TOP

جريدة المدى > سياسية > "رشوة" سياسية بنكهة قانونية.. مقترح "الحوافز الانتخابية" يثير الجدل

"رشوة" سياسية بنكهة قانونية.. مقترح "الحوافز الانتخابية" يثير الجدل

نشر في: 20 يناير, 2025: 12:02 ص

بغداد / محمد العبيدي
أحدث مقترح قانون "الحوافز الانتخابية"، الذي طُرح في البرلمان العراقي، موجة من الجدل الشعبي، إذ يسعى إلى منح الناخبين المشاركين في العملية الانتخابية امتيازات مالية ومعنوية، وذلك استباقًا للانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في أواخر عام 2025.
يتضمن المقترح الذي تقدم به النائب عن محافظة البصرة، عامر عبدالجبار، مجموعة من الحوافز للمشاركين في الانتخابات، مثل تقديم إعفاءات ضريبية للعاملين في القطاع الخاص بمختلف مجالاته، بما يشمل القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والخدمية، وتُحدد نسبة الإعفاء بـ10‌% من إجمالي الضريبة المستحقة على المصوّت خلال سنة الانتخابات، بشرط ألا تتجاوز مليون دينار عراقي.
ويأخذ المقترح بعين الاعتبار تحسين الأوضاع المالية للعاملين المشمولين بنظام الضمان الاجتماعي، سواء كانوا موظفين أو عاملين في القطاع الخاص.
كما ينص على إضافة ستة أشهر إلى مدة الخدمة للموظفين المدنيين والعسكريين الذين يمارسون حقهم في التصويت، بالإضافة إلى منح الأولوية في التعيين للمصوتين مقارنة بغيرهم ممن لم يشاركوا في الانتخابات، كما منح المقترح أولوية للناخبين المصوّتين المشمولين بخدمات الضمان الاجتماعي التي توفرها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، من خلال تسهيل إجراءات معاملاتهم الرسمية داخل الوزارة.
وأثار مقترح القانون الجديد جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية والشعبية، حيث وصفه بعض النواب بأنه خطوة إيجابية لتحفيز المواطنين والموظفين على المشاركة في العملية الانتخابية، وسط مخاوف من أن يسهم المقترح قد يسهم في تغيير طبيعة النتائج المنتظرة، من خلال جذب مشاركة فئات جديدة من الناخبين غير المنتمين للأحزاب السياسية.
انتهاك لمبادئ المساواة
في المقابل، واجه المشروع انتقادات شديدة من قبل المراقبين الذين اعتبروا تخصيص امتيازات للمصوّتين انتهاكاً لمبدأ المساواة بين المواطنين، معتبرين أن الخطوة قد تهدد الأسس الديمقراطية التي تعتمد على حرية الاختيار والمشاركة الطوعية.
بدوره، رأى المحلل السياسي علي ناصر، أن "إقرار قوانين مثل الحوافز الانتخابية يعكس فجوة واضحة بين السياسيين ومجلس النواب من جهة؛ والشارع العراقي من جهة أخرى، وهي محاولة يائسة لتحفيز المشاركة في الانتخابات، بعد أن أخفقت القوى السياسية في تقديم القوانين والتشريعات والخدمات التي ينتظرها المواطن منذ سنوات، مما أدى إلى تراجع نسب التصويت في الانتخابات الماضية".
وأضاف ناصر في تصريح لـ(المدى) أن "مثل هذه القوانين لا تمثل قراءة صحيحة لاحتياجات الشعب العراقي، وكان الأجدر بالسياسيين العمل على تحسين الخدمات وتقديم حلول ملموسة على مدار العقدين الماضيين، بدلاً من طرح مقترحات تحمل طابعاً انتخابياً بحتاً".
وتابع، "يجب على السياسيين تغيير نهجهم والتركيز على إصلاحات جوهرية تخدم المواطنين، مثل توحيد سلم الرواتب، تحسين الظروف المعيشية، وزيادة مرتبات المتقاعدين، بدلاً من الاعتماد على حوافز آنية تستهدف فئة محدودة".
تراجع نسب المشاركة
وشهد العراق خلال السنوات الأخيرة انخفاضًا ملحوظًا في نسب الإقبال على الانتخابات، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي أُجريت أواخر عام 2023 حاجز 41‌%، أما الانتخابات البرلمانية لعام 2021 فقد سجلت نسبة مشاركة متواضعة بلغت 44‌%، ما اعتُبر تراجعًا لثقة المواطنين في العملية الانتخابية واستمرار العزوف عن المشاركة السياسية.
وتصاعدت وتيرة التراجع في نسب المشاركة الانتخابية بالعراق بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت نسبة الإقبال في الانتخابات البرلمانية لعام 2018 نحو 44.5‌% فقط، وهو انخفاض كبير مقارنة بالدورات السابقة.
فقد شهدت انتخابات عام 2005 نسبة مشاركة بلغت حوالي 80‌%، إلا أن هذه النسبة بدأت بالتراجع تدريجيًا لتصل إلى ما يقارب 60‌% في انتخابات عامي 2010 و2014، ما يعطي تصورًا عن التعاطي الشعبي، مع العملية السياسية بشكل عام.
وأثيرت مخاوف من استغلال هذا القانون، وتعميق المحسوبية والمحاباة، في بلد يعاني أصلًا من ذلك، إذ قد يؤدي إلى منح امتيازات لمجموعات معينة بناءً على الولاءات السياسية أو المناطقية، ما يهدد مبدأ المساواة بين المواطنين.
كما أُثيرت تساؤلات حول إمكانية استخدام القانون كأداة ضغط سياسي للتأثير على قرارات الناخبين، بالإضافة إلى المخاطر المتعلقة بتحويل العملية الديمقراطية إلى ساحة تنافس على الامتيازات، بدلًا من كونها ممارسة تعكس الناخبين، وممارساتها بحرية تامة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

البرلمان يصوت على تعديل الأحوال الشخصية والعفو وإعادة العقارات.. وحراك نيابي لإقالة المشهداني
سياسية

البرلمان يصوت على تعديل الأحوال الشخصية والعفو وإعادة العقارات.. وحراك نيابي لإقالة المشهداني

بغداد / المدى صوت مجلس النواب، على مشاريع قوانين تعديل الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة العقارات إلى أصحابها.وافتتح جلسة البرلمان، أمس الثلاثاء رئيس المجلس محمود المشهداني.وجرى خلال الجلسة، التصويت على "مقترح قانون الاحوال الشخصية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram