محمد العبيدي/المدى
تتصاعد المخاوف في العراق مع تزايد الحديث عن تحركات لعناصر تنظيم "داعش" في مناطق محددة داخل البلاد، إضافة إلى نشاط ملحوظ في سوريا، مما يثير تساؤلات حول طبيعة هذه التحركات وإمكانات التنظيم في استعادة قوته مجددًا. ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، يرصد خبراء ومحللون، إضافة إلى بيانات أمنية رسمية، تحركات لعناصر تنظيم داعش في محافظة كركوك والمناطق القريبة من الحدود العراقية، حيث أعلنت القوات العراقية مؤخرًا اعتقال سبعة من عناصر التنظيم خلال عملية أمنية. وخلال اتصال هاتفي، أجراه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، مع وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هاميش فالكونر، الأسبوع الماضي، أشار إلى أن "تنظيم داعش الإرهابي يعمل على إعادة تنظيم صفوفه، مستفيدًا من كميات الأسلحة التي استولى عليها نتيجة انهيار الجيش السوري وترك مخازنه، مما أتاح للتنظيم فرصة توسيع سيطرته على مناطق إضافية". وأكد حسين، خلال الاتصال، أهمية التعاون الدولي لمواجهة تهديدات التنظيم ومنع انتشاره، مشددًا على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين العراق وشركائه الدوليين. وتزامنت تحذيرات وزير الخارجية العراقي مع إعلان القيادة المركزية الأمريكية قتل زعيم داعش "أبو يوسف" المعروف باسم محمود في محافظة دير الزور بسوريا. أكدت القيادة المركزية الأمريكية أنها لن تسمح لتنظيم داعش باستغلال الظروف الراهنة في سوريا لإعادة تنظيم صفوفه أو استعادة نشاطه مجددًا. وأوضح بيان صادر عن قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، أن "تنظيم داعش يهدف إلى تحرير أكثر من 8000 من عناصره المحتجزين حاليًا في منشآت داخل سوريا"، مشددًا على أن الولايات المتحدة ستواجه هؤلاء القادة والعناصر بحزم، بما في ذلك من يسعون لتنفيذ عمليات خارج الأراضي السورية". ومنذ أيام تصاعدت التحركات التركية بهدف إنهاء الحكم الذاتي الكردي شرق الفرات، وسط رفض أنقرة لأي مقترحات لوقف إطلاق النار دون انسحاب كامل للقوات الكردية، فيما نشبت اشتباكات مسلحة بين الفصائل المعارضة وقوات قسد ما تسبب بسقوط قتلى من الطرفين.
نشاط دعائي
بدوره، ذكر مصدر أمني عراقي أن "نحو 9 آلاف مقاتل من تنظيم داعش محتجزون حاليًا، إلى جانب أكثر من 40 ألفًا من أفراد عائلات التنظيم، بينهم نساء وأطفال، في معسكرات ومراكز اعتقال تخضع لحراسة قوات سوريا الديمقراطية الكردية، وهذا قلقًا كبيرًا بالنسبة لنا". وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ(المدى) أن "التنظيم، ورغم فقدان قادته الأساسيين، لكنه يحتفظ بحوالي 2500 مقاتل موزعين بين سوريا والعراق، وهو رقم مرشح للارتفاع مع تصاعد نشاطه الدعائي وتجنيد أعضاء جدد، مستغلًا حالة الفوضى في سوريا". وأشار المصدر إلى أن "داعش ينشط حاليًا في صحراء البادية الوسطى، حيث ينظم خلايا نائمة تنفذ هجمات كر وفر وكمائن مميتة، إضافة إلى اغتيالات تستهدف زعماء القبائل والعشائر السورية الذين يعارضونه". وتشير تقارير استخباراتية نشرتها صحيفة بوليتيكو إلى أن "المسؤولين الأميركيين يراقبون باهتمام الوضع في شمال شرق سوريا، حيث يعتقدون أن الهجوم التركي المحتمل على مناطق قسد قد يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني، مما يسهل فرار عناصر داعش من السجون".
تحديات وسوابق
وتواجه قوات سوريا الديمقراطية تحديات كبيرة في منع أي هروب جماعي لعناصر تنظيم داعش، مع تصاعد الضغوط عليها نتيجة الهجمات التركية والفوضى الداخلية التي تعم المنطقة، في حال تقدم فصائل المعارضة. من جهته، حذر المرشح السابق لوزارة الدفاع، هشام الدراجي، من "الخطر المحدق الذي يواجه العراق جراء الصراع الذي يلوح في الأفق في شمال شرق سوريا، والذي قد تكون له تداعيات مباشرة على الأمن الوطني". وأوضح الدراجي لـ(المدى) أن "الحدود العراقية جيدة وآمنة حتى الآن، لكن القلق يتزايد مع وجود هذا العدد الهائل من عناصر تنظيم داعش في مخيم الهول داخل سوريا، ما يشكل تهديدًا مستمرًا يتطلب تحركًا عاجلًا، خاصة وأن قوات قسد أطلقت سابقًا نحو 1500 من المتهمين بالإرهاب، وهذا مؤشر خطر".
وأكد الدراجي "ضرورة تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود بشكل أكبر، مع أهمية أن تتحرك وزارة الخارجية لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة وتركيا لفهم أبعاد هذا الوضع والتنسيق حول مواجهة هذه التحديات الأمنية المشتركة".
قلق عراقي من انفلات مخيم الهول بعد ترجيح مواجهات بين قسد والفصائل السورية
نشر في: 25 ديسمبر, 2024: 01:02 ص