محمد العبيدي/ المدى
أثار قرار البنك المركزي العراقي، خفض سقف أسعار العقارات المشمولة بضوابط مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب إلى 100 مليون دينار، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والشعبية.
وبينما يؤكد مؤيدو القرار أنه خطوة نحو تعزيز الشفافية والسيطرة على حركة النقد خارج النظام المصرفي، يعرب معارضوه عن مخاوفهم من تأثيراته السلبية على سوق العقارات، حيث يُتوقع أن يؤدي إلى ركود في العمليات العقارية الكبيرة وتعقيد الإجراءات المصرفية، مما يزيد من الأعباء على المتعاملين.
وأعلن البنك المركزي العراقي عن توجيه جديد صادر عن دائرة الرقابة، يتضمن تقليص الحد الأعلى للمبالغ المسموح بها في عمليات بيع وشراء العقارات، حيث أقر إجراء المعاملات العقارية التي تتجاوز قيمتها 500 مليون دينار عبر النظام المصرفي حصراً.
نقص السيولة
وبرغم أن الإجراء الجديد يهدف إلى مكافحة الفساد المالي وتمويل الإرهاب، يرى البعض أنه جزء من خطوات أوسع لمواجهة النقص الحاصل في السيولة المالية التي تعاني منها البلاد، إذ تسعى الحكومة من خلال هذا القرار إلى تعزيز دور المصارف في جمع الأموال وزيادة حجم الودائع، بهدف السيطرة على حركة النقد المباشر خارج النظام المصرفي.
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي ضرغام محمد، أن "هناك نقصاً في السيولة ناتجاً عن عدم تحقق الإيرادات النفطية وغير النفطية كما هو مدون في الموازنة، مما أدى إلى ارتفاع الدين الداخلي وعدم وجود أدوات عملية لسد العجز".
وأضاف محمد لـ(المدى) أن "الجهود بدأت لتعزيز الجبايات الضريبية والسيطرة على عمليات بيع وشراء العقارات، بهدف ضمان شفافية العملية ومنع التلاعب بالقيمة الحقيقية للعقار لتقليل الضريبة، حيث تسعى الحكومة إلى تنشيط عمل المصارف وزيادة احتياطياتها المالية، بالإضافة إلى تعزيز الشمول المالي وضبط عمليات التحويل للحد من غسيل الأموال، وجعل القيمة مدونة مصرفياً لمعرفة حركة أموال البائعين والمشترين".
هذا الإجراء اتُخذ في ظل أزمة السيولة المالية التي تواجهها الدولة العراقية، حيث برزت هذه المشكلة بشكل واضح مع تأخر صرف مستحقات الموظفين والمتقاعدين خلال شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، وعلى الرغم من محاولات وزيرة المالية، طيف سامي، طمأنة الرأي العام، إلا أن خبراء يرون أن التحديات المالية في عام 2025 تختلف بشكل كبير عن الأعوام السابقة، بسبب الضغوط المالية.
تحذيرات من ركود
في الجانب الآخر، حذر الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي من ركود مرتقب في سوق العقارات نتيجة القرار الجديد للبنك المركزي، حيث أكد أن "هذا الإجراء قد يؤثر سلبياً على سوق العقارات من خلال انخفاض الطلب بسبب الصعوبات التي سيواجهها المشترون في توفير مبلغ الشراء دفعة واحدة ووضعه في المصارف".
وأوضح المرسومي في تعليق تابعته (المدى) أن "الإجراء سيزيد من تكلفة المعاملات العقارية وتأخيرها بسبب البيروقراطية المصرفية، ما سيؤدي إلى زيادة الأعباء المالية للمتعاملين، فضلاً عن دفع المشترين والبائعين لتخفيض أسعار الأراضي والوحدات السكنية الصغيرة إلى أقل من 100 مليون دينار لتجنب شموله بقرار البنك المركزي".
واعتُبر القرار من قبل متعاملين في سوق العقار، خطوة مهمة لمكافحة الفساد في هذا القطاع الحيوي، حيث إن المعاملات العقارية الكبيرة كانت تُجرى في بعض الحالات دون رقابة كافية، مما أتاح المجال لظهور ممارسات غير قانونية.
من جهته، قال الوسيط العقاري حسين الشمري إن "القرار الجديد يحمل تحديات كبيرة للسوق العقارية، إذ ستتأثر حركة البيع والشراء بشكل ملحوظ، خاصة للعقارات التي تزيد قيمتها عن 100 مليون دينار، إذ ستزيد الإجراءات المصرفية المطلوبة من زمن إتمام الصفقات، بالإضافة إلى زيادة التكاليف المرتبطة بفتح الحسابات والتحقق من الأموال".
وأضاف الشمري في تصريح لـ(المدى) أن "للقرار إيجابيات لا يمكن إنكارها، فهو يهدف إلى تعزيز الشفافية في السوق العقارية وتقليل التداول النقدي المباشر، مما يسهم في مكافحة عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، كما أن توجيه الأموال نحو النظام المصرفي يعزز من حركة الإيداعات ويزيد من استقرار الاقتصاد بشكل عام".
إصلاح اقتصادي أم كابوس جديد؟.. القطاع العقاري في عين العاصفة بعد قرار البنك المركزي!
نشر في: 19 يناير, 2025: 12:03 ص