متابعة / المدى
تشير تطورات الساعات الأخيرة إلى وجود انفراجة واضحة في مفاوضات التهدئة بين إسرائيل وحماس، حيث تتحدث مصادر عن اتفاق وشيك على وقف إطلاق النار برعاية أمريكية ومصرية وقطرية. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من التفاصيل العالقة، أبرزها الالتزام بتنفيذ الاتفاق، ومرحلة ما بعد التهدئة، التي قد تحمل تعقيدات لا تقل عن الحرب نفسها.
تسوية مؤقتة؟
يبدو أن كلاً من حماس وإسرائيل قد وصلتا إلى مرحلة من الإرهاق العسكري والسياسي، ما دفعهما إلى النظر بجدية إلى خيار التهدئة. الاتفاق المقترح يتضمن وقفًا شاملاً للعمليات العسكرية، تبادل الأسرى، وانسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من قطاع غزة. لكن هذه البنود تحمل في طياتها تحديات كبيرة تتعلق بالتنفيذ والثقة المتبادلة. وأفاد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أمس الثلاثاء، بأن مفاوضات وقف إطلاق النار تجري الآن حول التفاصيل الأخيرة، وأن الأطراف عند أقرب نقطة من التوصل لاتفاق. وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي، في الدوحة: "تجاوزنا العقبات الرئيسية في المفاوضات، ونترقب أن يكون الإعلان عن اتفاق إطلاق النار في غزة قريبا". وأضاف المسؤول القطري: "أصبحنا في أقرب نقطة لاتفاق في غزة، وتجاوزنا العقبات الرئيسية في الخلافات بين الطرفين". وأشار الأنصاري إلى أن تفاصيل عالقة بين الطرفين تتعلق بآليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأفاد بأنه تم تسليم مسودتين لإسرائيل وحماس، وأن المحادثات جارية بشأن التفاصيل الأخيرة. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية في مسودة الاتفاق، وفقا لتصريحات أدلى بها مسؤول إسرائيلي وآخر فلسطيني. ولم تذكر "حماس" أي تفاصيل.
عودة الرهائن
في المرحلة الأولى، سيُطلق سراح 33 رهينة منهم أطفال ونساء ومجندات ورجال فوق الخمسين وجرحى ومرضى. وتعتقد إسرائيل أن معظم الرهائن على قيد الحياة، لكنها لم تتلق أي تأكيد رسمي من "حماس".
تستمر المرحلة الأولى عدة أسابيع. لكن المسؤول الإسرائيلي قال إن مدتها لم تحدد بعد، فيما قال المسؤول الفلسطيني إنها ستستمر 60 يوما.
وإذا سارت المرحلة الأولى على النحو المخطط لها، فستبدأ مفاوضات بشأن مرحلة ثانية في اليوم السادس عشر من دخول الاتفاق حيز التنفيذ بهدف إطلاق سراح من تبقى على قيد الحياة من الرهائن، وهم جنود من الذكور ومدنيون أصغر سنا من الذكور، وإعادة جثث القتلى من الرهائن.
وفي مقابل الرهائن، ستفرج إسرائيل عن عدد كبير من السجناء الفلسطينيين، بما في ذلك بعض الذين يقضون أحكاما بالسجن لفترات طويلة لإدانتهم بإسقاط قتلى في هجمات، لكن تحديد العدد سيتوقف على عدد الرهائن الذين ما زالوا أحياء. وقال المسؤول الإسرائيلي إن العدد سيكون "عدة مئات"، فيما قال المسؤول الفلسطيني إنه سيكون أكثر من ألف. ولم يُتفق بعد على المكان الذي سينقل إليه السجناء الفلسطينيون بعد الإفراج عنهم، لكن لن ينقل أي شخص مدان بارتكاب جرائم قتل أو شن هجمات مميتة إلى الضفة الغربية. لن يتم إطلاق سراح أي أحد من الذين شاركوا في هجوم 7 تشرين الاول (أكتوبر) 2023 على إسرائيل.
انسحاب القوات
لن تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل إلا بعد إعادة كل الرهائن، لكنها سيكون هناك انسحاب على مراحل مع بقائها قرب الحدود للدفاع عن المدن والبلدات الإسرائيلية الواقعة هناك.
ستكون هناك ترتيبات أمنية فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا (صلاح الدين) جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، مع انسحاب إسرائيل من أجزاء منه بعد الأيام القليلة الأولى من الاتفاق. السماح لسكان شمال غزة غير المسلحين بالعودة إلى مناطقهم مع وضع آلية لضمان عدم نقل الأسلحة إلى هناك. كما ستنسحب القوات الإسرائيلية من معبر نتساريم في وسط غزة. يبدأ تشغيل معبر رفح بين مصر وغزة تدريجيا والسماح بخروج الحالات المرضية والإنسانية من القطاع لتلقي العلاج.
زيادة المساعدات
ستكون هناك زيادة كبيرة في كمية المساعدات الإنسانية المرسلة إلى قطاع غزة، حيث حذرت هيئات دولية منها الأمم المتحدة من أن السكان يواجهون أزمة إنسانية خانقة. وتسمح إسرائيل بدخول المساعدات إلى القطاع لكن هناك خلافات حول الكمية المسموح بدخولها وتلك التي تصل إلى المحتاجين، مع تزايد عمليات النهب من جانب العصابات.
حكم قطاع غزة في المستقبل
واحدة من أكثر القضايا الغامضة في المفاوضات تتعلق بالجهة التي ستحكم قطاع غزة بعد الحرب، ويبدو أن الجولة الحالية من المحادثات لم تعالج هذه القضية بسبب تعقيدها واحتمال أن تؤدي إلى عرقلة التوصل إلى اتفاق قصير الأمد. وترفض إسرائيل أن يكون لـ"حماس" أي دور في حكم غزة كما اعترضت على مشاركة السلطة الفلسطينية التي أُنشئت بموجب اتفاقات أوسلو للسلام قبل ثلاثة عقود وتمارس سيادة محدودة في الضفة الغربية المحتلة. وتقول إسرائيل منذ بداية حملتها في غزة إنها ستحتفظ بالسيطرة الأمنية على القطاع حتى بعد انتهاء القتال.
ويرى المجتمع الدولي أن غزة يجب أن يحكمها فلسطينيون، لكن الجهود التي بُذلت لإيجاد بدائل للفصائل الرئيسية من بين أفراد المجتمع المدني أو قادة العشائر لم تؤت ثمارها إلى حد بعيد.