السليمانية / سوزان طاهر
أكثر من 200 ألف سوري يعيشون داخل مدن إقليم كردستان، هربوا بعد اندلاع التظاهرات والاحتجاجات في سوريا عام 2011.
اللاجئون السوريون في إقليم استطاعوا تكوين سوق عمل كبير، حيث أن المئات من أصحاب المصالح، من مطاعم وفنادق ومصايف، ومعامل، وشركات ومصانع، صاروا يعتمدون على العمالة العراقية بشكل كبير.
ومن أن سقط نظام بشار الأسد في سوريا، حتى بات الكثير من الأسئلة حول مصير اللاجئين السوريين، ومنهم العمال، الذين يشكلون سوقاً خاصة بهم، واستطاعوا من الحصول على ثقة أصحاب المصالح، بسبب جودتهم، والخدمة التي يقدمونها.
أسباب التفضيل
ويقول الخبير في الشأن الاقتصادي فرمان حسين إن، عودة السوريين إلى بلادهم، ستشكل تحديات كبيرة أمام أسواق الإقليم، وهذا التحدي هو في شقين.
وبين في حديثه لـ(المدى) أن "الكثير من السوريين هم رجال أعمال، ومنهم من استطاع تكوين نفسه، وفتح مطاعم أو معامل، أو فنادق خاصة بهم، وعودة هؤلاء، ستشكل ضربة موجعة لاقتصاد الإقليم".
فيما أن، الجانب الآخر هم من العاملين في الأسواق والمطاعم، والمولات، والفنادق، والمصايف، والكثير من العوائل تفضل الذهاب إلى الأماكن التي يتواجد بها العامل السوري، بسبب الجودة والكفاءة، والخدمة المميزة التي يقدمها للزبون.
كما أن، أصحاب العمل يفضلون الاعتماد على العامل السوري بسبب تميزه، وأيضاً الآجور القليلة التي يأخذها قياساً بالعامل المحلي، فضلاً تحمله لضغوط العمل، ولا يطلب الإجازات الكثيرة، على عكس العامل المحلي.
وأضاف أنه "من الصعب على العامل المحلي سواء من كردستان، أو العامل العراقي، أن يشغل الفراغ الذي سيتركه العامل السوري، وربما يضطر أصحاب العمل لاستيراد العمال من شرق آسيا، لسد الفراغ الكبير".
ينقسمون إلى مجموعتين
يقول هيمن ميراني، المدير العام لديوان وزارة إقليم كردستان، إن السوريين في الإقليم ينقسمون إلى مجموعتين، مجموعة فرّت بسبب سياسة النظام السابق في سوريا ودخلت إلى كردستان عبر الحدود البرية، والمجموعة الأخرى قدِمت بشكل رسمي عن طريق المطار بعد الحصول على تأشيرة دخول نظامية.
ويوضح ميراني في تصريحات صحافية أنه لا توجد نية لإخراج أي من المجموعتين من إقليم كردستان، كما يمكن لأي شخص أن يجدد إقامته هناك بكل سهولة.
ويؤكد ميران قاسم وهو مسؤول إحدى المنظمات المعنية بالعمال في السليمانية إلى أن، العامل المحلي يستطيع شغل الفراغ الذي يتركه العامل السوري، ولكن يجب أن لايتعرض هذا العامل للابتزاز من أصحاب العمل". ويضيف في حديثه لـ(المدى) أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كردستان فرضت ما نسبته 75% من العمال من داخل كردستان على أرباب العمل، لكن لا يوحد إلتزام بتطبيق هذا القرار".
وأشار إلى أن "أرباب العمل يفضلون العمال الأجانب سواءً من سوريا، أو من الول الأخرى، بسبب قلة الآجور التي يأخذونها قياساً بالعامل العراقي، كون حتى الآن قانون التعامل مع العامل الأجنبي غير واضح".
وأردف بأن "العامل العراقي يستطيع شغل الفراغ، لكن بشرط أن يتم تأهيله بدورات مكثفة من قبل وزارة العمل، وأيضاً إعطاءه حقوقه كاملة، وعدم الانتقاص من قدراته، ومؤهلاته".
ويشكو إقليم كردستان من ارتفاع معدلات البطالة، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية، نتيجة تأخر صرف رواتب الموظفين بشكل شهري، الأمر الذي أدى لخنق أسواق الإقليم.
وشرح نوجين، وهو صاحب مطعم للوجبات السريعة في السليمانية أسباب الاعتماد على العمالة السورية، وتفضيله على العمالة المحلية.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "العامل السوري يتميز بالدقة، والإلتزام بالوقت، والمهارة بإعداد الطعام، خاصة في الشاورما، والأكلات الغربية السريعة، كما أن، خدمته مميزة، ولا يبدي الإنزعاج والتذمر، على عكس العامل العراقي، الذي لا يؤدي كل الأعمال بالشكل المطلوب".
واشتهرت مدن إقليم كردستان بالكثير من المطاعم السورية، حنة باتت مدن الإقليم، تحمل أسماء المدن الشهية في سوريا، والتي صار لها الكثير من الزبائن، والذين يفضلونها على العديد من المطاعم الأخرى.
عمال شرقي آسيا
من جهة أخرى طالب الخبير الاقتصادي محمد رؤوف بضرورة الضغط على أرباب العمل، لتشغيل العمالة المحلية، وتعويض من سيعود من العمال السوريين. وذكر في حديثه لـ(المدى) أنه "بالنسبة للمطاعم التي أصبحت لها ماركة خاصة، يمكن شراؤها من قبل أي مستمثرين، والإبقاء عليها، إذا أراد أصحابها العودة لبلدهم، كي تبقي على حركة العمل، والاستفادة في تشغيل الشباب الكرد". وتابع أن "موضوع شغل الفراغ الذي سيتركه السوريون، مازال مبكراً، كون الأوضاع في سوريا غير واضحة حتى الآن، ولكن في أسواً الأحوال فإن أكثر من نصف اللاجئين سيعودون مع استقرار الأوضاع هناك، وبالتالي يجب الاستعداد لهذا الأمر، وعدم السماح لأرباب العمل بتعويض هؤلاء من عمال شرقي آسيا، ويجب إجبارهم على تعويض العامل السوري، بعامل عراقي".