متابعة / المدى
في "إنجاز كبير" للعراق، اختارت المنظمة العربية للسياحة مدينة بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025، وبينما تؤكد وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية أن الهدف منها هو أن تكون السياحة ذات مورد كبير يصل إلى ثلث موازنة العراق على الأقل، قدم مختصون مجموعة نصائح لاستغلال هذه المناسبة بالشكل الأمثل.
ويقول وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، فاضل البدراني، إن "اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025، جاء نتيجة اجتيازها لمعايير وضعتها المنظمة العربية للسياحة، بعد تقديم وزير الثقافة أحمد فكاك البدراني منذ كانون الأول 2022 بطلب إلى مجلس وزراء السياح العرب في القاهرة بأن يكون عام 2025 عام السياحة العربية في بغداد".
ويؤكد البدراني، أن "العراق عمل على المعايير التي وضعتها المنظمة العربية للسياحة والتي تتضمن البنى التحتية والإدارة السياحية وما يتعلق بتنوع الأنشطة والأنماط السياحية والسلامة السياحية والاستقرار الأمني والمواقع السياحية والأثرية الموجودة".
ويشير إلى أن "المنظمة العربية للسياحة أجرت استطلاعات ورأت أن العراق متوافرة فيه جميع الشروط لتكون بغداد عاصمة للسياحة، وهي بذلك تمثل العراق الذي يمتلك مواقع أثرية وتراثية عديدة، على سبيل المثال في المواقع الأثرية هناك آثار حضارات سومر وأكد وبابل وآشور والحضر، كما سيكون الفن والثقافة حاضران، وكذلك ما يتعلق بالمواقع السياحية، حيث إن العراق ليس صناعياً بل يتميز بالطبيعة الخضراء والبساتين والحدائق والمرافق الخدمية والسياحية، وأن السياحة الدينية من عوامل نجاح العراق في عاصمة السياحة، وكل مكان يعتبر عامل جذب وله رواده وزواره فهو موقع سياحي".
ويلفت البدراني إلى أنه "في مطلع عام 2025 سيكون هناك نشاطين بمشاركة المنظمة العربية للسياحة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، حيث ستكون هناك زيارات وفعاليات ثقافية وفنية وموسيقية، وستتضمن زيارة للمتاحف والمتحف العراقي وزيارة المواقع الأثرية والحضارية مثل أور وبابل وآشور وغيرها، وكل هذه تندرج ضمن خطة وزارة الثقافة التي عملت عليها، كما ستكون هناك فعاليات واستضافات على مدى العام".
ويبين، أن "هدف الوزارة أن تكون السياحة ذات مورد كبير يصل إلى ثلث موازنة العراق على الأقل، لأن هدف العراق والحكومة العراقية وبرنامج حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن تكون السياحة مثل الزراعة، وينبغي أن تُقلل كلتاهما الاعتماد على واردات النفط، وهذا ما يتم العمل عليه حالياً".
ويوضح، أن "مشروع عاصمة السياحة العربية بالنسبة لبغداد هو ليس الغاية منه مشروع ترف أو يخص هيئة السياحة أو وزارة الثقافة والسياحة والآثار، بل هو مشروع دولة الغاية منه تغيير وجهة الدولة العراقية لدولة بكل مدنها ومنها العاصمة بغداد تستقبل الوفود وتعج المطارات بحركة بالمسافرين والكروبات السياحية وتذهب لمختلف مناطق العراق من الشمال إلى الجنوب".
المواقع السياحية في بغداد
من جهته، يرى نقيب السياحيين العراقيين، د.محمد العبيدي، أن "اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية يمثل إنجازاً كبيراً للعراق، لكن عادة ما يتم تحقيق الإنجاز لكن لا يتم المحافظة عليه"، مبيناً أن "بغداد مليئة بالمواقع السياحية المختلفة سواء تاريخية أو أثرية أو دينية، وأهم المعالم السياحية الدينية هي منطقتي الكاظمية والأعظمية وبعض الجوامع القديمة ومقامات رجال الدين، إلى جانب مواقع أثرية وتاريخية". ويضيف العبيدي، "كما هناك زقورة عقرقوف التي تعد واحدة من الآثار التاريخية والدينية، وهناك الباب الوسطاني لمدينة بغداد المدورة والآثار التي تسمى (تل محمد) في نطاق منطقة بغداد الجديدة، فضلاً عن القصر العباسي المعلم الحضاري والتاريخي القديم والذي يمثل واجهة سياحية لحقبة مهمة مرت بها بغداد".
