ذي قار / حسين العامل
في وقت أعلنت فيه الحكومة المحلية في ذي قار عن خطة لحصر اعداد الاميين والمتسربين وتكثيف الجهود لإعادتهم الى مقاعد الدراسة وتحقيق نسبة عالية من المتعلمين في المناطق المستهدفة، حذرت نقابة المعلمين من ارتفاع معدلات الامية في المجتمع ومن مغبة استغلال غير المتعلمين لأغراض تضر بالأمن والاستقرار.
جاء ذلك خلال اجتماع موسع لمجلس محو الامية، تدارس ستراتيجيات تعزيز التعليم ومكافحة الأمية في المحافظة، عقد برئاسة محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي، وشارك فيه عدد من المسؤولين المحليين، ورؤساء الوحدات الادارية ومدراء دوائر التربية ومحو الأمية، ورئيس نقابة المعلمين وممثلين عن قيادة الشرطة، ومنظمات المجتمع المدني والمختصين في المجال المذكور.
وقال محافظ ذي قار إن "الاجتماع تناول استعراض الخطط التنفيذية للمشروع، والتطرق إلى أهمية التعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي لضمان تحقيق الأهداف المنشودة بشكل فعّال"، مؤكداً على "أهمية تكثيف الجهود للقضاء على الأمية وتحقيق نسبة عالية من المتعلمين في المناطق المستهدفة وتشجيع المواطنين على الالتحاق بمراكز محو الامية".
وشدد الابراهيمي على تفعيل دور المختار في حصر اعداد الاميين في المناطق الشعبية والعمل على إعادتهم الى مقاعد الدراسة.
ويجد محافظ ذي قار ان "مشروع محو الأمية من أولويات الحكومتين المركزية والمحلية"، منوها الى "ضرورة تكاتف الجميع لإنجاح هذه المبادرة الوطنية التي تهدف إلى تعزيز القدرة التعليمية والاقتصادية للمواطنين في المحافظة".
وبدوره قال رئيس نقابة المعلمين وعضو مجلس محو الامية في ذي قار حسن علي السعيدي لـ(المدى) ان "محو الامية واستيعاب المتسربين واعادتهم لمقاعد الدراسة قضية مهمة كونها تتعلق ببناء الانسان والنهوض بالوعي المجتمعي"، وأضاف ان " ما يشكل خطورة في انتشار الامية هو انها باتت تتوسع بصورة ملحوظة بين أوساط اليافعين الذين يمكن استدراجهم بسهولة في مجال تجارة المخدرات والإرهاب واعمال الشغب والجريمة المنظمة".
وتطرق السعيدي إلى أثر مواقع التواصل الاجتماعي في استغلال الاميين واستدراجهم لحواضن الجريمة.
وأشار رئيس نقابة المعلمين الى ان "البيانات الحالية عن اعداد الاميين في ذي قار غير متوفرة بصورة دقيقة غير ان اعدادهم تقدر بـ 191الف امي في عموم المحافظة بحسب إحصاء سابق لوزارة التخطيط أعلنته قبل عدة سنوات"، مؤكدا ان " اعداد الاميين والمتسربين من المدارس في ازدياد كبير حاليا وهو ما استدعى إطلاق مشروع لإعادة المتسربين الى مقاعد الدراسة من قبل وزارة التربية".
وشدد السعيدي على أهمية "تأمين مقومات نجاح برامج محو الامية وإعادة المتسربين ليسهما في الحد من مخاطر الجهل والامية وإشاعة العلم والمعرفة في المجتمع".
ويرى نقيب المعلمين ان "تحفيز التلاميذ على الالتزام بالدوام يتطلب ان تكون هناك وسائل تشويق من بينها الاهتمام بالأبنية المدرسية ومعالجة مشكلة اكتظاظ الصفوف الدراسية وكذلك الاهتمام بدروس الرياضة والفنية وشمول تلاميذ المدارس بالتغذية المدرسية والاعانة المالية"، مبينا ان " التلميذ يدخل الى المدرسة في بداية العام الدراسي وهو في حالة تلهف لكنه سرعان ما يتململ نتيجة اختناق المدارس بأعداد التلاميذ ونقص الخدمات ولاسيما الصحية ودورات المياه وضيق ساحات اللعب في البنايات المدرسية".
