بغداد / سوزان طاهر
أصبحت مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان من المشاكل التي تتجدد شهريا، وسط غياب الحلول، التي تنهي الأزمة من جذورها.
ومنذ أشهر وأزمة رواتب إقليم كردستان تتصدر المشهد السياسي وحديث الشارع العراقي، والتي كشفت أبعاداً أكثر من كون القضية تتعلق بعجز راتب شهر واحد بل أصبحت رمزا للخلل في العلاقة بين الإقليم والمركز.
وعادت الأزمة مجدداً، بعد تهديد حكومة إقليم كردستان بالانسحاب من العملية السياسية في بغداد، في ظل الاتهامات التي وجهها المتحدث باسم الحكومة بيشوا هورامي إلى الحكومة الاتحادية بالتنصل عن الاتفاقات، وعدم الالتزام بقانون الموازنة.
وبعد مرور اسبوع على زيارة رئيس إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى العاصمة بغداد، لبحث الملفات العالقة والتي تصدرتها أزمة الرواتب ومستحقات الإقليم، زار وفد من حكومة الإقليم برئاسة وزير المالية آوات شيخ جناب العاصمة لاستكمال تلك المباحثات.
وخلال زيارة وفد حكومة اقليم كوردستان الى بغداد، تقرر تشكيل لجنة مشتركة بين وزارتي المالية في الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.
وجاء بيان صادر عن وزارة المالية في حكومة الإقليم إنه "خلال اجتماع وفدي حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحادية تقرر تشكيل فريق مشترك من الوزارتين، والفريق المشترك سيباشر أعماله في وزارة مالية الاقليم، وسيقوم بالتحضير لاجتماع بين الوزارتين مطلع الاسبوع المقبل، لبحث مهام والتزامات الجانبين خلال العام 2025".
أبرز النتائج
وكشف المستشار الاقتصادي هفيدار شعبان عن فحوى الاجتماعات التي عقدها وفد حكومة إقليم برئاسة وزير المالية آوات شيخ جناب، مع وزيرة المالية الاتحادية طيف سامي.
وبين في حديثه لـ(المدى) إلى أن "المباحثات كانت إيجابية، وتم الاتفاق إرسال حكومة الإقليم 50% من العائدات للإيرادات الداخلية شهرياً، ومن دون انقطاع وتسليمها إلى بغداد".
وأضاف أن "وزيرة المالية طيف سامي طلبت من وفد الإقليم إرسال أسماء موظفي كردستان، وكل شخص يمتلك البطاقة البايومترية، كما طلبت تخفيض سن التقاعد في الإقليم إلى 60 عاماً، وعدم إضافة أي تعيينات إلا بعد استشارة وزارة المالية الاتحادية، وضمان التخصيص المالي".
كما أشار إلى أنه "تم الاتفاق على بدء توطين الرواتب، على أن تقوم وزارة المالية الاتحادية بإرسال وفد من ديوان الرقابة الاتحادي إلى كردستان لإجراء تدقيق آخر على قوائم الموظفين والعائدات المالية، وبعدها تقوم بغداد بتمويل رواتب شهر كانون الثاني".
الاتفاق ليس مستحيلاً
إلى ذلك علق وكيل وزير المالية الاتحادي الأسبق فاضل نبي على استمرار الخلافات بخصوص أزمة رواتب موظفي الإقليم.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "غياب الثقة بين الطرفين، هو ما تسبب باستمرار الأزمة كل شهر، وحلها بسيط، عبر اعتماد أسماء الموظفين وقوائم التي سلمها الإقليم، وقيام بغداد بوضع الشروط والتعليمات التي تريدها، على أن يكون هنالك ضامن لأي اتفاق واجتماعات تحصل بين الطرفين".
وذكر بأن "المتضرر الأكبر من أزمة الرواتب هو المواطن الكردي، الذي يدفع الخلافات السياسية والفنية بين بغداد وأربيل، وعدم حصول اتفاق بين الجانبين، وهذا الأمر سبب عطلاً لكل مفاصل الحياة في الإقليم".
