علاء المفرجي
كابول أواخر التسعينات. يعود راسل إلى موطنه الأصلي. أرسله والده، الذي كان شيوعيًا مقتنعًا، إلى سانت بطرسبرغ، لكن راسل وجد هناك حبًا لدوستويفسكي أكثر من إيديولوجية الشيوعية. منذ انتهاء الاحتلال الروسي في أفغانستان، اندلعت حرب أهلية دامية، وراسويل يراقب كابول وهي تهلك بسبب القسوة والفساد. يقرر التوقف عن المراقبة دون فعل أي شيء، وتحقيق العدالة للمجتمع…
رواية عتيق رحيمي الجديدة، الحائز على جائزة غونكور لعام 2008، مستوحاة من رواية دوستويفسكي الجريمة والعقاب – ومن هنا عنوانها. إنها تستمد الإلهام منها من حيث الحبكة، وبعض الشخصيات، لكن لا تخطئوا، فهي جريمة وعقاب تمت مراجعتها وتصحيحها إلى حد كبير، علاوة على أنها مغمورة في الواقع الأفغاني اليوم.. . لذا فإن البطل رسول قد قتل للتو أحد المتقاعدين. لمعاقبتها على المصير الذي ألحقته بخطيبتها صوفيا (تمارس الدعارة) وسرقة أموالها من أجل القدوم. مساعدة عائلته، وكذلك صوفيا ولها…
يربط عتيقي دوستويفسكي اسماً أبدياً من الحروف الروسية بالحرب الأولى في أفغانستان، هذا الصراع الطويل الذي وضع الجيش الأحمر في مواجهة المجاهدين. لقد كان بالفعل مكانًا لروايتين ناجحتين لعتيق رحيمي، وهو شخصية أفغانية عظيمة في الأدب الفرنسي؛ الأرض والرماد الرقيقة وجولة السرد الشعري في قوة سينجو سابور.
تبدأ هذه الرواية الجديدة، وهي أطول بكثير من سابقاتها، بمشهد همجي يعلن عن قسوة الفصول الأولى. في منتصف خط المواجهة، في كابول، نرى الشاب رسول يقتل امرأة عجوز في منزلها. ونفهم تدريجياً أن الضحية أجبر خطيبته القاتلة على ممارسة الدعارة. ورغم أن الشريعة الإسلامية تضفي الشرعية على جريمة قتل السيدة النجسة هذه باسم شرف العائلة، إلا أنها لا تخلص صاحبها من الندم المزعج. وبسبب الإحساس التحرري الذي تشكل من خلال قراءة رواية الجريمة والعقاب، يشعر رسول بشعور بالذنب غريب عن مبدأ الانتقام في العدالة الإسلامية. وهكذا تظهر القضية الدقيقة لهذه الرواية. إنها على وجه التحديد مسألة توضيح الصراع بين أخلاقيتين: أخلاقية الجهاد، التي تعلن عدالة متغيرة حسب الدين والجنس، وأخلاق الحكمة القرآنية الأكثر مساواة، والتي تشبه على نحو متناقض الشعور بالعدالة الذي تطور في العمل الأدبي لمحمد. كاتب روسي.
في هذه الرواية، يستغل عتيق رحيمي السياق التاريخي الذي أظهر بالفعل ولعًا به. تصور هذه القصة بدقة نفسية كائن واحد. ورغم أنه يكرر هذه الكلمات المألوفة لديه، إلا أن الكاتب يجدد أسلوبه بالكامل، خاصة من خلال العزف على الأصوات السردية. من المرجح أن تفاجئ لهجة رحيمي قراءه الأوفياء، لكن ما يخسره في الشعر والمحاكاة الحقيقية يكتسبه في الاتساع الأخلاقي والحدة الدرامية. أليست القدرة على التجديد هي الصفة التي يتم من خلالها تعريف الكاتب الحقيقي؟
عتيق رحيمي ولد 1962م، في كابل، يكتب باللغتين الفارسية والفرنسية كما هو مخرج أفلام، من أسرة ليبرالية، وبعد الاجتياح السوفييتي لأفغانستان، وانهيار النظام السياسي غادر إلى فرنسا، حيث أتم دراسته وحصل على الدكتوراه في الاتصالات البصرية، وفي عام 2008 حاز على جائزة غونكور، الجائزة الفرنسية الأدبية الأبرز، عن روايته "حجر الصبر". وجائزة الادب الفارسي في إيران في 2010 عن روايته الأرض والرماد.
عند عودته إلى أفغانستان في عام 2002، انخرط رحيمي في أكبر مجموعة إعلامية في البلاد، مجموعة موبي كمستشار إبداعي أول. المجموعة، ويواصل رحيمي، الذي يقسم وقته بين كابول وباريس، العمل بشكل وثيق مع مجموعة موبي في تطوير البرامج والأنواع لمنافذها الإعلامية، بالإضافة إلى المساعدة في تطوير وتدريب جيل جديد من صناع الأفلام والمخرجين الأفغان.
قام رحيمي بإنشاء وتطوير مسلسل "أسرار هذا البيت" على قناة تولو التلفزيونية، وهو أول مسلسل تلفزيوني أفغاني. وقد نال المسلسل الشهير "أسرار هذا البيت" الجائزة الخاصة في حفل توزيع جوائز سيول للدراما
أخرج رحيمي فيلمًا مقتبسًا من رواية حجر الصبر عام 2012 من سيناريو شارك في تأليفه مع جان كلود كاريير، عُرض الفيلم الروائي الطويل الثالث لرحيمي كمخرج، " سيدة النيل "، لأول مرة كفيلم افتتاحي لبرنامج السينما العالمية المعاصرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي لعام 2019.
وقد حظيت أفلام رحيمي بتقدير دولي، بما في ذلك في مهرجان كان السينمائي، مما يعكس رؤيته الفنية الفريدة ومساهماته في السينما الأفغانية والعالمية. ويؤكد دوره كعضو لجنة تحكيم في مثل هذا الحدث المرموق على مكانته كشخصية بارزة في صناعة السينما.