ديالى/ محمود الجبوري
تعاني محافظة ديالى منذ سنوات من استيلاء جهات حزبية وحكومية متنفذة على الأراضي العامة، رغم المناشدات المستمرة من الأوساط الرسمية والشعبية لإيقاف هذه التجاوزات. وتشير التقارير إلى أن هذه الأراضي، المخصصة أصلاً لإنشاء مرافق حكومية وخدمية، تحولت إلى عقارات وأسواق تجارية وسط صمت الجهات المعنية، ما أثار الشكوك حول سيادة القانون في البلاد.
كشف مصدر حكومي في مديرية البلديات أن الجهات المتنفذة استولت على أكثر من 1000 دونم من الأراضي في أطراف بعقوبة وأقضية المحافظة الأخرى. وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، أن عمليات الاستيلاء تمت بأساليب قانونية "غريبة" تحمي المتجاوزين من المساءلة. وأكد المصدر أن المئات من الشكاوى قُدمت إلى الجهات المختصة، لكنها لم تُجدِ نفعًا بسبب ضعف الإجراءات الحكومية وتهديدات الجهات المتنفذة التي تعرقل استعادة الممتلكات العامة.
دعوات لإنهاء "حرب الغابات" في ديالى
من جانبه، دعا قائممقام بعقوبة السابق، عبدالله الحيالي، الجهات المعنية إلى اتخاذ خطوات جدية لوقف ما أسماه "حرب الغابات" في بعقوبة والمناطق المحيطة بها. وأشار إلى تعرضه لعدة محاولات اغتيال وتهديدات بسبب رفضه تسهيل استيلاء الجهات المتنفذة على الأراضي العامة.
وأضاف الحيالي: «ممتلكات ديالى العامة يجب أن تُحمى، وأن يتم استغلالها لإنشاء مرافق سياحية وترفيهية تخدم أهالي المحافظة، بدلًا من أن تتحول إلى ملكيات خاصة بعناوين حزبية وحكومية».
أوضح الناشط السياسي مسلم السعيدي أن العقارات التي استولت عليها الجهات المتنفذة تُباع حاليًا بأسعار مرتفعة تصل إلى 30% أعلى من الأسعار الطبيعية، وذلك بسبب مواقعها الستراتيجية. وأضاف أن عمليات البيع تتم بسندات قانونية، ما يثير العديد من التساؤلات حول شرعية هذه الإجراءات والصمت الحكومي المريب. وأشار السعيدي إلى أن هذه الأراضي كانت مهملة لسنوات طويلة، ولم تُستخدم في مشاريع تنموية، مما ساهم في تعزيز موقف الجهات التي استولت عليها بحجة استغلالها بشكل أفضل. وفي سياق متصل، أكد محمد السلامي، موظف متقاعد في مديرية البلديات، أن التجاوزات من قبل السكان المحليين تُعد أيضًا جزءًا من المشكلة، حيث تجاوز عددها 4000 حالة تشمل دورًا وعقارات مختلفة.
واقترح السلامي حلولًا لوقف هذه التجاوزات، منها إطلاق حملات جادة بإشراف الحكومة الاتحادية، وتأمين الحماية اللازمة من قوات خاصة قادمة من بغداد للتغلب على المحسوبية والمنسوبية في ديالى.
وأشار إلى أن نجاح تجارب مماثلة في محافظات كربلاء وصلاح الدين ومدينة الصدر يُمكن أن يكون نموذجًا يُحتذى به لإعادة فرض هيبة القانون في ديالى.
وتظل التساؤلات قائمة حول قدرة الجهات الحكومية على التصدي لهذه التجاوزات واستعادة الأراضي العامة، وسط تزايد الضغوط الشعبية لمحاسبة المتجاوزين وضمان استخدام هذه الأراضي لمصلحة سكان المحافظة بدلاً من استغلالها لأغراض شخصية.