علي حسين
كان في العاشرة من عمره عندما تملكه احساس ان مدينته دبي يمكن لها أن تُصبح الأولى في هذا العالم المترامي الاطراف ، كان ذلك عام 1949، وقف مذهولاً وسط مطار هيثرو في لندن يشاهد ضجيج الحركة والحياة ويتساءل مع نفسه : هل بامكاننا أن ننقل هذه الحيوية والحركة إلى مدننا ، وننشئ مطارات تزاحم مطارات العواصم الكبرى . بعد ما يقارب النصف قرن سيتفوق مطار دبي على مطار هيثرو ، ويتربع بامتياز على عرش الافضل عالميا . وسيقرأ الشيخ محمد بن راشد خبر النجلح منشورا في الصحف البريطانية ، فيتذكر ذلك الفتى الذي سعى لتحويل الحلم الى حقيقة وتراءت له صورة جده الذي حكم هذه المدينة بالمحبة والرحمة والتعاون .
في مذكراته التي أطلق عليها عنوان "قصتي " ، يكتب محمد بن راشد ان الدول تنجح عندما يأتي قادة تكون أحلام شعوبهم ، أكبر من أحلامهم الشخصية .
تُكتب المذكرات عادة من أجل ابراز الحقيقة ، وقد وضع الفرنسي شارل ديغول عنوانا لمذكراته " الأمل " ، فيما أصر صاحبنا ابراهيم الجعفري ان يذكرنا ان تجربته في الحكم كانت هي الافضل ، ولم يترك لنا مجالا لان نقول له لماذا يارجل سعيت الى تحويل العراق الى بلد من بلدان الدرجة العاشرة ؟ لا تكف دبي عن مطاردة الاحلام ، وبث الأمل ، مشاريع ومؤتمرات وجوائز كبرى تقول كلاماً واحداً " نحن هنا " ، فيما يكتب محمد بن راشد في تهنئته لأحد الفائزين بجائزة نوبل العرب – نوابغ العرب – :" إن منطقتنا غنية بالعقول القادرة على صنع إضافات حقيقية للمعرفة البشرية في العديد من المجالات" . نهضة عمرانية تسير جنبا الى جنب مع النهضة الثقافية والفنية ، وقد اختصرها ضياء العزاوي بأنها تسير بسرعة البرق ، كل يوم هناك مشروع في الامارات ، وهناك شباب يجسدون مقولة معلمهم حاكم دبي : " المحرك الاساسي لنا يجب ان يكون الطموح والإلهام " . وسيرى الزائر للامارات العربية انه كلما زادت مداخيل الاقتصاد وانتعشت حركة العمران ، زادت معها مشاريع الثقافة التي تأخذ بالبلاد والناس نحو المستقبل .
ظل العرب يشكون من نوبل السويدية التي دائما ما تدير ظهرها لمبديعهم الكبار ، وانتبه البعض الى ان الجائزة لم تكن بريئة احيانا من الانحياز السياسي والثقافي ، وكان الرد اماراتي : انشاء جائزة عربية في مجالات الطب والعمارة والاقتصاد والهندسة والتكنلوجيا والعلوم الطبيعية والاداب والفنون ، تعيد للعقول العربية احترامها ، وتقدم للشباب العربي ، نماذج يحتذى بها في الاجتهاد والسعي والفكر النير .
أنى تذهب في دبي تحيطك لمسات حاكمها المثابر ، وتجد الجميع في مؤسسات الدولة يسبقهم مسؤول فائق في المعرفة، وباحث عن المزيد منها ، وساعيا لأن يأخذ العرب مكانتهم المستحقة في هذا الزمن . اتطلع الى وجوه الفائزين بجائزة نوابغ العرب ويمهس لي الدكتور احمد زايد : اخيرا استطعنا أن نثأر من المرحوم الفريد نوبل.