يجعل من الصعب على المدارس استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب، حتى أن بعض المدارس الابتدائية تحولت إلى مدارس ثانوية بسبب الأزمة، ومع ذلك، لا تزال تعاني من نقص حاد في الصفوف والمعلمين. وأحيانًا، تضطر الإدارات المدرسية إلى رفض تسجيل الطلاب القادمين من خارج المناطق القريبة بسبب عدم القدرة على استيعابهم".
وأعربت عن قلقها من استمرار هذا الوضع، مشيرة إلى أن غياب الحلول الجذرية يؤثر سلبًا على جودة التعليم ويضعف العملية التعليمية بشكل كبير. كما تساءلت عن مصير الأموال المخصصة لقطاع التعليم في المحافظة، خاصة في ظل استضافة النجف للنازحين من لبنان، وما إذا كانت هذه الأموال تُدار بكفاءة لمعالجة المشاكل القائمة.
تضيف اشواق، أن "الأزمة في التعليم ليست معزولة، بل تأتي ضمن سياق أوسع من تلكؤ تنفيذ المشاريع الحيوية الأخرى، مثل شبكات المجاري والصرف الصحي. في ظل هذه التحديات، يزداد الضغط على البنى التحتية والخدمات العامة في المحافظة، ما يجعل الحاجة إلى تدخل سريع وشامل أكثر إلحاحًا".
من جانبها، قالت سهاد الخطيب، مديرة مدرسة وعضو نقابة المعلمين في محافظة النجف، إن معظم المدارس في المحافظة تعتمد حاليًا على نظام الدوام الثنائي. وأوضحت أن هناك جهودًا من قبل مديرية التربية بالتعاون مع وزارة التربية لتحويل المدارس إلى نظام الدوام الأحادي في المستقبل، وذلك بهدف تحسين جودة التعليم وتخفيف الضغط على المدارس.
وأضافت الخطيب لـ(المدى)، أن "مشاريع بناء المدارس الجديدة، بما في ذلك المدارس الصينية التي طال انتظارها، لم تُنجز بعد، وأن المدارس الكرفانية ما زالت تستخدم كحل مؤقت. وأشارت إلى أنه من المتوقع تسليم حوالي 40 مدرسة جديدة خلال هذا العام، وهذه المشاريع قيد الإنجاز حاليًا".
كما سلطت الخطيب الضوء على افتتاح مدارس "الفرح" الخاصة بالأيتام، التي تقدم رعاية خاصة لهذه الفئة من المجتمع وتوفر امتيازات مخصصة للبنين والبنات على حد سواء، مؤكدة أن هذه المدارس تمثل تجربة مبتكرة تهدف إلى شمولية التعليم ودعمه للفئات الأكثر احتياجًا.
وأوضحت الخطيب أيضًا أن هناك تفاوتًا كبيرًا في عدد الطلبة داخل المدارس، حيث تعاني بعض المناطق، مثل القاطع الشمالي، من اكتظاظ يصل إلى أكثر من 60 طالبًا في الصف الواحد، في حين أن بعض المدارس الأخرى في مناطق أقل اكتظاظًا تشهد صفوفًا لا يتجاوز عدد الطلاب فيها 30 طالبًا فقط. محمد القاضي، ناشط مدني من محافظة النجف، أبدى استياءه ايضاً من التدهور المستمر في الخدمات والمشاريع التنموية بالمحافظة خلال حديثه لـ(المدى)، وقال القاضي إن "النجف حصلت على 620 مليار دينار من قانون الأمن الغذائي، لكن الأموال لم تُستثمر بشكل مناسب. فقد تم تخصيص نحو 450 مليارًا لمشاريع بوابات المدينة، في حين تفتقر أحياء سكنية كبيرة، مثل حي النداء، إلى أبسط الخدمات مثل الصرف الصحي وتبليط الشوارع".
انتقد القاضي أيضًا الطريقة التي تم بها إحالة المشاريع إلى الشركات، حيث تم تنفيذها دون مزايدات، مما أدى إلى تعثرها بسبب تأخر صرف المستحقات المالية. أضاف أن هذا التأخير مرتبط بالصراعات السياسية التي أثرت على إقرار الموازنة.
واستذكر القاضي ملفات فساد سابقة، مثل مشروع "النجف عاصمة الثقافة الإسلامية"، حيث أُنفقت أموال كبيرة على مشاريع غير مكتملة أو وهمية. كما أشار إلى إيرادات مطار النجف الضخمة التي لا تنعكس على تحسين الخدمات في المدينة، خاصة في ظل تدهور حالة الطريق المؤدي إلى المطار.
فيما يتعلق بالأداء الحالي للمحافظ، اعتبر القاضي أنه لا يوجد أي تقدم ملموس في المشاريع التنموية، وأن العديد من المشاريع الممولة من قانون الأمن الغذائي ما زالت متوقفة، مما يزيد من معاناة سكان النجف.

