المدى/خاص
يشكل التلوث الإشعاعي في محافظة بابل تهديدًا متزايدًا على صحة السكان والبيئة، وفقًا لتقارير محلية ودولية. مناطق متعددة في المحافظة، خاصةً تلك التي شهدت أنشطة عسكرية سابقة، تعاني من مستويات مرتفعة من الإشعاع نتيجة استخدام ذخائر تحتوي على اليورانيوم المنضب.
وهذا الوضع يثير مخاوف واسعة النطاق حول ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية والتشوهات الخلقية في المنطقة، في ظل غياب جهود كافية لمعالجة هذه المشكلة البيئية الخطيرة.
كما كشف رئيس لجنة الصحة والبيئة في مجلس محافظة بابل، حسين الدهموشي، خلال حديث لـ(الندى)، عن "رصد نشاط إشعاعي خطير في منطقة الدولاب نهاية عام 2023. وأوضح أن التلوث تم اكتشافه بالصدفة أثناء مرور عجلة متخصصة بمسح الإشعاعات في المنطقة، حيث سجلت أجهزة القياس مستويات غير طبيعية من النشاط الإشعاعي في التربة". وأشار الدهموشي إلى أن "الجهات المختصة، ممثلة بالهيئة الوطنية للرقابة على الإشعاع والمواد البيولوجية والكيميائية، باشرت بإجراءات معالجة التلوث باستخدام تقنيات متخصصة. وقد تم حتى الآن إزالة نحو 50-55% من النشاط الإشعاعي، لكن العملية لا تزال مستمرة وتحتاج إلى وقت أطول بسبب نقص الكوادر المتخصصة واعتماد نقل التربة الملوثة بأكياس صغيرة". وأكد الدهموشي أن "المحافظة طالبت بإجراء مسح إشعاعي شامل لمحافظة بابل وفق جدول زمني محدد وتقسيم المناطق، لضمان خلو المحافظة بالكامل من أي نشاط إشعاعي".
تأثيرات التلوث الإشعاعي على البيئة والصحة
أوضح الدهموشي أن "التلوث تم رصده في تربة زراعية قريبة من مصادر مياه، ما يثير القلق بشأن التأثيرات التراكمية طويلة الأمد على البيئة والسكان. وتشمل هذه التأثيرات الأمراض السرطانية التي قد تنتج عن التلوث الإشعاعي".
وبيّن أن "العوائل القاطنة في المناطق المتأثرة قد خضعت لفحوصات طبية في بغداد، ولم يتم تسجيل أية إصابات صحية مباشرة حتى الآن، لكن الأضرار المحتملة على البيئة والحياة النباتية والحيوانية تبقى مصدر قلق كبير".
نداءات لتسريع الجهود
طالب الدهموشي الجهات المعنية "بتكثيف الجهود وتسريع عملية إزالة التلوث، بالإضافة إلى توفير المعدات اللازمة والكادر المتخصص".
كما دعا إلى "تنفيذ برنامج مسح إشعاعي كامل لتحديد أماكن التلوث وإعلان محافظة بابل خالية من الإشعاع". واختتم الدهموشي بالتأكيد على "أهمية وضع خطة استباقية لمواجهة أي أضرار مستقبلية، خصوصًا مع تزايد الشكاوى من مناطق أخرى في المحافظة حول حالات مرضية يُشتبه بارتباطها بالنشاط الإشعاعي".
من جانبه، أوضح المختص البيئي، علي سليم، خلال حديث لـ(المدى)، أن "التلوث الإشعاعي في محافظة بابل يمثل خطرًا صحيًا وبيئيًا كبيرًا قد يستمر تأثيره لعقود".
وأكد أن "التعرض لمستويات مرتفعة من الإشعاع يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض السرطان، التشوهات الخلقية، وضعف الجهاز المناعي"، مشيرًا إلى أن المناطق المتأثرة تحتاج إلى عمليات مسح شاملة وإجراءات عاجلة لإزالة الملوثات".
وأضاف أن "غياب التوعية المجتمعية حول مخاطر التلوث وتقصير الجهات المعنية في اتخاذ التدابير الوقائية يُفاقمان من الأزمة".