علي حسين
شاهدنا العرض الكوميدي في جلسة مجلس النواب والتي تم فيها عقد صفقة تمرير قانون العفو مقابل قانون الاحوال الشخصية ، والقانونين مقابل قانون العقارات ، وقد اخبرتنا النائبة نور الجليحاوي، أن قانوني الأحوال والعفو مرا دون أن يرفع النواب أيديهم " الكريمة " ، وكانت النائبة شجاعة حين وصفت ما جرى بالمهزلة ، فنحن لا نزال نعيش عصر المهازل الكوميدية بامتياز ، ولكي تكتمل فصول المسرحية خرج علينا محمود المشهداني ليهنئ السنة بقانون العفو ، وابرق نواب الشيعة الى جماهيرهم بهنئونهم بقانون الاحوال الشخصية ، وفي كلتا التهنئتين فان المواطن العراقي لا يدري يضحك ام يبكي ؟ .
كوميديو مجلس النواب مثل كوميديي مجالس النواب التي تعتمد على الصوت العال وتغيب فيها القوانين التي تهم الناس . ويجب أن نتذكر في هذا المكان عميد الكوميديا العراقية مثنى السامرائي الذي وصف جلسة مجلس النواب الاخيرة بانها تاريخية ، ولو تسنى لنا لرشحنا السامرائي للجلوس على عرش الكوميدا العربية ، ربما يخطف لقب " كشكش بك " من عميد الكوميدا العربية العراقي نجيب الريحاني الذي شرح قبل مئة عام ، في كلمات معبرة احوال وصفات اصحاب الكلمات المنمقة وخطبهم التي ليست : " إلا لهوا ولعبا وتجارة، يمارسها البعض للضحك بها على عقول السذج وقاصري الإدراك" .
توفي نجيب الريحاني عام 1949. ومنذ ذلك الوقت وهو يتربع على عرش الضحك الصافي والنبيل ، وهو ضحك لا يشبه ما يجري في مجلس النواب العراقي .
الطفل الذي ولد في حي باب الشعريَّة بِمدينة القاهرة عام 18889، لِأب عراقي مسيحي من مدينة الموصل يُدعى " إلياس ريحانة" ، استقر به الحال في القاهرة لِيتزوج امرأةً من صعيد مصر أنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب .. ورغم مرور اكثر من 75 عاما على رحيله فان كتاب تاريخ المسرح وفنون الكوميديا ، لا يزالون يعتبرون ابن الرجل الموصلي ، كبير صناع الكوميديا والسخرية في بلادنا العربية . في تحليله لظاهرة نجيب الريحاني يكتب يحيى حقي : "لا أريد أن أتحدث عن منشأ الريحاني وعشيرته التي ينتمي إليها أصله، وقدرتها على الاندماج في مصر أو قدرة ثرى مصر على استيعابها، فقد أصدر شعب مصر السخي الكريم حكمه، فلا نقض له ولا استئناف، ارتضى أن يحتضن الريحاني وأن ينزله عنده منزلة الأبناء.
اتخيل احيانا لو ان نجيب الريحاني قرر ان يصنع فيلما عن احوال اهله الاصليين في بلاد الرافدين، وهم يعيشون زمن ديمقراطية المالكي والمشهداني .. سيسخر بالتأكيد من شعارات الاصلاح والتنمية ، ويقدم لنا مشهدا كوميديا عن المواطن المغلوب على امره ، وهو يحاول ان يتناول وجبة غداء مليئة بشعارات الانتخابات البراقة.