مشكلات إدارية!
وقي ذات الجانب، تحدث المحلل السياسي حسام زوين، رئيس مؤسسة صوتي لتحقيق الديمقراطية في النجف، عن وجود تعقيدات شديدة تعيق تنفيذ المشاريع التنموية المدرجة ضمن موازنة عام 2024، مشيرًا إلى مشكلات إدارية ومالية وسياسية تترك تأثيرًا سلبيًا عميقًا على الخدمات الأساسية في المحافظة.
أوضح زوين لـ(المدى)، أن "موازنة النجف لهذا العام تتضمن 176 مشروعًا، لكن حتى الآن لم يتم الإعلان إلا عن 76 مشروعًا للشركات المنفذة. ويُعزى ذلك إلى مطالبة المحافظ الجديد الشركات بتنفيذ المشاريع دون توفير السيولة المالية اللازمة، حيث لم تصل مخصصات الموازنة بعد. كما تفاقمت المشكلة نتيجة تطبيق قانون الأمن الغذائي لعام 2023، الذي أدى إلى صرف دفعات مالية كاملة لبعض المقاولين قبل بدء العمل، مما تسبب في بطء شديد بتنفيذ المشاريع".
كشف زوين أن "بعض المقاولين الذين تسلموا الدفعات المالية الأولية قاموا ببيع مشاريعهم لشركات أخرى، أدى هذا التناقل في العقود إلى خصم نسب من الأرباح تصل إلى 5 في المئة، ما انعكس على جودة التنفيذ، إذ تحاول الشركات الجديدة تعويض الخسائر عن طريق تقليل تكاليف المواد والبناء. وعلى الرغم من إنجاز بعض المشاريع وفق المواصفات، إلا أن العديد منها، خاصة في قطاع التعليم، ما زال معطلًا".
سلط زوين الضوء على أزمة قطاع التعليم، مشيرًا إلى تعثر تنفيذ مشاريع بناء المدارس في قضاء الكوفة. وقد أُحيلت هذه المشاريع إلى هيئة الإعمار منذ أكثر من سنتين، لكنها لم تشهد تقدمًا يُذكر. هذا التأخير أدى إلى ضغط هائل على المدارس القائمة، مثل حي ميسان، حيث يُجبر الطلاب على الالتزام بنظام دوام ثلاثي، هذا النظام يُرهق الطلاب والمعلمين، ويزيد من التحديات التي تواجه العملية التعليمية، قال ذلك زوين.
وأشار زوين إلى "التأثير السلبي للتدخلات الحزبية في مشاريع المحافظة، حيث تُحال المشاريع الكبرى إلى هيئات اقتصادية مرتبطة بالأحزاب السياسية. يعيق هذا التداخل بين المصالح الاقتصادية والتنموية إنجاز المشاريع ويُفاقم نسبة الفساد، إذ تصبح الأولويات مرتبطة بالمصالح الحزبية أكثر من احتياجات المحافظة".
ولفت زوين إلى مشروع "جسم الإمام علي الثاني" كأحد الأمثلة البارزة على المشكلات، وقال "أُحيل هذا المشروع إلى شركة كبرى منذ عام، لكن التنفيذ لم يتجاوز مرحلة بسيطة بسبب النزاعات على الأراضي المتجاوز عليها". وأضاف أن هيئة استثمار النجف أدرجت مشاريع غير ضرورية، مما خلق تحديات بيئية وأتاح فرصة أكبر لتدخلات الأحزاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

النجف في قلب أزمة تعليمية وخدمية: نقص الأبنية التعليمية وغياب الحلول الجذرية!
محليات

النجف في قلب أزمة تعليمية وخدمية: نقص الأبنية التعليمية وغياب الحلول الجذرية!

بغداد / تبارك المجيد تشهد محافظة النجف تحديات كبيرة في قطاع التعليم والخدمات العامة، حيث يعاني القطاع التعليمي من نقص حاد في الأبنية والكوادر، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم. كما أن تأخر تنفيذ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram