محمد العبيدي/ المدى
في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قرر البرلمان العراقي تمديد فصله التشريعي لمدة ثلاثين يومًا، بهدف إقرار القوانين المعلقة والجدلية، غير أن الصراعات السياسية والتجاذبات بين الكتل حولت المجلس إلى ساحة للسجالات والخلافات بدلًا من استكمال مهامه الأساسية.
وكان الهدف الرئيس من تمديد الفصل التشريعي هو مناقشة قوانين، العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات.
كما هدف التمديد إلى توفير فرصة إضافية لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025، والذي من المفترض المصادقة عليه قبل نهاية العام الحالي، لتجنب التأخير الذي يلقي بظلاله عادة على قطاعات واسعة.
ونجحت منظمات حقوقية، وتحديدًا تحالف 188، ونشطاء في مجال حقوق الإنسان في التأثير على القرار النيابي بشأن تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي إجري عليه تعديلات جديدة، وصوّت البرلمان على أغلب فقراته، إلا أن القانون لم يُطرح للتصويت النهائي بشكل كامل.
أما قانون العفو العام، فما زال عالقًا وسط "غياهب" الخلافات النيابية، حيث تتضارب وجهات النظر بين القوى السياسية بشأن صيغته النهائية، ففي الوقت الذي تدعو فيه أطراف إلى إقراره بهدف إخراج المعتقلين الأبرياء، يرى آخرون أن التعديلات الحالية قد تؤدي إلى نتائج كارثية.
أين الاستجوابات؟
بدوره، أكد النائب في البرلمان، مختار الموسوي أن "تمسك الكتل السياسية المتنفذة بثلاثة قوانين رئيسية، وهي قانون العفو العام، وقانون العقارات، وقانون الأحوال الشخصية، كان السبب الحقيقي وراء تعطل تشريع القوانين الأخرى".
وأضاف الموسوي لـ(المدى)، "طالبنا مرارًا برفع هذه القوانين من جدول الأعمال وعدم دمجها في سلة واحدة أو مناقشتها في جلسة واحدة، لكن ما حدث كان عكس ذلك، ففي الأسبوع الأخير، أُبلغونا بأن الجلسة ستخلو من هذه القوانين، لكن عند الدخول، فوجئنا بوجودها على جدول الأعمال".
وأشار إلى وجود "مئات من طلبات الاستجواب بحق مسؤولين ووزراء" مبينًا أن "عمل المجلس يتعطل بسبب تدخل الكتل السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء المسؤولون، حيث يدافعون عنهم ويتوسطون لمنع استضافتهم في البرلمان"، واصفًا الوضع بأنه "كارثة كبيرة تسببت في إضعاف وتباطؤ أداء المجلس النيابي".
ويرى مراقبون أن أداء مجلس النواب خلال فصله التشريعي الحالي واجه مشكلات عديدة، حيث حمّل مختصون القوى السياسية مسؤولية إضعاف الدورين التشريعي والرقابي للمجلس.
ويشير مراقبون للشأن العراقي، أن الخلافات السياسية أثرت سلبًا على تشريع القوانين المهمة، في وقت أصبح الشارع العراقي ناقمًا على الأداء السياسي العام بسبب تعطل المصالح وتجاهل الملفات الملحة.
سابقة خطيرة
ووصف عضو مجلس النواب أمير المعموري، ما يحدث داخل المجلس بـ"السابقة الخطيرة"، بسبب تجاهل التشريعات المهمة، والتمسك بالقوانين الجدلية التي أعاقت العمل النيابي، وأشغلته منذ أشهر.
وقال المعموري في تصريح صحفي، إن "نقل الخلافات السياسية الى داخل الجلسات تسبب بتأجيل نحو 10 جلسات، وهو ما يعتبر سابقة خطيرة لم تحدث من قبل داخل مجلس النواب".
وبشأن موعد تمرير القوانين الخلافية، أوضح المعموري، أن "القوانين سيتم تمريرها حال انضاجها داخل البرلمان بالشكل الصحيح وإكمال الملاحظات الموجودة"، ولفت إلى أن "الخلافات الموجودة بشأن هذه القوانين ليس على القانون من حيث المبدأ، ولكن الخلاف يأتي على صياغة بعض المواد القانونية داخله".
وبحسب نواب في البرلمان، فإن تعديل قانون الموازنة الذي أرسلته الحكومة للمجلس؛ جرى تأجيله وإرجاؤه لما بعد العطلة التشريعية، بسبب ربطه بالقوانين الجدلية المطروحة أمام المجلس.
ويستضيف مجلس النواب عادة، وزير المالية، ضمن مناقشاته للموازنات، وهو ما يعني الحاجة إلى وقت أطول، فيما بقيت أيام معدودة على نهاية العام الحالي.
قوانين تائهة.. صراعات السياسة تبتلع البرلمان والموازنة للتأجيل كالعادة!
نشر في: 18 ديسمبر, 2024: 12:02 ص