بغداد / محمد العبيدي
تسعة أشهر فقط عن انتهاء المدة القانونية لمجلس النواب العراقي وفق الدستورية، ليبدأ سباق انتخابي محفوف بالغموض وسط قانون غير محسوم وصراعات سياسية تعمّق الانقسامات.
وسجلت الدورة البرلمانية الحالية سابقة في تقلباتها، إذ شهدت تغييرات متلاحقة في المواقع القيادية، وتبدلات فرضتها التوازنات المتحركة، بينما بقيت التحالفات على صفيح ساخن، ورغم التوقعات ببقاء التغييرات في إطارها الجزئي دون المساس بالهيكلة العامة للأحزاب الكبرى، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد تطورات كبيرة تعيد رسم الخارطة بناء على المتغيرات الداخلية والخارجية.
وأكد عضو ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، أنه "لن يحدث تغيير كبير في شكل التحالفات السياسية في الانتخابات المقبلة، كون التغيير لم يطرأ على الأحزاب أو قياداتها العامة، لذا فإن التعديلات المتوقعة ستكون فرعية وليست على مستوى الهيكلة العامة".
وأضاف اللامي، في تصريح لـ(المدى)، أن "الأحداث في سوريا وغزة ستُلقي بظلالها على شكل التحالفات السياسية في العراق بشكل ضمني"، مشيرًا إلى أن "غياب التيار الصدري في المرحلة الحالية يمثل ثلمة في العملية السياسية ويؤثر بشكل كبير على وضع العراق وهويته الإسلامية".
ولفت إلى أن "الأحزاب السنية لا يمكنها الانفكاك عن الأحزاب الشيعية، كون الأخيرة تمتلك زمام الحاكمية على العملية السياسية بحكم الأغلبية، وهذا انعكس على توزيع المناصب، مثل رئاسة البرلمان والوزارات التي تعد من استحقاق الأحزاب السنية".
القانون الانتخابي
ويؤكد مختصون أن تشكيل التحالفات السياسية سيكون مرتبطًا بشكل وثيق بطبيعة القانون الانتخابي والتفاهمات التي ستتوصل إليها الكتل المختلفة.
ومنذ عام 2003، شهد العراق تبدلات مستمرة في قوانينه الانتخابية، حيث أُقرّ ستة قوانين مختلفة، بدءًا من المرحلة الانتقالية التي اعتمد فيها نظام الدائرة الانتخابية الواحدة مع القوائم المغلقة.
وفي عام 2005، صدر القانون رقم 16، الذي حافظ على نظام القوائم المغلقة واعتمد آلية القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، مقسِّمًا العراق إلى 18 دائرة انتخابية تمثل المحافظات، حيث بقي هذا النظام ساريًا حتى عام 2010، حين أُدخلت تعديلات سمحت بالتحول إلى القوائم شبه المفتوحة، في محاولة لمنح الناخبين مزيدًا من الحرية في اختيار ممثليهم ضمن القوائم الانتخابية.
من جانبه، أكد المحلل السياسي، جاسم الغرابي أن "المرحلة المقبلة ستحمل مفاجآت كثيرة، خاصة فيما يتعلق بالمشاكل داخل بعض الأحزاب، وكذلك الخلافات المستمرة بين المحكمة الاتحادية وبعض الأحزاب الكردية، والتي قد تكون لها تداعيات خطيرة على الانتخابات المقبلة والتحالفات المستقبلية".
وأضاف الغرابي، لـ(المدى)، أن "احتمالية مشاركة التيار الصدري في الانتخابات المقبلة قد تقلب النتائج رأسًا على عقب، ما يجعل التوقعات صعبة للغاية"، لافتًا إلى أن "التحالفات قد تشهد بروز المستقلين بقوة، نظرًا لأن المشهد السياسي في العراق تحكمه المصالح، وجميع الكتل والأحزاب تتبنى نهجًا براغماتيًا، كما أن الأحداث الإقليمية سيكون لها انعكاسات مباشرة على الوضع السياسي الداخلي".
قوة أم ضعف؟
ويُنظر لقرار الكتل السياسية بشأن خوض الانتخابات ضمن قوائم موحدة أو منفصلة على أنه يعكس حسابات دقيقة تتعلق بموازين القوة والتأثير الجماهيري، فاللجوء إلى التحالف ضمن قائمة واحدة قد يكون إقراراً ضمنياً بضعف القاعدة الانتخابية لكل طرف على حدة، ما يدفع هذه القوى إلى البحث عن ضمانات أخرى عبر التكتل لتحقيق عدد مقاعد مؤثر في البرلمان.
وفي المقابل، فإن اختيار بعض الكتل خوض الانتخابات بشكل منفصل قد يحمل دلالة مختلفة، تعكس ثقة بعض الأحزاب بقدرتها على حصد الأصوات دون الحاجة إلى تحالفات، وهو ما قد ينبع من شعور هذه القوى بامتلاكها قاعدة جماهيرية تمنحها فرصة المنافسة بقوة.
وكان مجلس الوزراء العراقي خصص مبلغ 400 مليار دينار تقريبًا لتمويل انتخابات مجلس النواب لعام 2025، عبر تعديل تقديرات الموازنة وإدراج المبلغ ضمن النفقات السيادية، وهو ما يعطي مؤشرًا على وجود اندفاع سياسي واضح نحو إجراء الانتخابات في موعدها.
9 أشهر تفصل العراق عن اقتراع 2025.. من يفرض كلمته على خارطة التحالفات؟

نشر في: 2 فبراير, 2025: 12:38 ص