تعديل سن التقاعد
في سياق متصل فقد كشف عضو مصدر مطلع عن شروط وزارة المالية الاتحادية لضمان إرسال رواتب الموظفين في الإقليم.
المصدر قال في حديثه لـ(المدى) إن "وزيرة المالية طيف سامي وافقت على إرسال الرواتب وتمويل المبالغ، ولكل شهر واحد، وترى بعدها مدى التزام حكومة الإقليم بالاتفاقات والشروط".
وأوضح أن "أهم شروط وزارة المالية من الإقليم هي، إرسال موازين المراجعات شهريا وفي وقتها المحدد، فضلا عن المباشرة بتوطين رواتب الموظفين، كما أنه يجب أن يكون لكل موظف UPN خاص به، وأولئك الذين ليس لديهم UPN وليس لديهم بايومتري لن يحصلوا على رواتبهم".
وبهدف حل مشكلة قوائم رواتب شهر كانون الثاني 2025، فقد زار وفد فني من وزارة المالية العراقية بزيارة أربيل لإعداد قوائم رواتب شهر كانون الثاني وتعديل قائمة رواتب المتقاعدين ولاسيما من يبلغون من العمر 60 عاما مما يعني إحالة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم (60 و61 و62 و63) إلى التقاعد في فترة زمنية قصيرة، لأن سن التقاعد في الإقليم كان في السابق هو(63) عاماً.
وتستمر أزمة الرواتب في إقليم كردستان مع بداية العام 2025، بإثارة الجدل وقلق المواطنين، حيث باتت هذه القضية محور مطالبات شعبية لحلها بشكل جذري، وتتركز الدعوات على حسم مصير راتب شهر كانون الأول/ ديسمبر لعام 2024 الذي لم يتم صرفه بعد، في ظل انعكاسات خطيرة على حياة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، وسط تأكيدات بأن الحل يكمن في التزام كل من بغداد وأربيل بقرارات المحكمة الاتحادية وتجنيب المواطنين نتائج الصراعات السياسية المستمرة منذ سنوات.
واشترطت حكومة إقليم كردستان، في 16 كانون الثاني يناير الجاري، تسليم إيراداتها الداخلية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد مقابل تسلمها كافة استحقاقاتها من الموازنة وليس الرواتب فقط، جاء ذلك بعد استعراض لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.
أطراف سياسية تعمل ضد الاتفاق
من جانب آخر اتهم عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صبحي المندلاوي أطرافاً سياسية بمحاولة خنق إقليم كردستان، والضرر بحكومة الإقليم.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) أنه "من غير المعقول استمرار هذه الأزمة شهرياً وتكرارها، خاصة وأن الإقليم سلم جميع القوائم، وكل ما طلبته بغداد، وكل هنالك أطرافاً سياسية تريد تجويع الموظفين في الإقليم، ولا ترغب بالتوصل لأي اتفاق ينهي الأزمة، وكل ما نفذنا طلباً، خرجوا بمطالب أخرى، وهذا فيه ظلم كبير، وتجني، ولا يجب استمرار هذه الأزمة، ومخالفة قرار المحكمة الاتحادية، التي رفضت تأخير صرف رواتب موظفي كردستان".
وتابع أنه "نأمل أن تنهي زيارة وفد حكومة كردستان إلى بغداد، مشكلة الرواتب، وتلتزم وزارة المالية الاتحادية بالاتفاقات، ولكننا معتقد بأن بعض العراقيل ستبقى قائمة، مهما التزم الإقليم بالشروط".
وأبدى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني عدم رضى حكومة الإقليم بسياسة بغداد في التعامل معهم، قائلا “إننا على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول وعلينا جميعا أن نكون ممثلين حقيقيين لشعب كردستان، وندافع عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان”، مؤكدا أنه “يجب أن نكون متحدين حتى تدرك بغداد أننا جادون بشأن حقوقنا الدستورية والمالية، لأن شعب كردستان لا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة”.