ويتابع، "كما يوجد في بغداد المدرسة المستنصرية وما تمثله من بعد حضاري وتاريخي قديم وخاصة موقعها الجميل المطل على نهر دجلة، إلى جانب القشلة وشارع المتنبي الذي أصبح قبلة لمختلف السياح العرب والأجانب".
ويشير إلى أن "بغداد تشهد نهضة في بعض المنتجعات والقرى السياحية والفنادق والمطاعم الفاخرة التي هي في مصاف مطاعم الدرجة الأولى في الشرق الأوسط بطريقة بنائها وأثاثها وطريقة الخدمة ونوع الطعام المقدم فيها، كما هناك قرية دجلة وألف ليلة وليلة ومدينة النخيل وهناك منتجعات أخرى مستمر العمل فيها".
ويؤكد، أن "بغداد تتميز بطبيعتها الجميلة وهو ما يتمثل بمتنزه الزوراء الذي يقع في قلب بغداد وهو قبلة للزائرين المحليين لمدينة بغداد وحتى المدن القريبة من العاصمة وأطرافها، كما أن بغداد تشهد بناء بعض الفنادق التي ستكون عالمية مثل قلب العالم وغيره، لذلك هناك نشأة سياحية في بغداد".
حافز لعمليات التخطيط والتنمية
بدوره، يشدد الخبير والباحث في علوم السياحة والآثار والتراث، عايد غالب الطائي، على أن "بغداد بحاجة إلى مقومات عدة للنهوض بالسياحة فعلياً، كونها لا تنسجم وتتناسب مع بقية العواصم سواء كانت دول عربية أو إقليمية أو عالمية، حيث إن المرافق السياحية في بغداد أو في العراق عموماً هي مرافق لم تعد تتناسب مع واقع الحال العالمي، وهذا يؤدي إلى حالة سلبية كون المرافق السياحية تحتاج إلى مقومات وهذه المقومات تحقق إيرادات التي تنعكس إيجاباً على ارتفاع مستوى الخدمات والمستوى المعيشي للفرد وانعكاسه على المجتمع عموماً، بالتالي يؤدي إلى تحقيق ارتفاع في مستوى الإنتاج الإجمالي للبلاد، وهذا عامل مهم من عوامل الاقتصاد للعراق".
ويلفت الطائي، إلى أن "بغداد قديماً وحديثاً مرت بفترات مظلمة من حروب وحصار أدت إلى تدني وتراجع مستوى الأنماط السياحية، وأن العراق وإن كان زاخراً بالالآف من المواقع الأثرية أو التراثية أو السياحية لكنه لم يستغلها بشكل حقيقي لتكون رافداً مهماً من روافد الاقتصاد".
ويؤكد، أن "بغداد تعيش حالة من النمط العشوائي على مستوى الأبنية وكذلك في الجوانب الأخرى، وأن أنماط السياحة فيها لم تستغل بصورة جيدة، لذلك على وزارة الثقافة والسياحة والآثار أو هيئة السياحة أن يكون لهما دور في مستوى التخطيط التنموي ووضع دراسة في كيفية استغلال المواقع السياحية بما ينسجم مع تحقيق وارد اقتصادي للعراق".
ويختتم الطائي حديثه بالقول، إن "اختيار بغداد ربما كان حافزاً لكي يأخذ العراق موقعه ضمن تاريخ الدول العربية أو الإقليمية أو دول العالم لأن بغداد تستحق ذلك، لذلك على الجهات المعنية بالسياحة وعي هذا الأمر لأن اختيار بغداد كفرصة لتكون عاصمة للسياحة العربية هو مجاملة لكن في الوقت نفسه هو حافز مهم للدوائر ذات العلاقة بأخذ دورها في عمليات التخطيط والتنمية بما ينسجم مع ارتفاع المستوى المعيشي للفرد وارتفاع الاقتصاد للبلاد، ويجب أن لا يبقى الاعتماد على مورد واحد أو على موارد طبيعية لأنها ستنفد في المستقبل".