 بغداد / المدى

قال السفير الصيني في بغداد تسوي وي، إن العراق شريك مهم للصين في بناء مشروع الحزام والطريق، وأنه في طليعة الدول المشاركة في المشروع على صعيد دول المنطقة.
جاءت تلك التصريحات، خلال ندوة نظمها الحزب الشيوعي العراقي، حملت عنوان "مسار التنمية الصينية الجديدة.. الآفاق والتحديات"، السبت الماضي، على قاعة قرطبة في فندق المنصور في بغداد.
وتحدث سفير جمهورية الصين الشعبية لدى العراق السيد تسوي وي، خلال الندوة التي استمرت قرابة ساعتين، عن مراحل التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الصين في ظل قيادة الحزب الشيوعي الصيني، فضلا عن التحديات التي واجهت هذه التجربة.
في بداية حديث السفير الصيني، قدم شرحًا تاريخيًا مفصلاً عن تأسيس التجربة التي تعتمدها الصين حاليًا في مسار التنمية، مشيرًا إلى أن عام 2025 يصادف الذكرى الـ76 لتأسيس الصين الجديدة. وأوضح أن الصين تطورت لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث حققت نموًا متقدمًا جذب انتباه العالم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وأكد أن هذه الإنجازات لم تكن من فراغ، بل هي نتاج جهود أبناء الشعب الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، عبر نضال طويل وشاق.
وأضاف السفير أن الصين تتبنى الاشتراكية، معتبرًا أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني هي أبرز ميزة للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، والتي تضمن تحقيق التحديث الاشتراكي. وأشار إلى أن الصين دولة عريقة بتاريخ يمتد لأكثر من 5000 عام، قدمت خلاله مساهمات مهمة للبشرية. ومع ذلك، في منتصف القرن التاسع عشر، كانت الصين تعاني من التخلف الاجتماعي، حيث شهدت حرب الأفيون الأولى عام 1840، والتي أدت إلى سلسلة من الحروب التي شنها الغرب لسرقة ثروات الصين، مما جعلها شبه مستعمرة وفقدت جزءًا كبيرًا من سيادتها.

خيار الشعب
وأكد السفير أن الشعب الصيني فكر في تغيير هذا الوضع، حيث بذل جهودًا متواصلة للنضال ضد العدوان الخارجي واستعادة السيادة. واختصر الرئيس شي جين بينغ هذه المرحلة بقوله إن الصين جربت أنظمة مختلفة مثل الملكية الدستورية والنظام النيابي والمتعدد الأحزاب، ولكن جميعها فشلت. وفي عام 1921، تأسس الحزب الشيوعي الصيني، الذي قاد النضال لمدة 28 عامًا، ليتمكن من تأسيس الصين الجديدة عام 1949، محققًا استقلال الأمة وتحرير الشعب.
وأوضح السفير أن قيادة الحزب الشيوعي الصيني كانت اختيارًا شعبيًا بعد مقارنة بين مختلف القوى السياسية. وأضاف أن النضال القاسي علم الحزب والشعب أهمية استقلال الأمة وحق الشعب في تقرير مصيره. وبعد تأسيس الصين الجديدة، بدأت الصين بدعم دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية في قضايا التحرر، مما جعلها تكسب العديد من الأصدقاء حول العالم.

التحديات بعد التأسيس
وأشار السفير إلى أن الصين الجديدة واجهت تحديات كبيرة في بداية تأسيسها، حيث كانت تعاني من الفقر المدقع بسبب الحروب الطويلة والحصارات الغربية. ووصف الزعيم ماو تسي تونغ الوضع بقوله إن الصين كانت قادرة فقط على صناعة الأدوات البسيطة مثل الطاولات والكراسي، ولكنها لم تكن قادرة على صناعة السيارات أو الطائرات. ومع ذلك، نجحت الصين في بناء دولة جديدة وبدأت مهمة التنمية.

القفزة الصناعية العظيمة
وأكد السفير أن الصين، بفضل قيادة الحزب الشيوعي، حققت تحولًا اشتراكيًا وبناءً صناعيًا مستقلًا في أقل من 30 عامًا. وفي عام 1978، بدأت الصين مسيرة الإصلاح والانفتاح، وحققت قفزة صناعية عظيمة، حيث أكملت عملية التصنيع التي استغرقت قرونًا في الغرب في غضون عقود قليلة. وأصبحت الصين دولة صناعية بمستوى جيد، لكنها ما زالت تواجه تحديات مثل التنمية غير المتوازنة والضغوطات الخارجية.
وأوضح السفير أن الصين تواصل جهودها لبناء دولة قوية وتحقيق النهضة الوطنية، مسترشدة بأفكار الرئيس شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. وأكد أن أهداف الصين تشمل تحقيق الرخاء المشترك والتناغم بين الحضارة المادية والروحية، والانسجام بين الإنسان والطبيعة. وأشار إلى أن الابتكار هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الصيني، حيث تعمل الصين على تحويل الصناعات التقليدية إلى صناعات عالية التقنية.
وأكد السفير أن التحديث الصيني لا يعتمد على الحروب أو الاستعمار، بل يتم من خلال التنمية السلمية. وأشار إلى أن الصين قدمت نموذجًا جديدًا للدول النامية، حيث أثبتت أنه يمكن تحقيق التحديث دون اللجوء إلى العنف. وأضاف أن أفكار الرئيس شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية قد أوضحت الطريق الصحيح لبناء دولة قوية وتحقيق النهضة الوطنية.

