متابعة/ المدى
يتواصل الخلاف السياسي بين الأحزاب والقوى داخل مجلس النواب، حول استئناف عمل مفوضية حقوق الإنسان العراقية واختيار الأعضاء المفوضين فيها منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأخفقت كل الجهود في اختيار مجلس الأمناء الخاص بالمفوضية التي انتهت ولايتها في 20 تموز 2021، وفقاً لما ينص عليه القانون المُنظم لعملها. وعلى مدى سنوات لم تنجح القوى السياسية العراقية في التوصل إلى اختيار تشكيلة أعضاء مجلس مفوضية حقوق الإنسان العراقية لجديد، والبالغ عددهم 11 عضواً ورئيساً للمفوضية، ما أدى إلى غياب المراقبة والمتابعة الجادة لقضايا حقوق الإنسان في البلاد، بفراغ قانوني يُتهم البرلمان بالتسبّب فيه بالدرجة الأولى.
وترتب على هذا توقف عمل مفوضية حقوق الإنسان العراقية التي تضم إلى جانب مجلس الأمناء فيها، أكثر من 500 عضو رصد في عموم مكاتبها بالمحافظات العراقية.
كما أن عدم قيام البرلمان ورئاسة الجمهورية بإصدار قرار انفكاك المجلس الحالي للمفوضية، للعودة إلى وظائفهم السابقة، جعلهم بحكم المعلّقين، وفي وضع صعب.
وتحدث عضو مجلس النواب حميد الشبلاوي، عن أزمة عدم وجود مفوضية حقوق إنسان في العراق، موجهاً نداء إلى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للتدخل ومنع التدخلات السياسية في اختيار مفوضية حقوق الإنسان العراقية الجديدة. وقال الشبلاوي، في تصريحات للصحافيين في 30 الشهر الماضي، إن "المفوضية العليا لحقوق الإنسان انتهى عملها في عام 2020 وتسبّب ذلك بأزمة دولية على اعتبار أن العراق فقد التمثيل بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان للدول العربية". ولفت الشبلاوي إلى غياب مفوضية حقوق الإنسان العراقية عن الانتهاكات الحقوقية في البلاد، مشيراً إلى أن "القوى السياسية تتدخل اليوم بعمل مجلس النواب وتريد اختيار أعضاء لمجلس المفوضين لحقوق الإنسان، وكأن المفوضية حزبية وغير مستقلة"، موجهاً نداء لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بـ"التدخل وحسم مفوضية حقوق الإنسان من دون تدخل حزبي وتكون مفوضية مستقلة غير متحزبة".
وتعد مفوضية حقوق الإنسان في العراق، إحدى الهيئات المستقلة التي تأسست في عام 2008، وترتبط عملياً بالبرلمان، مثل الهيئات المستقلة الأخرى، على غرار هيئة الإعلام والاتصالات ومفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة. ومهمة المفوضية رصد الانتهاكات الحقوقية في البلاد، وتلقي الشكاوى والتحقيق فيها، ورفع الدعاوى القضائية ضد المتورطين بجرائم العنف المختلفة، ومراقبة عمل السجون ومراكز الإصلاح، وأداء عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية في الجانب الحقوقي. لكنها واجهت خلال العامين الأخيرين قبل انتهاء عملها، اتهامات عديدة تتعلق بالتقصير في رصد الانتهاكات، خصوصاً عقب تفجر الاحتجاجات الشعبية في البلاد (تشرين الأول 2019). وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، إن "عدم وجود مفوضية لحقوق الإنسان في العراق، أدى إلى فقدان المفوضية التصنيف الأول للاستقلالية والفعالية"، مبيناً أن "قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء حصانة مجلس مفوضية حقوق الإنسان كان يخالف مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ناهيك عن مضايقات داخلية عديدة، من بينها رفع دعاوى بحق بعض الأعضاء وملاحقة آخرين".
من جهتها، بيَّنت نور شاهين، وهي عضو في منظمة "انطلاق للتنمية" (منظمة محلية معنية بحقوق الإنسان)، أن "العراق خسر مقاعد مهمة في مؤتمرات تمثل الوضع الإنساني والاجتماعي، بسبب غياب مفوضية حقوق الإنسان في البلاد، وأن العراق خسر تمثيله دولياً في مناقشة قضايا المجتمع المدني".
وأضافت أن "الحكومة الحالية تقودها الأحزاب الدينية التي ترى أن قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني من القضايا الدخيلة على المجتمع العراقي، بالتالي فإن هذه الأحزاب تحارب منظمات المجتمع المدني وتعيق عمل المنظمات الدولية وتهدد وجودها، كما أن التداخل السياسي في اختيار أعضاء المفوضية أدى إلى ضعف أداء المفوضية، لأنها تحوّلت إلى دائرة حكومية".