ومن جانبه وفي حديث سابق لـ(المدى) حذّر مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان في ذي قار الحقوقي عبد الحسين داخل المشرفاوي من ارتفاع معدلات تسرب الطلبة والتلاميذ من مختلف المراحل الدراسية واوضح إن "مظاهر ارتفاع معدلات التسرب من مقاعد الدراسة في محافظة ذي قار باتت من أبرز المؤشرات السلبية التي تدعو الى القلق على حق المواطن بالتعليم ومستقبل الاجيال القادمة"، عازياً "أسباب التسرب الى جملة من العوامل ابرزها الاوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر بصورة كبيرة في المحافظة ناهيك عن تحول المدارس الى بيئة طاردة".
واوضح المشرفاوي ان "معدلات التسرب تتراوح ما بين 5 الى 10 بالمئة في مدارس المحافظة وان اشد ما يقلق هو تسرب تلاميذ المدارس الابتدائية"، مبينا ان "ذلك من شأنه ان يلحق ضررا كبيرا بمستقبل التلاميذ المتسربين".
وشدد مدير مكتب مفوضية حقوق الانسان على "ضرورة تخصيص منحة مالية لطلبة المدارس لغرض تشجيعهم على الدراسة ووفق ما اقره مجلس النواب في دوراته السابقة ولاسيما للأسر الفقيرة"، مؤكدا ان "العوز المادي وعدم قدرة الاسر الفقيرة على تحمل اعباء وتكاليف الدراسة يدفع بالكثير من الاسر الى التساهل مع مظاهر التسرب".
وبين ان "بعض الاسر الفقيرة والكبيرة العدد تضطر في كثير من الاحيان الى اجبار البعض من ابنائها على ترك الدراسة وابقاء البعض من اجل التخفيف من أعباء تكاليف الدراسة"، مشيرا الى ان "المتسربين من هذه الاسر يضطرون الى العمل لمساعدة اسرهم في تأمين المال اللازم لاستكمال دراسة اشقائهم وتوفير مستلزماتهم من القرطاسية والملابس وغيرها من المتطلبات الاخرى".
وكان المشاركون في ندوة (تسرب التلاميذ والطلبة من المدارس) التي نظمها المركز المجتمعي لتعزيز الديمقراطية في ذي قار حذر في يوم السبت (15 حزيران 2019) من مخاطر التسرب في مدارس محافظة ذي قار، وفيما عزوا اسباب التسرب الى عوامل اقتصادية واجتماعية والى تخلف المناهج الدراسية وتدني مستوى التعليم واكتظاظ الصفوف الدراسية، اشاروا الى تسرب أكثر من 12الف تلميذ وطالب من المرحلتين الابتدائية والثانوية في كل عام.
وكان المشاركون في ندوة إصلاح التعليم التي نظمتها الجماعة المطلبية في ذي قار يوم الاحد (7 تشرين الاول 2018) على حدائق جمعية الاقتصاديين، حَملوا الأحزاب السياسية المتنفذة مسؤولية انهيار التعليم وارتفاع معدلات الامية وإشاعة التخلف في المجتمع، فيما شددوا على أهمية اعتماد الكفاءة والخبرة في مجال إدارة التعليم بدلاً من الولاء الحزبي لشغل المناصب.
وكان الجهاز المركزي للاحصاء، أعلن يوم الاحد (19 كانون الثاني 2019)، إن عدد التلاميذ التاركين في المدارس الابتدائية بلغ 131468 تلميذاً وتلميذة في العام الدراسي 2017-2018 وان نسبة الإناث منهم 47.5 بالمئة، مشيرا الى أن الفترة ما بين (2013-2014 الى 2017-2018) شهدت زيادة في أعداد التلاميذ التاركين بنسبة 28.8 بالمئة حيث كان عددهم 101043 تلميذاً وتلميذة في العام الدراسي 2013-2014.
ويواجه قطاع التعليم في محافظة ذي قار جملة من التحديات من بينها نقص الأبنية المدرسية وتقادمها واكتظاظ الفصول والقاعات الدراسية ونقص الملاكات والاختصاصات التعليمية، اذ تستقبل مدارس المحافظة سنويا نحو 800 ألف تلميذ، بينهم أكثر من 70 ألف تلميذ في الصف الأول الابتدائي، وذلك في 1300 بناية مدرسية تعاني من التقادم ونقص الخدمات الصحية ناهيك عن الاكتظاظ في الصفوف الدراسية.