العلاقات الصينية-العراقية
وتحدث السفير عن العلاقات الصينية-العراقية، مشيرًا إلى أن عام 2023 يصادف الذكرى العاشرة للشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وأكد أن الصين أصبحت أكبر شريك تجاري للعراق وأكبر مستورد للنفط العراقي. وأشار إلى أن الشركات الصينية تشارك في مشاريع بناء البنية التحتية في العراق، بما في ذلك قطاعات الكهرباء والنقل والاتصالات. وأكد أن الصين تتبنى سياسة بناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية، وهو ما يتماشى مع رغبة الجانب العراقي.
وشهدت الجلسة العديد من الأسئلة والمداخلات، حيث تساءل الحضور عن كيفية استفادة الدول الأخرى من التجربة الصينية، وعن دور الصين في تغيير النظام النقدي العالمي. وأكد السفير أن الصين تسعى إلى تعزيز التضامن بين الدول النامية لإيجاد حلول للمشاكل العالمية. وأشار إلى أن مجموعة بريكس (BRICS) هي إحدى المنصات التي تعمل على إيجاد بدائل للنظام الاقتصادي العالمي الحالي.
وأكد السفير أن الصين ستواصل جهودها لبناء دولة قوية وتحقيق النهضة الوطنية، مع الحفاظ على موقفها الداعم للدول النامية. وأشار إلى أن الصين ستسعى دائمًا إلى بناء عالم أكثر عدالة وإنصافًا، مستلهمة من تجربتها التاريخية ومعاناتها في الماضي. وأضاف أن الصين ستواصل دعمها للعراق في مشاريع التنمية والبنية التحتية، معتبرًا أن العلاقات بين البلدين ستشهد مزيدًا من التطور في السنوات القادمة.

دور الصين في العالم
وأكد السفير أن الصين تتطلع إلى المستقبل بثقة، حيث ستواصل العمل على تحقيق أهدافها الطموحة في بناء دولة قوية ومزدهرة. وأشار إلى أن الصين ستواصل دعمها للدول النامية في تحقيق التنمية المستدامة، معتبرًا أن التعاون الدولي هو المفتاح لتحقيق السلام والازدهار العالمي. وأكد أن الصين ستواصل لعب دورها كقوة داعمة للعدالة والإنصاف في العالم، مستلهمة من قيمها التاريخية وثقافتها العريقة. وأوضح السفير أن الصين ترى نفسها كدولة نامية، رغم كونها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وأكد أن الصين ستواصل دعمها للدول النامية في المحافل الدولية، معتبرًا أن صوت الصين في مجلس الأمن الدولي يمثل مصالح الدول النامية. وأشار إلى أن الصين ستواصل العمل على تعزيز التضامن بين دول الجنوب، معتبرًا أن الدول النامية هي التي تمثل الأغلبية في العالم. وفي معرض رده على سؤال حول العلاقات الصينية-الأمريكية، أكد السفير أن الصين لا تسعى لخلق توترات مع الولايات المتحدة، ولكنها لن تخضع للضغوطات الأمريكية. وأشار إلى أن الصين ستواصل الدفاع عن مصالحها وسيادتها، معتبرًا أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين. وأكد أن الصين ستواصل العمل على تحقيق الوحدة الوطنية، ولن تتردد في استخدام القوة إذا لزم الأمر.

الصين ومجموعة بريكس
وأكد السفير أن مجموعة بريكس (BRICS) هي إحدى المنصات التي تعمل على إيجاد بدائل للنظام الاقتصادي العالمي الحالي. وأشار إلى أن المجموعة تضم دولًا تمثل أكثر من 3 مليارات نسمة، وأنها ستواصل العمل على تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء. وأكد أن الصين ستواصل دعمها لمجموعة بريكس، معتبرًا أن المجموعة تمثل صوتًا مهمًا للدول النامية في العالم.

الصين والعراق: شراكة ستراتيجية
وأكد السفير أن العلاقات الصينية-العراقية تشهد تطورًا مستمرًا، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للعراق. وأشار إلى أن الشركات الصينية تشارك في مشاريع بناء البنية التحتية في العراق، بما في ذلك قطاعات الكهرباء والنقل والاتصالات. وأكد أن الصين ستواصل دعمها للعراق في تحقيق التنمية المستدامة، معتبرًا أن العلاقات بين البلدين ستشهد مزيدًا من التطور في السنوات القادمة.

ختاماً
أكد السفير أن الصين ستواصل جهودها لبناء دولة قوية وتحقيق النهضة الوطنية، مع الحفاظ على موقفها الداعم للدول النامية. وأشار إلى أن الصين ستسعى دائمًا إلى بناء عالم أكثر عدالة وإنصافًا، مستلهمة من تجربتها التاريخية ومعاناتها في الماضي. وأضاف أن الصين ستواصل دعمها للعراق في مشاريع التنمية والبنية التحتية، معتبرًا أن العلاقات بين البلدين ستشهد مزيدًا من التطور في السنوات القادمة.