TOP

جريدة المدى > سياسية > الوزارة توضح سبب زيادة انقطاع التيار

الوزارة توضح سبب زيادة انقطاع التيار

مشاريع وهمية وأموال مهدرة.. الكهرباء شاهد على فساد مستتر!

نشر في: 25 ديسمبر, 2024: 01:05 ص

 بغداد – تبارك عبد المجيد

في العراق، الكهرباء ليست مجرد خدمة، بل أصبحت رمزًا لمعاناة يومية وأزمة مزمنة تثقل كاهل المواطنين. بين تصريحات المسؤولين ووعود الإصلاح، وبين الواقع الذي يعيشه الشارع، يقف العراقيون أمام معضلة تمس حياتهم اليومية في كل تفاصيلها.
في النجف، يقول المواطن علي؛ "نعيش على هامش الكهرباء، التجهيز الفعلي لا يتجاوز ساعة واحدة مقابل ست ساعات انقطاع، رغم أن التوجيهات الرسمية تتحدث عن ساعات تشغيل مضاعفة". المشكلة، كما يرى، تكمن في أن النجف لم تحظ بأي زيادة في حصتها منذ سنوات، على الرغم من ارتفاع عدد السكان وحاجاتهم.
وفي بغداد، لا تبدو الأمور أفضل. الأحياء السكنية تغرق في الظلام لفترات طويلة، بينما تتمتع مناطق الاستثمار والمجمعات الفاخرة بإمدادات مستمرة. يصف المواطن محمد أن هذا التفاوت: "المواطن العادي يُترك للظلام والحر، بينما مناطق الأثرياء لا تعرف الانقطاع". يشير إلى أن الأزمة ليست مجرد نقص في الكهرباء، بل هي تعبير عن غياب العدالة الاجتماعية. "كيف يمكن لدولة تمتلك ثروات هائلة أن تعجز عن توفير الكهرباء؟" يتساءل، مشددًا على أن المشكلة لا تتوقف عند التوزيع، بل تمتد إلى الفساد والتخطيط السيئ الذي عمق جذور الأزمة.
تعد أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أكثر المشكلات تعقيدًا، وفقًا لما يراه المحلل السياسي محمد زنكنة. على مر العقود، ظلت أزمة الكهرباء حاضرة، حيث كانت البلاد تعاني منها حتى خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية. ورغم ذلك، كان للبرنامج النووي العراقي في تلك الفترة دور في تحقيق استقرار نسبي لشبكة الكهرباء. لكن هذا الاستقرار لم يكن خاليًا من المشكلات، إذ شهدت تلك الحقبة تمييزًا في توزيع الطاقة بين المحافظات، ما ساهم في تعميق الفجوات بين المناطق.
وأوضح زنكنة لـ(المدى)، أن "هذه الفجوة في توزيع الطاقة تفاقمت بعد اجتياح الكويت عام 1991، واستمرت تداعياتها لتزداد سوءًا بعد سقوط النظام في عام 2003. وأضاف أن العراق يمتلك ثروات غازية ومعدنية، تكفي لتلبية احتياجاته من الطاقة بل وتصدير الفائض إلى الخارج. ومع ذلك، فإن الانقسامات السياسية والضغوط الإقليمية تقف حائلًا أمام استغلال هذه الثروات بشكل كامل وفعال.
وانتقد زنكنة اعتماد العراق على الغاز المستورد من إيران، واصفًا إياه بأنه رديء الجودة وغير كافٍ لتشغيل محطات الكهرباء بكفاءة. وأشار إلى أن تركمانستان تمثل خيارًا بديلاً واعدًا لتوريد الغاز، إلا أن غياب قانون ينظم استغلال النفط والغاز يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق هذا الخيار.
كما أشار إلى انتشار المشاريع الوهمية في قطاع الكهرباء، حيث تُنفق مبالغ طائلة على شركات غير حقيقية لا تقدم أي قيمة. هذه الممارسات تعمق معاناة المواطنين الذين ينتظرون إصلاحًا حقيقيًا لقطاع الكهرباء لتحسين حياتهم اليومية.
عن أسباب تعطل القطاع، شدد زنكنة على أن الصفقات المشبوهة والعلاقات الخاصة مع الجانب الإيراني تسهم بشكل كبير في عرقلة أي إصلاح حقيقي. هذه السياسات، برأيه، تجعل من أزمة الكهرباء أزمة مزمنة تُثقل كاهل العراقيين وتحد من تطلعاتهم نحو مستقبل أفضل.
ويبين، أن "إصلاح هذا القطاع الحيوي يتطلب إرادة سياسية وإجراءات جذرية للقضاء على الفساد، ووضع رؤية استراتيجية تستثمر ثروات البلاد بشكل يخدم جميع العراقيين دون استثناء".
يتفق الباحث الاقتصادي أحمد عيد مع المتحدث السابق، بوجود شبهات فساد، ويبين لـ(المدى)، أن "استمرار حكومة بغداد في استيراد الغاز من إيران، وإصرارها على ذلك، لا يخلو من شبهات فساد، بالإضافة إلى كونه إجراءً سياسيًا أكثر من كونه اقتصاديًا. إيران تعتبر اللاعب الأساسي في العملية السياسية العراقية وللأسف تسيطر على القرار السيادي للبلاد."
وأوضح، أن "العراق يشتري الغاز الإيراني بأسعار باهظة مقارنة بما تدفعه بلدان أخرى، ومع ذلك، لا يمتلك القائمون على القرار الاقتصادي الجرأة أو القدرة على تغيير منافذ التوريد من دول بديلة، بالرغم من أن الحصار المفروض على إيران يجعل الاستيراد منها أمرًا أكثر تعقيدًا وأقل جدوى".
وأشار إلى أن "إيران تستمر في قطع الغاز عن العراق بشكل دوري، خصوصًا في فصل الشتاء، حيث تسعى لتلبية احتياجاتها المحلية أولاً. هذا يضع العراق في أزمة دائمة، ويبرز الحاجة الملحة للعمل على تأمين مصالحه بعيدًا عن الاعتماد المفرط على إيران".
وأضاف: "في هذا السياق، تعد قطر خيارًا بديلًا جديرًا بالاعتبار، خاصة بعد إعلانها إمكانية وقف تصدير الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عقب فرض ضرائب الـ5% على منتجات الطاقة. يمكن للعراق استغلال هذه الفرصة للحصول على الغاز القطري بأسعار أقل من الغاز الإيراني، مع جودة وكفاءة أعلى ونقاوة أفضل".
ودعا عيد الحكومة العراقية إلى إعادة النظر في سياستها الحالية وتبني خطوات استراتيجية لتحرير القرار الاقتصادي العراقي من التأثيرات الخارجية وضمان توفير مصادر طاقة مستقرة وذات جدوى اقتصادية أعلى للبلاد.
يقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، إن "توقف إمدادات الغاز الإيراني تسبب بخسارة المنظومة الكهربائية أكثر من 8 الاف ميغاواط، مما أثر بشكل كبير على استقرار تجهيز الكهرباء، خاصة في ظل انخفاض درجات الحرارة وزيادة الطلب على الطاقة".
وأوضح موسى في حديث خص به (المدى)، بأن "هذا التوقف أدى إلى تعطل بعض الوحدات التوليدية وتوقف محطات أخرى عن العمل، ما نتج عنه تراجع ملحوظ في ساعات تجهيز الكهرباء، لا سيما في محافظات بغداد والفرات الأوسط والمناطق الوسطى. ويرجع سبب التوقف إلى أعمال صيانة جارية في الجانب الإيراني".
وأكد موسى، أن "الوزارة تتابع الموضوع يوميًا مع الجانب الإيراني لحثهم على الإسراع في إتمام أعمال الصيانة واستئناف ضخ الغاز بالكميات المطلوبة لتلبية احتياجات المحطات التوليدية. وفي الوقت نفسه، تعمل الوزارة بالتنسيق مع وزارة النفط العراقية، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الغاز الوطني والوقود المحلي لا يسدان حاجة المنظومة بالكامل، مما يؤدي إلى توقف بعض المحطات وانخفاض إنتاجية البعض الآخر".
أشار موسى، إلى أن "نقص الإمدادات الغازية يُعد السبب الأساسي وراء تراجع ساعات تجهيز الكهرباء في البلاد، مشددًا على أن الوزارة تبذل جهودًا مستمرة لإيجاد حلول للأزمة بأسرع وقت ممكن".
معالجة الأزمة تتطلب خطوات جادة، وفقاً للباحث الاقتصادي احمد عبد ربه، الذي أشار إلى أهمية التعاون مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة، الصين، وفرنسا لإنشاء مفاعل نووي سلمي لتوليد الكهرباء.
وأوضح أن "محطة طاقة نووية كبيرة يمكن أن تلبي احتياجات الطاقة المتزايدة، خاصة مع تزايد عدد السكان الذي وصل إلى حوالي 45 مليون نسمة"، ولفت إلى وجود جهود فرنسية للتعاون بهذا الشأن، داعيًا الحكومة إلى اتخاذ خطوات عملية لتحقيق هذا الهدف.
وأشار عبد ربه إلى أن أزمة الكهرباء تتجاوز ضعف الأداء لتشمل فسادًا في نظام الجباية وتنسيقًا غير قانوني بين بعض الموظفين والمواطنين. وأكد أن إصلاح القطاع يجب أن يتناسب مع النمو السكاني السريع.
ومن الجدير بالإشارة الى ان شرط هيئة الاستثمار الوطنية بإلزام المجمعات السكنية بإنشاء محطات كهرباء ومياه غالبًا ما يُهمل بفعل التدخلات السياسية والنفوذ المتزايد لبعض الجهات المتنفذة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي
سياسية

ملامح لتحالفات 2025.. الحلبوسي "إطاري" وتصالح مع السوداني

بغداد/ تميم الحسن في موجة جديدة هي الأعنف ربما، دخل محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، في صراع مع خصومه السُنّة وجزء من الكُرد.تصاعدت الخلافات بشكل متزامن بعد عودة الحلبوسي من زيارة مثيرة أجراها زعيم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram