ترجمة / حامد أحمد
تناول مركز دارسات، المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، موضوع الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية وزعامات دينية في عدم انجرار البلد نحو أن يصبح ميدان معركة وطرفا في حرب إقليمية في وقت تشهد الساحة توترات بين إيران من جهة وإسرائيل وحليفتها اميركا من جهة اخرى، مشيرا الى انه يتوجب على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ان تدعم العراق وجهود حكومته في ضمان عدم الانجرار لحرب هو في غنى عنها.
وأشار التقرير الى انه يبدو بان دوامة التصعيد بين إسرائيل وايران قد دخلت فترة هدوء بينما يقيّم الطرفان كيف ستكون عليه سياسة وموقف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، تجاه الشرق الأوسط عندما يتسلم إدارة البيت الأبيض في كانون الثاني القادم. ولكن لا مرحلة الفتور هذه ولا وقف إطلاق النار المضطرب في لبنان ستعمل على تهدئة الاعصاب في بغداد بان قد يجد العراق نفسه منجرا لحرب يتوسع نطاقها في المنطقة.
ومع فشل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، فانه يتوجب على البلدان الأوروبية ان تبقى مركزة اهتمامها على منع توسع رقعة الصراع أكثر. ويذكر التقرير بان الحكومة العراقية وقادة دينيين كانوا جادين بمنع فصائل مسلحة من شن هجمات ضد مصالح أميركية وإسرائيلية على مدى السنة الماضية. ومع الاخذ بنظر الاعتبار الموارد الضخمة التي انفقتها حكومات اوروبية في سبيل تعزيز استقرار العراق بعد موجة العنف التي مر بها خلال العقدين الماضيين، فانه يتوجب منهم الان ان يدعموا الحكومة العراقية وشخصيات البلد الدينية في مسعاهم لحماية البلد من حرب جديدة.
وليس من المستغرب ان يقوم العراق بموازنة سياسته الخارجية بين إيران، جارته التي تربطه بها علاقات دينية وثقافية واقتصادية، والولايات المتحدة وهي حليف وشريك للعراق التي ساعدته في القضاء على تنظيم داعش وإلحاق الهزيمة به. هذه الديناميكية تفاقمت اكثر مع وجود فصائل مسلحة مدعومة من ايران وتواجد قوات أميركية في قواعد داخل العراق على مدى العقدين الماضيين وما تزال، وكانت إدارة الرئيس بايدن قد توصلت لاتفاق مع الحكومة العراقية بان تبدأ بسحب قواتها تدريجيا في العام 2025 على ان تنتهي العملية بحلول عام 2026. وترى الفصائل المسلحة العراقية وأحزاب سياسية شيعية أخرى ان هذا الانسحاب هو من اهم أولوياتها. وان الدعوات لانسحاب القوات الأميركية أصبحت ملحة أكثر بسبب الدعم الأميركي لحرب إسرائيل في غزة ولبنان. من جانب آخر يرى مسؤولون عراقيون آخرون بان التواجد الأميركي في البلاد سيكون بمثابة رادع ضد هجمات إسرائيلية متوقعة على الأراضي العراقية.
وكانت الحكومة العراقية وقادة دينيون قد مارسوا ضغوطا على فصائل مسلحة لمنعهم من تنفيذ هجمات لتفادي انجرار البلد لدوامة صراع جديدة. وعلى سبيل المثال ولحد توسع رقعة الحرب لتشمل لبنان، فان بغداد قد نجحت بإقناع الفصائل المسلحة وما يعرف بمحور المقاومة من إيقاف هجماتها على القواعد والمصالح العسكرية الأميركية لمنع وقوع هجمات مرتدة، ولكن منذ ان غزت إسرائيل لبنان، فان هذه الفصائل استأنفت بشن هجمات محدودة على إسرائيل وهددت باستهداف قواعد أميركية مرة أخرى.
ويشير التقرير الى ان الفصائل المسلحة تقع الان تحت ضغط داخلي كبير كي تتصرف بمسؤولية وتفادي أي نشاط وعمل من شأنه توريط البلد بحرب أخرى. وعلى الرغم من ان الشعب العراقي يتعاطف مع القضية الفلسطينية ومحنة اللبنانيين أيضا، فان الرأي العام يستاء على نحو كبير من التدخل الإيراني بشؤونه الداخلية. فالشعب العراقي لا يرغب بان يتحمل أعباء حرب مدمرة أخرى. ومع الاستعداد لانتخابات فيدرالية من المفترض ان تجري في خريف عام 2025، فان أطراف سياسية ستسعى لضمان دعم شعبي بالنأي بأنفسهم عن إيران.
وكانت الحكومة العراقية وأحزاب سياسية عراقية شيعية وسنية قد أعربت عن مساندتها لدعوة المرجع الديني الأعلى، علي السيستاني، بان يحصر السلاح بيد الدولة للحيلولة دون انجرار البلد إلى حرب إقليمية، حتى ان رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي، قد تحدث بصراحة عن الخيار الذي يواجهه العراق ما بين الحفاظ على الاستقرار الذي تم تحقيقه بصعوبة او ان يقبل بان يكون طرفا في صراع إقليمي.
أما بخصوص البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي لدى الكثير منها تواجد في العراق، فانه يتوجب عليها دعم العراق وقادته الذين يحرصون على حماية البلد من الانجرار للحرب، وعلى الدبلوماسيين الأوروبيين وبعثاتهم في العراق ان يساندوا القادة السياسيين ويدعموا المراجع الدينية في دعوتهم لمنع فصائل مسلحة من شن هجمات من الأراضي العراقية، وان يلعبوا دورا في الضغط على ايران بعدم استخدام الأراضي العراقية لشن هجمات جديدة. وكذلك ان تتواصل البلدان الأوروبية مع إدارة ترامب القادمة بان لا تتعامل مع العراق على انه حليف لإيران فقط وان يتم دعم جهود العراق لتحقيق استقراره واستقلاله السياسي.
- عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية