 علي الحمداني / المدى

ان المواقع السياحية في العديد من البلدان، بما في ذلك العراق، تواجه تحديات متعددة، ومن هذه التحديات هو الإهمال والتجاوزات، كذلك التحديات التي يمكن أن تعرض هذه المواقع لخطر التنقيب غير المشروع، مما يهدد التراث الثقافي والسياحي للبلد. يقول: الدكتور فاضل البدراني، وكيل وزير الثقافة والسياحة والاثار، في حديث لـ(المدى) "ان جغرافية العراق مليئة بالآثار، حيث ان هيئة الاثار والتراث في وزارة الثقافة والسياحة تقدم جهوداً كبيرة في اجراء عمليات التنقيب، وملاحقة المتجاوزين على المناطق التي تحمل صفة أثرية، كما ان قانون الاثار لا يقبل التساهل مطلقاً مع المتجاوز.
ويؤكد البدراني: "ان هناك نحو (١٨ الف) موقع اثري موجود في العراق، كما توجد عمليات تحري وتفتيش للأثار المتواجدة على امتداد محافظات العراق وترصد اي تجاوز يحصل على تلك المواقع.

الخطط الوزارية
لدى الوزارة خطة واسعة تشرع بها حالياً لتحويل مناطق اثرية الى مناطق جذب سياحي، ليست فقط من داخل العراق وانما من بلدان عربية واجنبية، مثل زقورة أور بمحافظة ذي قار، وكذلك المواقع الاثرية من بقايا الحضارة البابلية في محافظة بابل، وهناك العديد من المواقع الاثرية التي تجرى فيها عمليات تنقيب، وايضا توفير البنى التحتية لتقديم الخدمات السياحية للزائرين.

عدد القطع الاثرية المستعادة
يضيف البدراني: "ان العراق استعاد عبر القنوات الدبلوماسية، وبجهود وزارة الثقافة والسياحة والاثار عام ٢٠٢٤ حوالي (٢٤ الف) قطعة اثرية بعد تعرضها لأعمال السرقة والنهب والتهريب إبان الفوضى التي حصلت من أثناء الغزو والاحتلال الاميركي للعراق".
من جانبه يقول: محمد العبيدي، نقيب السياحيين في حديثه لـ(المدى)، كما معروف لدى جميع المتابعين والمهتمين بالقطاع السياحي، ان العراق يمتلك مواقع اثرية وتاريخية كثيرة ومتعددة، كما يوجد في العراق ما يقارب أكثر من (15 ألف) موقع أثرى وتاريخي، حيث ان المكتشف من هذه الواقع والاماكن لا يمثل سوى (10%) فقط من هذا الجانب.
ويتابع العبيدي: ان الكثير من الدول العربية والدولية يكون اقتصادها قائماً على الجانب السياحي ويشكل رافداً مهماً جداً من الجانب الاقتصادي لدى هذه الدول، اما في العراق نلاحظ الإهمال الواضح في هذا القطاع التاريخي والاثري للجانب السياحي، كما توجد الكثير من التجاوزات على هذا القطاع من جانب الدولة نفسها ومن الاهالي ايضاً، من خلال اقامة المشاريع وتشييد الدور السكنية، كل هذه الجوانب اثرت سلباً على هذا القطاع.

الإهمال في المواقع
ويشير العبيدي: الى وجود اهمال واضح على هذا القطاع في العراق بشكل عام، ومحافظة بغداد بشكل خاص، حيث توجد في بغداد عدة اماكن اثرية مهملة مثل، طاق كسرى مدينة المدائن، ومنطقة الباب الوسطاني، وعكركوف في قضاء ابي غريب، وغيرها من المساجد القديمة التاريخية والاثرية في اجزاء متعددة من العاصمة بغداد، كل هذه الصروح التاريخية تعاني من الاهمال على مستوى جميع الخدمات.
طالما ان هناك علاقة وثيقة ما بين نمط الاثار او العمل في حقل الاثار وما يتعلق بمسائل التنقيب والصيانة وايضا العرض المتحفي كل هذا المجال بطبيعة الحال له نتائج ايجابية، فيما لو كان هناك تنسيق ما بين هذا الحقل ومؤسسات السياحة في العراق، هذا ما افاد به الخبير والباحث في علوم السياحة والاثار والتراث، عايد غالب الطائي في حديثه لـ(المدى).
ويؤكد الطائي: بوجود مئات الالاف من المواقع الاثرية والتراثية، وان العراق زاخر بهذه المواقع، وهذا يتطلب وجود خطط مستدامة وناجحة تكون كفيلة بأن توضع اليات لتنشيط انماط السياحة، ونمط السياحة الاثرية على وجه الخصوص، وهذا بطبيعة الحال يتطلب من هيئة السياحة العامة ووزارة الثقافة ان تتبنى خططاً دقيقة وعلمية تكون بدراسة مستفيضة في كيفية التنسيق ما بين الجهات المتخصصة في حقل الاثار والتنقيب والصيانة والمتاحف وما بين الجهات المعنية سواء كانت وزارات او دوائر من ذات العلاقة والمنتشرة في محافظات العراق.

روافد الاقتصاد
يذكر الطائي: ان السياحة الخارجية هي واحدة من الصناعات الحديثة والكبيرة التي ترفد قطاعات الاقتصاد وتسهم في زيادة الناتج المحلي الاجمالي، فضلا عن انها تعكس الحالة الاجتماعية وتظهر ارتفاع المستوى المعيشي الوعي لدى الفرد والمجتمع، بالإضافة الى تلاقح الافكار من خلال العلاقات ما بين الوافد الاجنبي والوافد المحلي وايضا القاطنين في هذه المناطق، خصوصا في المناطق القريبة من المواقع الاثرية، وبطبيعة الحال يجب ان ننظر الى السياحة المحلية كنظرتنا الى السياحة الدولية في بلدان اخرى، مثل اسبانيا وفرنسا والصين وغيرها من الدول التي ترفد اقتصادها بمئات المليارات من الدولارات، فضلاً عن تشغيل الملايين من الايدي العاملة ضمن هذا القطاع.