TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قَدْحُ زناد العقل

قَدْحُ زناد العقل

نشر في: 28 نوفمبر, 2024: 12:02 ص

ابراهيم البليهي

حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس في جامعة هارفارد وكان الاتجاه السلوكي والتحليل النفسي يسودان مجال الدراسة وكان هذان الاتجاهان يسيطران على الجو الأكاديمي بأكمله ….
كان السلوكيون يركزون على تجليات السلوك ولا يهتمون بالعقل ولا بالدماغ لأن السلوك في نظرهم هو وحده القابل للقياس فالسلوكيون تجريبيون بشكل مُفْرط أما التحليل النفسي فكان غارقًا في المفاهيم الفرويدية أما الدماغ الذي هو جهاز العقل فلم يكن ينال اهتمامًا من كلا الاتجاهين ……
وبعد سنوات من حصول جاردنر على الدكتوراه في علم النفس ظل يحس بأن التعليم في أمريكا وفي كل العالم يعاني من قصور بنيوي يجعل نتائج التعليم مخيبة ولا تتلاءم مع الآمال المعقودة عليه وما يُبذَل فيه من وقت ومال وطاقة وانشغال فالخريجون بعد كل المراحل التعليمية لا يتعلمون حُسن التفكير الذي يجب أن يكون محور الاهتمام ولا يملكون المهارات المعرفية التي تتطلبها الأعمال والحياة ولكنه لم يكن يعرف طبيعة الخلل ولا مصدره ….
وفي أحد الأيام استمع إلى محاضرة علمية عن ظواهر الدماغ وقابلياته العظيمة المفتوحة وعن الآفات التي تصيبه وما ينتج عن ذلك من اضطرابات وحالات غريبة وعجيبة فقَدَحَتْ هذه المحاضرة زناد عقله فاشتعلت فيه الرغبة العميقة في التعمق في مجال الدماغ والعقل أما المحاضر فهو عالم الأعصاب نورمان جيشويند …..
محاضرة واحدة قلبت حياة جاردنر وغيَّرت عقله وبدَّلت اتجاهه وبتغيُّره غيَّر الاتجاه الأكاديمي بأكمله فقد انبرى يتحدث عن العلاقة البنيوية بين العقل والدماغ وكان يواصل النقد الحاد لما هو سائد في جامعة هارفاد وغيرها من الجامعات فأحدث ذلك تغيُّرًا عميقا في موقف الجامعة فكلفته جامعة هارفارد بأن يرأس فريقًا من الباحثين لتحديد نوع الخلل وكيفية معالجته ……
واستمر الفريق يعمل برئاسة وإدارة وتوجيه وقيادة قاردنر واستغرق العمل عشر سنوات من أجل الاحاطة بهذا الموضوع المعقد وانتهى العمل بإصدار الكتاب الشهير الذي حرره قادرنر وكان بعنوان (أُطُر العقل: نظرية الذكاءات المتعددة) وقد ترجَمَه الدكتور محمد الجيوسي …..
صدر الكتاب عام ١٩٨٣ فأحدث استجابات واسعة وعميقة جعلت قاردنر مشهورًا ليس فقط في أمريكا وإنما في كل العالم وتمت ترجمة الكتاب لمختلف اللغات ودُعي قاردنر لإلقاء محاضرات في مختلف الجامعات في العالم ومُنِح العديد من الدكتوراه الفخرية من عدد كبير من الجامعات في مختلف الأقطار ……
ثم أصدر عددًا من الكتب من أهمها كتاب (تغيير العقل) وقد ترجمته الدكتورة معصومة أحمد. وله كتاب آخر بعنوان (خمسة عقول من أجل المستقبل) وقد ترجمته هلا الخطيب……

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram